وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين
73 - وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا ؛ المراد سوق مراكبهم؛ لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين؛ إلى دار الكرامة والرضوان؛ كما يفعل بمن يكرم؛ ويشرف من الوافدين على بعض الملوك؛ حتى إذا جاءوها ؛ هي التي تحكى بعدها الجمل؛ والجمل المحكية بعدها هي الشرطية؛ إلا أن جزاءها محذوف؛ وإنما حذف لأنه في صفة ثواب أهل الجنة؛ فدل بحذفه على أنه شيء لا يحيط به الوصف؛ وقال تقديره: "حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين؛ دخلوها"؛ فحذف "دخلوها"؛ لأن في الكلام دليلا عليه؛ وقال قوم: "حتى إذا جاءوها جاءوها وفتحت أبوابها"؛ فعندهم "جاءوها"؛ محذوف؛ والمعنى: "حتى إذا جاءوها وقع مجيئهم مع فتح أبوابها"؛ وقيل: أبواب جهنم لا تفتح إلا عند دخول أهلها فيها؛ وأما أبواب الجنة فمتقدم فتحها؛ لقوله (تعالى): الزجاج: جنات عدن مفتحة لهم الأبواب ؛ فلذلك جيء بالواو؛ وكأنه قال: "حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها"؛ طبتم ؛ من دنس المعاصي؛ وطهرتم من خبث الخطايا؛ وقال أي: كنتم طيبين في الدنيا؛ ولم تكونوا خبيثين؛ أي: لم تكونوا أصحاب خبائث؛ وقال الزجاج: - رضي الله عنه -: "طاب لكم المقام"؛ وجعل دخول الجنة مسببا عن الطيب؛ والطهارة؛ لأنها دار الطيبين؛ ومثوى الطاهرين؛ قد طهرها الله من كل دنس؛ وطيبها من كل قذر؛ فلا يدخلها إلا مناسب لها؛ موصوف بصفتها .
ابن عباس