وإذا فهذه المسألة على أربعة أوجه وقد بيناها في كتاب العارية فالإجارة في ذلك كله قياس العارية إلا أن في كل موضع ذكرنا هناك أنه لا يصير ضامنا فالأجر واجب عليه هنا وفي كل موضع ذكرنا هناك أنه يكون ضامنا فلا أجر عليه هنا ; لأنه غاصب غير مستوف للمعقود عليه فإن المقصود عليه يختلف باختلاف المحمول ، وإن سمى ما يحمل على الدابة فحمل عليها غير ذلك الكوفة إلى القصر بعشرة دراهم وقال المستأجر بل إلى بغداد بعشرة دراهم ولم يركبها تحالفا وترادا ; لأن الإجارة في احتمال الفسخ قبل استيفاء المنفعة كالبيع فالنص الوارد بالتحالف في البيع يكون واردا في الإجارة ، وإن أقام البينة ففي قول اختلفا فقال رب الدابة أكريتك من الأول رحمه الله يقضي أبي حنيفة بالكوفة إلى بغداد بخمسة عشر درهما وهو قول رحمه الله ، ثم رجع وقال إلى زفر بغداد بعشرة دراهم وهو قول أبي يوسف رحمهما الله وجه قوله الأول أن رب الدابة أثبت ببينته العقد من ومحمد الكوفة إلى القصر بعشرة دراهم فوجب القضاء بذلك ببينته والمستأجر ببينته أثبت العقد من القصر إلى بغداد بخمسة دراهم فوجب قبول بينته على ذلك فإذا عملنا بالبينتين كانت له من الكوفة إلى بغداد بخمسة عشر درهما وجه قوله الآخر أنهما اتفقا على مقدار الأجر وإنما اختلفا في مقدار المعقود عليه فالمستأجر يثبت الزيادة في ذلك فكانت بينته أولى بالقبول كما لو أقام المستأجر البينة أنه زاده عقبه الأجير في الكراء إلى مكة .