وإذا لم تجز القسمة ; لأنه لا ولاية لهم على الغائب والصغير والظاهر أن نظرهم لأنفسهم في هذه القسمة فوق نظرهم للغائب والصغير بخلاف القاضي إذا قسم بينهم فله ولاية النظر على الصبي والغائب ، والظاهر أنه ينظر له شفقة لحق الدين بعجزه عن النظر لنفسه ، وكذلك لو اقتسموها بأمر صاحب الشرط أو عامل غير القاضي كالعامل على الرستاق أو الطسوج على الخراج أو على المعونة ; لأنه لا ولاية لهؤلاء على الغائب والصغير فوجود أمرهم كعدمه ، وكذلك لو رضوا بحكم بعض الفقهاء فسمع من بينهم على الأصل والميراث ، ثم قسمها بينهم بالعدل وفيهم صغير لا وصي له أو غائب لا وكيل له لم تجز ; لأن الحكم لا ولاية له على الغائب والصبي ; فإنه صار حكما بتراضي الخصوم فيقتصر ولايته على من وجد منه الرضا بحكمه فإن اقتسم القوم القرية وهي ميراث بغير قضاء قاض وفيهم صغير ليس له وصي أو غائب ليس له وكيل فهو جائز ; لأن هذا العقد مجيزا حال وقوعه . أجاز الغائب أو [ ص: 36 ] كبر الصبي فأجاز
( ألا ترى ) أن القاضي لو أجاز جاز وهو نظير ما لو باع إنسان مال الصبي فكبر الصبي وأجاز ذلك ، وإن مات الغائب أو الصغير فأجاز وارثه لم يجز في القياس وهو قول رحمه الله ; لأن الملك حادث للورثة فلا تعمل إجازة الوارث كما لو باع إنسان ماله وأجاز وارثه بعد موته البيع لم يجز ذلك لهذا المعنى وفي الاستحسان يجوز وهو قولهما ; لأن الوارث يخلف المورث فإجازته بعد موته كإجازة المورث في حياته وحرف الاستحسان وبه يتضح الفرق بين هذا وبين سائر التصرفات أن الحاجة إلى القسمة قائمة بعد موت المورث كما كان في حياته فلو نقضت تلك القسمة احتيج إلى إعادتها في الحال بتلك الصفة محمد
وإنما تكون إعادتها برضى الوارث فلا فائدة في نقضها مع وجود الإجازة منه لتعاد برضاه بخلاف البيع فإنا لو نقضنا ذلك البيع عند الموت لا تقع الحاجة إلى إعادته فالبيع لا يكون مستحقا في كل عين لا محالة ; فلهذا لا يعمل إجازة الوارث فيه بعد تعين جهة البطلان فيه بموت المورث والله أعلم .