2193 - مسألة : ؟ قال بأي شيء يكون الضرب في الحد رحمه الله : أما أهل الرأي ، والقياس ، فإنهم قالوا : الحدود كلها بالسوط ، إلا أبو محمد رحمه الله قال : إلا الخمر ، فإنه يجلد فيها بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جلد فيها الشافعي
قال رحمه الله : احتج من رأى الجلد بالسوط ولا بد في الحدود : بما أنا أبو محمد حمام أنا أنا ابن مفرج أنا ابن الأعرابي الدبري أنا أنا عبد الرزاق عن [ ص: 84 ] معمر قال { يحيى بن أبي كثير } وذكر الخبر جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي ؟ فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بسوط ، فأتي بسوط جديد عليه ثمرته ، قال : لا ، سوط دون هذا ؟ فأتي بسوط مكسور العجز ، فقال : لا ، سوط فوق هذا ؟ فأتي بسوط بين السوطين ، فأمر به فجلد
وعن { زيد بن أسلم } وذكر باقي الخبر أن رجلا اعترف على نفسه بالزنى ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط ، فأتي بسوط مكسور ، فقال : فوق هذا ، فأتي بسوط جديد لم تقطع ثمرته ، فقال : بين هذين ، فأتي بسوط قد ركب به ولان ، فأمر به فجلد
حدثنا عبد الله بن ربيع أنا أنا ابن مفرج أنا قاسم بن أصبغ أنا ابن وضاح سحنون أنا عن ابن وهب مخرمة بن بكير عن أبيه قال : سمعت عبيد الله بن مقسم يقول : سمعت كريبا مولى ابن عباس يحدث أو يحدث عنه قال { أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف على نفسه بالزنى ، ولم يكن الرجل أحصن ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم سوطا فوجد رأسه شديدا فرده ، ثم أخذ سوطا آخر فوجده لينا ، فأمر به فجلد مائة }
وعن قال : أتي أبي عثمان النهدي في حد - ما أدري ما ذلك الحد - فأتي بسوط فيه شدة ، فقال : أريد ما هو ألين فأتي بسوط لين ، فقال : أريد أشد من هذا ، فأتي بسوط بين السوطين فقال : اضرب ولا يرى إبطك عمر بن الخطاب
وعن قال : أتي أبي عثمان النهدي في حد فأتي بسوط ، فهزه فقال : ائتوني بسوط ألين من هذا ، فأتي بسوط آخر ، فقال ائتوني بسوط أشد من هذا ، فأتي بسوط بين السوطين ، فقال : اضرب ولا يرى إبطك ، وأعط لكل عضو حقه عمر بن الخطاب
قال رحمه الله : ما نعلم لهم شبهة غير ما ذكرنا : أما الآثار - في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرسلة كلها ، ولا حجة في مرسل ، وأضعفها حديث أبو محمد مخرمة بن بكير ، لأنه منقطع في ثلاثة مواضع ، لأن سماع مخرمة من [ ص: 85 ] أبيه لا يصح ، وشك ابن مقسم أسمعه من أم بلغه عنه ؟ ثم هو عن كريب مرسل كريب
ثم لو صح لما كان لهم في شيء منها حجة ، لأنه ليس في شيء منها : أن لا تجلد الحدود إلا بسوط هذه صفته ، وإنما فيه : أن الحدود جائز أن يضرب بسوط هذه صفته فقط ، وهذا أمر لا نأباه - فسقط تعلقهم بالآثار المذكورة
وأما الأثر : عن رضي الله عنه فصحيح إلا أنه لا حجة لهم فيه ، ولا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر
فلما سقط كل ما شغبوا به نظرنا فيما يجب في ذلك فوجدنا الله تعالى يقول في الزاني والزانية { فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } إلى قوله تعالى { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين }
وقال تعالى { فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب }
وقال عليه السلام { } على ابنك جلد مائة وتغريب عام
وقال تعالى في القاذف { فاجلدوهم ثمانين جلدة }
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها
وقال عليه السلام { } إذا شرب فاجلدوه
ونهى عليه السلام أن يجلد أكثر من عشر جلدات في غير حد ، فأيقنا يقينا لا يدخله شك : أن الله تعالى لو أراد أن يكون الجلد في شيء مما ذكرنا بسوط دون سوط لبينه لنا على لسان رسوله عليه السلام في القرآن ، وفي وحي منقول إلينا ثابت ، كما بين ، وكما بين حضور طائفة من المؤمنين للعذاب في ذلك ، فإذ لم يفعل ذلك تعالى فبيقين ندري أن الله تعالى لم يرد قط أن يكون الضرب في الحدود بسوط خاصة ، دون سائر ما يضرب به ، فإذ ذلك كذلك فالواجب أن يضرب الحد في الزنى والقذف بما يكون الضرب به على هذه الصفة ، بسوط ، أو بحبل من شعر ، أو من كتان ، أو من قنب ، أو صوف ، أو حلفاء ، وغير ذلك ، أو تفر ، أو قضيب من خيزران ; أو غيره ، إلا الخمر ، فإن الجلد فيها على ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 86 ] صفة الضرب في الزنى
كما روينا من طريق أنا مسلم أنا محمد بن المثنى معاذ بن هشام - هو الدستوائي - أنا عن قتادة { أنس بن مالك } أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد ، والنعال
ومن طريق أنا البخاري أنا قتيبة بن سعيد أبو ضمرة أنس بن عياض عن يزيد بن الهادي عن محمد بن إبراهيم عن عن أبي سلمة قال { أبي هريرة : فمنا الضارب بيده ، والضارب بنعله ، والضارب بثوبه أبو هريرة } وذكر الحديث : أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب فقال اضربوه قال
قال رحمه الله : فالجلد في الخمر خاصة يكون بالجريد ، والنعال ، والأيدي ، وبطرف الثوب ، كل ذلك ، أي ذلك رأي الحاكم فهو حسن ، ولا يمتنع عندنا أن يجلد في الخمر أيضا بسوط لا يكسر ، ولا يجرح ، ولا يعفن لحما : كما روينا من طريق أبو محمد أنا مسلم أنا أحمد بن عيسى أخبرني ابن وهب عن عمرو بن الحارث قال : بينما نحن عند بكير بن الأشج إذ جاء سليمان بن يسار عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله فحدثه فأقبل علينا فقال : حدثني عبد الرحمن بن جابر عن أبيه عن أبي بردة الأنصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { } فاقتضى هذا أن الضرب بالسوط جائز في كل حد ، وفي التعزير ، وضرب الخمر - وبالله تعالى التوفيق لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى