( 8500 ) مسألة ; قال : ( ومن ادعى دابة في يد رجل ، فأنكر ، وأقام كل واحد منهما بينة ، حكم بها للمدعي ببينته ، ولم يلتفت إلى بينة المدعى عليه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بسماع بينة المدعي ويمين المدعى عليه ، وسواء شهدت بينة المدعى عليه أنها له ، أو قالت : ولدت في ملكه عليه ) وجملة ذلك أن من ، فإن بينة المدعي تسمى بينة الخارج ، وبينة المدعى عليه تسمى بينة الداخل ، وقد اختلفت الرواية عن ادعى شيئا في يد غيره ، فأنكره ، ولكل واحد منهما بينة ، فيما إذا تعارضتا ، فالمشهور عنه تقديم بينة المدعي ، ولا تسمع بينة المدعى عليه بحال . وهذا قول أحمد إسحاق .
وعنه ، رواية ثانية ، إن شهدت بينة الداخل بسبب الملك ، وقالت : نتجت في ملكه ، أو اشتراها ، أو نسجها . أو كانت بينته أقدم تاريخا ، قدمت ، وإلا قدمت بينة المدعي . وهو قول أبي حنيفة ، في النتاج والنساج ، فيما لا يتكرر نسجه ، فأما ما يتكرر نسجه ، كالصوف والخز ، فلا تسمع بينته ; لأنها إذا شهدت بالسبب ، فقد أفادت ما لا تفيده اليد ، وقد روى وأبي ثور ، { جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم اختصم إليه رجلان في دابة أو بعير ، فأقام كل واحد منهما البينة بأنها له ، أنتجها ، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي هي في يده . } وذكر ، رواية ثالثة ، أن بينة المدعى عليه تقدم بكل حال . وهو قول أبو الخطاب ، شريح والشعبي ، والنخعي والحكم ، والشافعي . وقال : هو قول أهل وأبي عبيد المدينة ، وأهل الشام .
وروي عن وأنكر طاوس كون هذا رواية عن القاضي ، وقال : لا تقبل بينة الداخل إذا [ ص: 244 ] لم تفد إلا ما أفادته يده ، رواية واحدة . واحتج من ذهب إلى هذا القول بأن جنبة المدعى عليه أقوى ; لأن الأصل معه ، ويمينه تقدم على يمين المدعي ، فإذا تعارضت البينتان ، وجب إبقاء يده على ما فيها ، وتقديمه ، كما لو لم تكن بينة لواحد منهما . وحديث أحمد يدل على هذا ، فإنه إنما قدمت بينته ليده . جابر
ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { } . فجعل جنس البينة في جنبة المدعي ، فلا يبقى في جنبة المدعى عليه بينة ، ولأن بينة المدعي أكثر فائدة ، فوجب تقديمها ، كتقديم بينة الجرح على التعديل . ودليل كثرة فائدتها ، أنها تثبت شيئا لم يكن ، وبينة المنكر إنما تثبت ظاهرا تدل اليد عليه ، فلم تكن مفيدة ، ولأن الشهادة بالملك يجوز أن يكون مستندها رؤية اليد والتصرف ، فإن ذلك جائز عند كثير من أهل العلم ، فصارت البينة بمنزلة اليد المفردة ، فتقدم عليها بينة المدعي ، كما تقدم على اليد ، كما أن شاهدي الفرع لما كانا مبنيين على شاهدي الأصل ، لم تكن لهما مزية عليهما . ( 8501 ) فصل : وأي البينتين قدمناها ، لم يحلف صاحبها معها . البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه
وقال ، في أحد قوليه : يستحلف صاحب اليد ; لأن البينتين سقطتا بتعارضهما ، فصارا كمن لا بينة لهما ، فيحلف الداخل كما لو لم تكن لواحد منهما بينة . ولنا ، أن إحدى البينتين راجحة ، فيجب الحكم بها منفردة ، كما لو تعارض خبران ، خاص وعام ، أو أحدهما أرجح بوجه من الوجوه ، ولا نسلم أن البينة الراجحة تسقط ، وإنما ترجح ، ويعمل بها ، وتسقط المرجوحة . الشافعي