الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 302 ] فصل : وإذا أعتق في مرض موته ثلاثة لا يملك غيرهم ، أو واحدا منهم غير معين ، فمات أحدهم ، أقرعنا بين الميت والأحياء ، فإن وقعت على الميت ، حسبناه من التركة ، وقومناه حين الإعتاق ، سواء مات في حياة سيده ، أو بعده قبل القرعة . وبهذا قال الشافعي وقال مالك : إن مات قبل موت سيده ، أقرعنا بين الحيين لأنهما جميع التركة ولهذا لا يعتق إلا ثلثهما ، ولا يعتبر الميت ; لأنه ليس بمحسوب من التركة ، ولأنه لو أعتق الحيين بعد موته ، لأعتقنا ثلثهما .

                                                                                                                                            ولنا أن الميت أحد المعتقين ، فوجب أن يقرع بينه وبينهم ، كما لو مات بعد سيده ، ولأن المقصود تكميل الأحكام ، وحصول ثواب العتق ، ويحصل هذا في الميت ، فوجب أن يدخل في القرعة ، كما لو مات بعد سيده . فأما إن وقعت القرعة على الحي ، نظرنا في الحي ; فإن كان الميت مات قبل موت السيد أو بعده قبل قبض الوارث له ، لم نحسبه من التركة ; لأنه لم يصل إلى الوارث ، فتكون التركة الحيين ، فيخرج ثلثهما ممن وقعت عليه القرعة وتعتبر قيمته حين الإعتاق ; لأنه حين إتلافه ، وتعتبر قيمة التركة بأقل الأمرين من حين الموت إلى حين قبض الوارث ; لأن الزيادة فائدة تجددت على ملك الوارث ، فلا تحسب عليه من التركة ، والنقصان قبل القبض لم يحصل له ، ولم ينتفع به ، فأشبه الشارد والآبق ، وإنما يحسب عليه ما حصل في يده ، ولا يحسب الميت من التركة ; لأنهما إلى الورثة فيكمل ثلث الحيين ممن وقعت عليه القرعة .

                                                                                                                                            وإن كان موته بعد قبض الورثة ، حسب من التركة ; لأنه وصل إليهم ، وجعلناه كالحي ، في تقويمه معهم والحكم بإعتاقه إن وقعت عليه القرعة ، أو من الثلثين إن وقعت القرعة على غيره ، وتحسب قيمته بأقل الأمرين من حين موت سيده إلى حين قبضه . ونحو هذا قال الشافعي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية