[ ص: 430 ] الفصل الرابع : إذا كان أو سبع يخاف أنه إن طلبه انقطع عن رفقته أو ضياع أهله أو ماله أو شرود دوابه ، جاز له التيمم إذا كان للخوف سبب مظنون ، وإن لم يعلم وجوده ، " فأما إن كان جنبا لزمه الوضوء " " ولو " رأى سوادا فظنه عدوا أو سبعا فتيمم وصلى ثم تبين بخلافه ، فلا إعادة في أقوى الوجهين لكثرة البلوى بذلك ، بخلاف صلاة الخوف فإن لم ( ير ) شيئا وقد دله على الماء ثقة لزمه طلبه ، قولا واحدا ، كما لو تيقنه ؛ لأن الماء غلب هنا الظن وجوده ، ثم لا يخلو إما أن يكون المكان قريبا أو بعيدا أو على التقديرين ، فأما أن يمكنه الوضوء منه والصلاة في الوقت وقت الاختيار ، أو يخاف إن طلبه أن يفوت الوقت ، فأما إن كان قريبا ويمكنه الصلاة به في الوقت لزمه قصده قولا واحدا ، وإن كان بعيدا يخشى إن طلبه يفوت الوقت لم يجب عليه طلبه ، ولم يجز له تأخير الصلاة حتى تفوت ، قولا واحدا ، وإن كان بعيدا لا يمكنه الصلاة به في الوقت من غير ضرر ولا مشقة كثيرة بأن يكون في طريقه أو مقصده ، وجب قصده أيضا في إحدى الروايتين ؛ لأنه قادر على تأدية فرضه بالماء في الوقت من غير ضرر ، فأشبه القريب . يخاف على نفسه أو ماله في طلبه بأن يكون بينه وبين الماء عدو
والرواية الثانية : لا يجب قصده ولا تأخير الصلاة بل يصلي بالتيمم ، هذا هو المشهور في المذهب ، لما احتج به الإمام أحمد عن " أنه تيمم على رأس ميل أو ميلين من ابن عمر المدينة فصلى العصر فقدم والشمس مرتفعة فلم يعد الصلاة " .
[ ص: 431 ] وعنه أيضا " أنه تيمم بمربد النعم وهو على ثلاثة أميال من المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد " رواهما ، ورواه مرفوعا أيضا ، ولأنه به حاجة إلى تعجيل الصلاة في أول الوقت لبراءة ذمته فلم يجب عليه تأخيرها ، وطرد ذلك أن يقال فيمن عجز عن بعض الشرائط والأركان في أول الوقت وعلم أنه يقدر عليه في آخره ، أن له أن يصلي بحسب حاله ، ولأن سبب الرخصة قائم في الحال فيثبت به وإن تيقن زواله في ( الحال ) كالقصر في سفر يعلم أنه يقدم منه قبل خروج الوقت . الدارقطني
وإن أو تشاغل بالوضوء ، أو كان الواردون عليه كثيرا لا تنتهي إليه النوبة حتى يخرج الوقت ، أو كان في بئر إن اشتغل بالاستقاء ونحوه خرج الوقت - تيمم في أحد الوجهين ؛ لأن فرضه كان هو التيمم ولم يجد الماء على وجه يمكنه الصلاة به في الوقت فاستمر حكم العدم في حقه كما لو علم أنه لا يجده إلا بعد خروج الوقت ، وإن كان الوضوء في الوقت لا أثر له لأن الوقت للصلاة . كان الماء قريبا يخاف فوت الوقت إن قصده
والوجه الثاني : يشتغل بأسباب الوضوء وإن فات الوقت كما لو كان في الحضر ، وإذا خشي دخول وقت الضرورة فهو كما لو خشي خروج الوقت بالكلية ؛ لأنه لا يجوز التأخير إليه إلا لعذر ، فإن أمكنه الوضوء في الوقت فأخر ذلك عمدا حتى خشي الفوات فهو كالحاضر لأن فرضه كان هو الوضوء ، وهل حد القريب [ ص: 432 ] الذي يجب قصد مائه ما يتردد المسافر إليه للرعي أو للاحتكار عادة ، أو الفرسخ فما دونه كالجمعة ، أو الميل فما دونه ؟ على ثلاثة أوجه .