[ ص: 59 ] بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وأعن
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ، الحمد لله العليم الحكيم ، الغفور الرحيم ، العظيم الحليم ، الجواد الكريم الذي عم بريته فضله العميم ، ووسع خليقته إحسانه القديم ، وهدى صفوته إلى صراطه المستقيم ، ونهج شرعته على المنهج القويم ، ووسع كل شيء رحمة وعلما على الإجمال والتقسيم ، ودبر كل شيء قدرة وحكما بالتقدير والتعليم ، ووسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم ، أحمده حمدا يكافئ نعمه ويوافي مزيد التكريم ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالآيات والذكر الحكيم ، ففتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا ، وهدى به من الجهل الصميم ، صلى الله عليه وعلى آله أفضل صلاة وتسليم .
أما بعد فقد تكررت مسألة بعض أصحابنا وصدقت رغبته في شرح كتاب العمدة ، تأليف الإمام الأوحد شيخ الإسلام رضي الله عنه وأرضاه ، وجعل أعلى الفردوس متبوءه ومثواه ، شرحا يفسر مسائلها ويقرب دلائلها ويفرع قواعدها ويتم مقاصدها متوسطا بين الإيجاز والإطناب والإخلال والإسهاب ، فاستخرت الله تعالى وأجمعت ذلك راجيا من الله سبحانه تحقيق محمود الأمل ، وإخلاص صالح العمل ، والإعانة على الإبانة والهداية إلى الدراية ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وما توفيقي إلا بالله ، عليه توكلت وإليه أنيب . أبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي