الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                16220 ( وروى ) الشافعي وغيره عن سفيان بن عيينة ، عن ابن شهاب : أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال لأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - : أليس قد قال رسول الله : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله " . فقال أبو بكر [ ص: 177 ] - رضي الله عنه - : هذا من حقها ، لا تفرقوا بين ما جمع الله . لو منعوني عناقا مما أعطوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاتلتهم عليه .

                                                                                                                                                ( أخبرناه ) أبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي ، ثنا أبو العباس : محمد بن يعقوب ، أنبأ الربيع بن سليمان ، أنبأ الشافعي ، أنبأ سفيان . فذكره ، إلا أنه سقط منه قوله : لا تفرقوا بين ما جمع الله .

                                                                                                                                                ( قال الشيخ الإمام - رحمه الله - ) : واحتج أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في هذا الحديث بشيئين : أحدهما : أن قال : قد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إلا بحقها " . وهذا من حقها . والآخر : أن قال : لا تفرقوا بين ما جمع الله .

                                                                                                                                                ( قال الشافعي ) - رحمه الله - : يعني فيما أرى والله أعلم ، أنه مجاهدهم على الصلاة ، وأن الزكاة مثلها . قال الشافعي : ولعل مذهبه فيه أن الله يقول : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) ، وأن الله فرض عليهم شهادة الحق ، والصلاة ، والزكاة ، وأنه متى منع فرضا قد لزمه ، لم يترك ومنعه حتى يؤديه ، أو يقتل .

                                                                                                                                                ( قال الشيخ ) - رحمه الله - : وأما قول عمر - رضي الله عنه - : فوالله ، ما هو إلا أني رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق . يريد أنه انشراح صدره بالحجة التي أدلى بها ، والبرهان الذي أقامه .

                                                                                                                                                وقال بعض أئمتنا - رحمهم الله - : قد وقع اختصار في رواية هذا الحديث ، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أوجه كثيرة : أنه أمر بالقتال على الشهادتين ، وعلى إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، فأبو بكر الصديق - رضي الله عنه - إنما قاتل مانعي الزكاة بالنص مع ما ذكر من الدلالة ، وعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إنما سلم ذلك له حين قامت عليه الحجة بما روى فيه من النص ، وذكر فيه من الدلالة لا أنه قلده فيه .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية