الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3161 حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن أبي فديك حدثني ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عمرو بن عمير عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من غسل الميت فليغتسل ومن حمله فليتوضأ حدثنا حامد بن يحيى عن سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن إسحق مولى زائدة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه قال أبو داود هذا منسوخ و سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن الغسل من غسل الميت فقال يجزيه الوضوء قال أبو داود أدخل أبو صالح بينه وبين أبي هريرة في هذا الحديث يعني إسحق مولى زائدة قال وحديث مصعب ضعيف فيه خصال ليس العمل عليه [ ص: 337 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 337 ] ( من غسل الميت فليغتسل ) : قال الخطابي : لا أعلم أحدا من الفقهاء يوجب الاغتسال على من غسل الميت ولا الوضوء من حمله ويشبه أن يكون الأمر في ذلك على الاستحباب وقد يحتمل أن يكون المعنى فيه أن غاسل الميت لا يكاد يأمن أن يصيبه نضح من رشاش الغسل ، وربما كان على بدن الميت نجاسة فإذا أصابه نضح وهو لا يعلم مكانه كان عليه غسل جميع بدنه ليكون الماء قد أتى على الموضع الذي أصابه النجس من بدنه ( ومن حمله فليتوضأ ) : قد قيل في معناه أي ليكون على وضوء ليتهيأ له الصلاة على الميت [ ص: 338 ] والله أعلم ، وفي إسناد الحديث مقال قاله الخطابي قال المنذري والحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غسل ميتا فليغتسل ولفظ الترمذي من غسله الغسل ومن حمله الوضوء يعني الميت .

                                                                      وقال الترمذي : حديث حسن ، وقد روي عن أبي هريرة موقوفا هذا آخر كلامه ، وقد روي أيضا من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه وفي إسناده من لا يحتج به .

                                                                      وقد اختلف في إسناد هذا الحديث اختلافا كثيرا . وقال أحمد بن حنبل وعلي بن المديني : لا يصح في هذا الباب شيء . وقال محمد بن يحيى : لا أعلم من غسل ميتا [ ص: 339 ] فليغتسل حديثا ثابتا ولو ثبت لزمنا استعماله . وقال الشافعي في البويطي إن صح الحديث قلت بوجوبه . ( بمعناه ) : أي بمعنى حديث عمرو بن عمير ( قال أبو داود هذا ) : أي الغسل من غسل الميت ( منسوخ ) : قال الحافظ في التلخيص : ويدل له ما رواه البيهقي عن الحاكم عن أبي علي الحافظ عن أبي العباس الهمداني الحافظ حدثنا أبو شيبة حدثنا خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال عن عمرو بن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه إن ميتكم يموت طاهرا وليس ينجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم قال البيهقي : هذا ضعيف والحمل فيه على أبي شيبة قلت : أبو شيبة هو إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة . احتج به النسائي ووثقه الناس ومن فوقه احتج بهم البخاري . وأبو العباس الهمداني هو ابن عقدة حافظ كبير إنما تكلموا فيه بسبب المذهب ولأمور أخرى ولم يضعف بسبب المتون أصلا ، فالإسناد حسن ، فيجمع بينه وبين الأمر في حديث أبي هريرة بأن الأمر على الندب ، أو المراد بالغسل غسل الأيدي كما صرح به في هذا . ويؤيد أن الأمر فيه للندب ما روى الخطيب بإسناد صحيح عن نافع عن ابن عمر : " كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل " وهو أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث انتهى ( قال أبو داود أدخل أبو صالح ) : قال في الفتح : روى الترمذي وابن حبان من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة وهو معلول لأن أبا صالح لم يسمعه من أبي هريرة رضي الله عنه انتهى .

                                                                      وقال الحافظ في التلخيص : حديث من غسل ميتا فليغتسل رواه أحمد والبيهقي من [ ص: 340 ] رواية ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوءمة عن أبي هريرة بهذا وزاد : ومن حمله فليتوضأ ، وصالح ضعيف ، ورواه البزار من رواية العلاء عن أبيه . ومن رواية محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، ومن رواية أبي بحر البكراوي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة كلهم عن أبي هريرة .

                                                                      ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث عبد العزيز بن المختار ، وابن حبان من رواية حماد بن سلمة كلاهما عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ورواه أبو داود من رواية عمرو بن عمير ، وأحمد من رواية شيخ يقال له أبو إسحاق كلاهما عن أبي هريرة وذكر البيهقي له طرقا وضعفها ثم قال : والصحيح أنه موقوف . وقال البخاري : الأشبه موقوف . وقال علي وأحمد : لا يصح في هذا الباب شيء نقله الترمذي عن البخاري عنهما .

                                                                      وقال الذهلي : لا أعلم فيه حديثا ثابتا ، ولو ثبت للزمنا استعماله .

                                                                      وقال ابن المنذر : ليس في الباب حديث يثبت . وقال ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه أو عن القاسم بن عباس عن عمرو بن عمير ثم قال : وقوله عن المقبري أصح . وقال الرافعي : لم يصحح علماء الحديث في هذا الباب شيئا مرفوعا . قال الحافظ : قد حسنه الترمذي وصححه ابن حبان وله طريق أخرى من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي ، هريرة رفعه من غسل ميتا فليغتسل ذكره الدارقطني وقال فيه نظر .

                                                                      قال الحافظ : رواته موثقون . وقال ابن دقيق العيد في الإمام : حاصل ما يعتل به وجهان أحدهما من جهة الرجال ولا يخلو إسناد منها من متكلم فيه ثم ذكر ما معناه أن أحسنها رواية سهيل عن أبيه عن أبي هريرة وهي معلولة وإن صححها ابن حبان وابن حزم فقد رواه سفيان عن سهيل عن أبيه عن إسحاق مولى زائدة عن أبي هريرة . قال الحافظ : إسحاق مولى زائدة أخرج له مسلم ، فينبغي أن يصحح الحديث .

                                                                      قال ابن دقيق العيد : وأما رواية محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة فإسناد حسن إلا أن الحفاظ من أصحاب محمد بن عمرو رووه عنه موقوفا انتهى . وفي الجملة هو بكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسنا ، فإنكار النووي على الترمذي تحسينه معترض . وقد قال الذهبي في مختصر البيهقي . طرق هذا الحديث أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء ولم يعلوها بالوقف ، بل قدموا رواية الرفع انتهى . [ ص: 341 ] وفي الباب عن عائشة رواه أحمد وأبو داود والبيهقي وفي إسناده مصعب بن شيبة وفيه مقال ، وضعفه أبو زرعة وأحمد والبخاري ، وصححه ابن خزيمة . وعن حذيفة ذكره ابن أبي حاتم والدارقطني في العلل وقالا إنه لا يثبت .

                                                                      قال الحافظ : ونفيهما الثبوت على طريقة المحدثين . وإلا فهو على طريقة الفقهاء قوي لأن رواته ثقات . انتهى كلام الحافظ من التلخيص ملخصا .




                                                                      الخدمات العلمية