الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ولكم نصف ما ترك أزواجكم اللواتي تحققت بهن الزوجية بأكمل معناها بالدخول بهن إن لم يكن لهن ولد ما منكم أو من غيركم ذكرا كان أو أنثى ، واحدا كان أو أكثر ، من بطنها مباشرة ، أو من صلب بنيها ، أو بني بنيها فنازلا ، والباقي لأولادها ، ووالديها على ما بينه الله في الآية السابقة ، هذا ما ذهب إليه الجمهور ، وجرى عليه العمل . وروي عن ابن عباس أن ولد الولد لا يحجب فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن والباقي من [ ص: 345 ] التركة للأقرب إليها من أصحاب الفروض والعصبات ، وذوى الأرحام ، يعلم كل ذلك من موضعه في الكتاب والسنة : من بعد وصية يوصين بها أو دين أي إنما يكون لكم ذلك في تركهن في كل من الحالتين . بعد إنفاذ الوصية ووفاء الدين ، إذ ليس لوارث شيء إلا مما يفضل عنهما إن كانا كما تقدم .

                          ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد ما على التفصيل السابق في أولادهن ، فإن كان للميت منكم زوج واحدة كان لها وحدها ، وإن كان له زوجان فأكثر اشتركتا ، أو اشتركن فيه بالمساواة ، والباقي يكون لمستحقه شرعا من ذوي القربى ، وأولي الأرحام لكم فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم والباقي لولدكم علا أو نزل ، ولمن عساه يوجد معه من والديه على التفصيل الذي بينه الله - تعالى - وذلك من بعد وصية توصون بها أو دين وبهذا كان للذكر من الزوجين مثل حظ الأنثيين .

                          فإن قيل : إن من ترك زوجين ، أو ثلاثا ، أو أربعا كان لهن نصيب الزوج الواحدة فلا تطرد فيهن قاعدة : للذكر مثل حظ الأنثيين ; لأن الرجل لا ينقص نصيبه من إرث امرأته بحال من الأحوال . فما هي الحكمة في ذلك ، ولماذا لم يكن نصيب الزوجين ، أو الثلاث ، أو الأربع أكثر من نصيب الواحدة ؟ أقول : الحكمة الظاهرة لنا من ذلك هي إرشاد الله إيانا إلى أن يكون الأصل الذي نجري عليه في الزوجية هي أن يكون للرجل امرأة واحدة . وإنما أباح للرجل منا أن يتزوج ثنتين إلى أربع بشرطه المضيق ; لأن التعدد من الأمور التي تسوق إليها الضرورة أحيانا ، وقد تكون لخير النساء أنفسهن - كما شرحنا ذلك في آية إباحة التعدد ، وما هي ببعيد - ونذكر ما قلناه في حكمة جعل حظ الذكر من الأولاد مثل حظ الأنثيين وهو أن الأصل فيه أن ينفق على نفسه وعلى امرأة يتزوجها ، فما هنا يلاقي ما هناك ، ويتفق معه ، والنصوص يؤيد بعضها بعضا ، فلو كان من مقاصد الشريعة أن يتزوج الرجل أكثر من امرأة لجعل للذكر من الأولاد أكثر من حظ الأنثيين ، وللزوجين ، والزوجات أكثر من حظ الزوج الواحدة ، ولكن التعدد في نظر الشرع من الأمور النادرة غير المقصودة فلم يراعه في أحكامه . والأحكام إنما توضع لما هو الأصل الذي عليه العمل في الغالب ، والنادر لا حكم له .

                          ولما بين ـ جلت حكمته ـ أحكام الأولاد والوالدين ، والأزواج ، وكل واحد منهم يتصل بالميت مباشرة بلا واسطة ، شرع في بيان ما يتصل بالميت بالواسطة ، وهو الكلالة فقال :

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية