الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا جاءت هذه الجملة بين بيان ما فرض الله للأولاد ، والوالدين من تركة الميت ، وما اشترط فيه من كونه فاضلا عن الوصية ، والدين وبين قوله : فريضة من الله أي فرض ما ذكر من الأحكام فريضة من الله لا هوادة في وجوب العمل بها ، ومعنى هذه الجملة المعترضة : إنكم لا تدرون أي الفريقين أقرب نفعا لكم . أآباؤكم أم أبناؤكم فلا تتبعوا في قسمة تركة الميت ما كانت عليه الجاهلية من إعطائها للأقوياء الذين يحاربون الأعداء ، وحرمان الأطفال والنساء لأنهم من الضعفاء . بل اتبعوا ما أمركم الله به فهو أعلم منكم بما هو أقرب نفعا لكم ، مما تقوم به في الدنيا مصالحكم ، وتعظم به في الآخرة أجوركم . .

                          وذهب بعضهم إلى أن الجملة متعلقة بالوصية ، أي لا تدرون أي آبائكم وأبنائكم أقرب لكم نفعا ، أمن يوصي ببعض ماله فيمهد لكم طريق المثوبة في الآخرة بإمضاء وصيته ، وذلك من أعمال البر تباشرونه فتكونون جديرين بأن تفعلوا مثله ، والخير داعية الخير ؟ أم من لم يوص بشيء فيوفر لكم عرض الدنيا ؟ بل الله أعلم بذلك منكم فعليكم أن تتمثلوا أمره ، وتقفوا عند حدوده ، ولا تتبرموا بإمضاء الوصية ، وإن كثرت ، ولا تذكروا الموصي إلا بالخير إن الله كان عليما حكيما فهو لعلمه المحيط بشئونكم ، ولحكمته البالغة التي يقدر بها الأشياء قدرها ، ويضعها في مواضعها اللائقة بها ، لا يشرع لكم من الأحكام إلا ما فيه المصلحة ، والمنفعة لكم ; إذ لا يخفى عليه شيء من وجوه المصالح ، والمنافع ، وهو منزه عن الغرض ، والهوى اللذين من شأنهما أن يمنعا من وضع الشيء في موضعه ، وإعطاء الحق لمستحقه .

                          لما فرغ من بيان فرائض عمود النسب في القرابة ، وهو الأولاد ، والوالدون ، وقدم الأهم منهما من حيث الحاجة إلى المال المتروك ، وهم الأولاد دون الأشرف وهم الوالدون - بين فرائض الزوجين ، وهما في المرتبة الثانية ; لأنهما سبب لحصول الأولاد ، والسبب إنما يقصد لأجل غيره والمسبب هو المقصود لذاته . وهذا لا يعارض ما قلناه آنفا في قوة رابطة الزوجية ، فالوجوه في التفاضل تخالف الاعتبارات ، قال - عز وجل - :

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية