الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        6071 - وقد روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أيضا ما قد حدثنا يونس ، قال : ثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، وهشام بن سعد ، كلاهما عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رجلا من مزينة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله ؛ فقال له : يا نبي الله ، كيف ترى في ضالة الغنم ؟

                                                        فقال : طعام مأكول لك أو لأخيك أو للذئب ، احبس على أخيك ضالته .

                                                        [ ص: 136 ] فقال له : يا نبي الله ، وكيف ترى في ضالة الإبل ؟ فقال : ما لك وما لها ؟ معها سقاؤها ، وحذاؤها ، ولا يخاف عليها الذئب ، تأكل الكلأ ، وترد الماء ، دعها حتى يأتي طالبها
                                                        .

                                                        ففي هذا الحديث أيضا إباحة أخذ الضوال التي قد يخاف عليها الضياع ، وحبسها له .

                                                        فدل ذلك على أن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ضالة المسلم أو المؤمن حرق النار ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : لا يأوي أو يؤوي الضالة إلا ضال إنما أراد بذلك الإيواء الذي لا تعريف مع ذلك ، والأخذ الذي لا تعريف مع ذلك أيضا اللذين هما ضد الحبس على صاحب الضوال ، حتى يتفق معنى حديثنا هذا ، ومعنى ذينك الحديثين ، ولا يتضاد هذا الحديث ، وذينك الحديثين أيضا .

                                                        وفيما قد بين النبي صلى الله عليه وسلم في الإبل بقوله : ما لك وما لها ؟ معها سقاؤها وحذاؤها ، ولا يخاف الذئب عليها ، دليل على أنه لم يطلق له أخذها لعدم الخوف عليها .

                                                        وفي إباحته لأخذ الشاة لخوفه عليها من الذئب دليل على أن الناقة كذلك أيضا إذا خيف عليها من غير الذئب ، وأن أخذها لصاحبها ، وحفظها على ربها أولى من تركها وذهابها .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية