الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        2846 - حدثنا فهد قال : ثنا علي بن معبد ، قال : ثنا عبيد الله بن عمرو ، وعن زيد ( يعني ابن أبي أنيسة ) عن حماد [ ص: 496 ] عن إبراهيم ، قال : قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس مختلفون في التكبير على الجنائز ، لا تشاء أن تسمع رجلا يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر سبعا ، وآخر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر خمسا ، وآخر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر أربعا - إلا سمعته ، فاختلفوا في ذلك ، فكانوا على ذلك حتى قبض أبو بكر رضي الله عنه . فلما ولي عمر رضي الله عنه ، ورأى اختلاف الناس في ذلك ، شق ذلك عليه جدا ، فأرسل إلى رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : إنكم - معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - متى تختلفون على الناس يختلفون من بعدكم ، ومتى تجتمعون على أمر يجتمع الناس عليه ، فانظروا أمرا تجتمعون عليه فكأنما أيقظهم . فقالوا : نعم ما رأيت يا أمير المؤمنين ، فأشر علينا ، فقال عمر رضي الله عنه : بل أشيروا أنتم علي ، فإنما أنا بشر مثلكم . فتراجعوا الأمر بينهم ، فأجمعوا أمرهم على أن يجعلوا التكبير على الجنائز مثل التكبير في الأضحى والفطر أربع تكبيرات ، فأجمع أمرهم على ذلك . فهذا عمر رضي الله عنه قد رد الأمر في ذلك إلى أربع تكبيرات بمشورة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك عليه وهم حضروا من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رواه حذيفة ، وزيد بن أرقم ، فكان ما فعلوا من ذلك عندهم أولى مما قد كانوا علموا .

                                                        فذلك نسخ لما قد كانوا علموا ، لأنهم مأمونون على ما قد فعلوا ، كما كانوا مأمونين على ما قد رووا . وهذا كما أجمعوا عليه بعد النبي صلى الله عليه وسلم في التوقيت على حد الخمر ، وترك بيع أمهات الأولاد . فكان إجماعهم على ما قد أجمعوا عليه من ذلك حجة ، وإن كانوا قد فعلوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم خلافه . فكذلك ما أجمعوا عليه من عدد التكبير بعد النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة على الجنازة فهو حجة وإن كانوا قد علموا من النبي صلى الله عليه وسلم خلافه .

                                                        وما فعلوا من ذلك ، وأجمعوا عليه بعد النبي صلى الله عليه وسلم فهو ناسخ لما قد كان فعله النبي صلى الله عليه وسلم . فإن قال قائل : وكيف يكون ذلك ناسخا ، وقد كبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد ذلك أكثر من أربع .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية