الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا أقر الرجل بالزنا عند غير قاض أربع مرات فشهد به عليه الشهود لم يحد عندنا ويحد في قول ابن أبي ليلى رحمه الله اعتبارا للإقرار بالزنا بالإقرار بسائر الأسباب الموجبة للعقوبة كالقتل والقذف فكما أن هناك تقبل البينة على إقراره بذلك ويجعل الثابت من إقراره بالبينة كالثابت بالمعاينة فكذلك هنا ولكنا نقول الرجوع عن الإقرار صحيح في باب الزنا والحدود التي هي محض حق الله تعالى .

( ألا ترى ) { أن ماعزا رضي الله عنه لما هرب ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال عليه السلام هلا خليتم سبيله } وإنما قال ذلك لأنه جعل هربه دليل رجوعه عن الإقرار فإذا ثبت أن الرجوع صحيح هنا قلنا البينة لا تقبل إلا على منكر وإنكاره رجوع عما سبق من الإقرار لا محالة فإنما شهد [ ص: 152 ] الشهود على إقرار باطل وبه فارق القتل والقذف فالرجوع عن الإقرار فيهما لا يكون صحيحا يوضحه أن الإقرار بالزنا في معنى الشهادة ولهذا يشترط فيه عدد الأربع ويصح الرجوع عنه بمنزلة الشهادة وكما أن الشهادة التي تقوم في غير مجلس القضاء لا يقام بها الحدود فكذلك الإقرار عند غير القاضي لا يجوز إقامة الحد به .

التالي السابق


الخدمات العلمية