الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      تنبيه

                                                                                                                                                                                                                                      اعلم أن رواية سعيد بن عبيد ، عن بشير بن يسار ، عن سهل بن أبي حثمة التي فيها : أن النبي صلى الله عليه وسلم " لما سأل أولياء المقتول هل لهم بينة " وأخبروه بأنهم ليس لهم بينة ، قال : " يحلفون " يعني اليهود المدعى عليهم ، وليس فيها ذكر حلف أولياء المقتول أصلا - لا دليل فيها لمن نفى القود بالقسامة ; لأن سعيد بن عبيد وهم فيها ، فأسقط من السياق تبرئة المدعين باليمين ، لكونه لم يذكر في روايته رد اليمين . ورواه يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار ، فذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم عرض الأيمان أولا على أولياء المقتول ، فلما أبوا عرض عليهم رد الأيمان على المدعى عليهم . فاشتملت رواية يحيى بن سعيد على زيادة [ ص: 135 ] من ثقة حافظ فوجب قبولها . وقد ذكر البخاري رحمه الله رواية سعيد بن عبيد ( في باب القسامة ) وذكر رواية يحيى بن سعيد ( في باب الموادعة والمصالحة مع المشركين ) وفيها : " تحلفون وتستحقون قاتلكم " أو صاحبكم . . . الحديث . والخطاب في قوله " تحلفون وتستحقون " لأولياء المقتول .

                                                                                                                                                                                                                                      وجزم بما ذكرنا من تقديم رواية يحيى بن سعيد المذكورة على رواية سعيد بن عبيد - ابن حجر في الفتح وغير واحد ، لأنها زيادة من ثقة حافظ لم يعارضها غيرها فيجب قبولها ; كما هو مقرر في علم الحديث وعلم الأصول .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال القرطبي في تفسيره في الكلام على قوله تعالى : فقلنا اضربوه ببعضها الآية [ 2 \ 73 ] ، وقد أسند حديث سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بالمدعين - يحيى بن سعيد ، وابن عيينة ، وحماد بن زيد ، وعبد الوهاب الثقفي ، وعيسى بن حماد ، وبشر بن المفضل ، فهؤلاء سبعة . وإن كان أرسله مالك ، فقد وصله جماعة الحفاظ ، وهو أصح من حديث سعيد بن عبيد .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مالك رحمه الله ( في الموطأ ) بعد أن ساق رواية يحيى بن سعيد المذكورة : الأمر المجتمع عليه عندنا ، والذي سمعته ممن أرضى في القسامة ، والذي اجتمعت عليه الأئمة في القديم والحديث : أن يبدأ بالأيمان المدعون في القسامة فيحلفون . اهـ محل الغرض منه .

                                                                                                                                                                                                                                      واعلم أن العلماء أجمعوا على أن القسامة يشترط لها لوث ، ولكنهم اختلفوا في تعيين اللوث الذي تحلف معه أيمان القسامة ، فذهب مالك رحمه الله إلى أنه أحد أمرين :

                                                                                                                                                                                                                                      الأول : أن يقول المقتول : دمي عند فلان . وهل يكفي شاهد واحد على قوله ذلك ، أو لا بد من اثنين ؟ خلاف عندهم .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أن تشهد بذلك بينة لا يثبت بها القتل كاثنين غير عدلين .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مالك في الموطأ : الأمر المجتمع عليه عندنا ، والذي سمعته ممن أرضى في القسامة ، والذي اجتمعت عليه الأئمة في القديم والحديث أن يبدأ بالأيمان المدعون في القسامة فيحلفون ، وأن القسامة لا تجب إلا بأحد أمرين : إما أن يقول المقتول دمي عند فلان ، أو يأتي ولاة الدم بلوث من بينة وإن لم تكن قاطعة على الذي يدعى عليه الدم ، فهذا يوجب القسامة لمدعي الدم على من ادعوه عليه ، ولا تجب القسامة عندنا إلا بأحد هذين [ ص: 136 ] الوجهين . اهـ محل الغرض منه ، هكذا قال في الموطأ ، وستأتي زيادة عليه إن شاء الله .

                                                                                                                                                                                                                                      واعلم أن كثيرا من أهل العلم أنكروا على مالك رحمه الله إيجابه القسامة بقول المقتول : قتلني فلان .

                                                                                                                                                                                                                                      قالوا : هذا قتل مؤمن بالأيمان على دعوى مجردة .

                                                                                                                                                                                                                                      واحتج مالك رحمه الله بأمرين :

                                                                                                                                                                                                                                      الأول : أن المعروف من طبع الناس عند حضور الموت : الإنابة والتوبة والندم على ما سلف من العمل السيئ ، وقد دلت على ذلك آيات قرآنية ; كقوله : وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين [ 63 \ 10 ] ، وقوله : حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن [ 4 \ 18 ] ، وقوله : فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين [ 40 \ 84 ] إلى غير ذلك من الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      فهذا معهود من طبع الإنسان ، ولا يعلم من عادته أن يدع قاتله ويعدل إلى غيره ، وما خرج عن هذا نادر في الناس لا حكم له .

                                                                                                                                                                                                                                      الأمر الثاني : أن قصة قتيل بني إسرائيل تدل على اعتبار قول المقتول : دمي عند فلان .

                                                                                                                                                                                                                                      فقد استدل مالك بقصة القتيل المذكور على صحة القول بالقسامة بقوله : قتلني فلان ، أو : دمي عند فلان ، في رواية ابن وهب وابن القاسم .

                                                                                                                                                                                                                                      ورد المخالفون هذا الاستدلال بأن إحياء القتيل معجزة لنبي الله موسى ، وقد أخبر الله تعالى أنه يحييه ، وذلك يتضمن الإخبار بقاتله خبرا جازما لا يدخله احتمال ، فافترقا .

                                                                                                                                                                                                                                      ورد ابن العربي المالكي هذا الاعتراض بأن المعجزة إنما كانت في إحياء المقتول ، فلما صار حيا كان كلامه كسائر كلام الناس كلهم في القبول والرد .

                                                                                                                                                                                                                                      قال : وهذا فن دقيق من العلم لم يتفطن له إلا مالك ، وليس في القرآن أنه إذا أخبر وجب صدقه ، فلعله أمرهم بالقسامة معه . اهـ كلام ابن العربي . وهو غير ظاهر عندي ; لأن سياق القرآن يقتضي أن القتيل إذا ضرب ببعض البقرة وحيي أخبرهم بقاتله ، فانقطع بذلك النزاع المذكور في قوله تعالى : وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها [ 2 \ 72 ] . فالغرض الأساسي من ذبح البقرة قطع النزاع بمعرفة القاتل بإخبار المقتول إذا ضرب ببعضها فحيي ، والله تعالى أعلم . والشاهد العدل لوث عند مالك في رواية ابن القاسم ، وروى أشهب عن مالك : أنه [ ص: 137 ] يقسم مع الشاهد غير العدل ومع المرأة ، وروى ابن وهب : أن شهادة النساء لوث . وذكر محمد عن ابن القاسم : أن شهادة المرأتين لوث ، دون شهادة المرأة الواحدة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال القاضي أبو بكر بن العربي : اختلف في اللوث اختلافا كثيرا . ومشهور مذهب مالك : أنه الشاهد العدل . وقال محمد : هو أحب إلي ، قال : وأخذ به ابن القاسم وابن عبد الحكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وممن أوجب القسامة بقوله : دمي عند فلان : الليث بن سعد ، وروي عن عبد الملك بن مروان .

                                                                                                                                                                                                                                      والذين قالوا بالقسامة بقول المقتول : دمي عند فلان ، منهم من يقول : يشترط في ذلك أن يكون به جراح ، ومنهم من أطلق .

                                                                                                                                                                                                                                      والذي به الحكم وعليه العمل عند المالكية : أنه لا بد في ذلك من أثر جرح أو ضرب بالمقتول ، ولا يقبل قوله بدون وجود أثر الضرب .

                                                                                                                                                                                                                                      واعلم أنه بقيت صورتان من صور القسامة عند مالك .

                                                                                                                                                                                                                                      الأولى : أن يشهد عدلان بالضرب ، ثم يعيش المضروب بعده أياما ، ثم يموت منه من غير تخلل إفاقة . وبه قال الليث أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الشافعي : يجب في هذه الصورة القصاص بتلك الشهادة على الضرب ، وهو مروي أيضا عن أبي حنيفة .

                                                                                                                                                                                                                                      الثانية : أن يوجد مقتول وعنده أو بالقرب منه من بيده آلة القتل ، وعليه أثر الدم مثلا ، ولا يوجد غيره فتشرع القسامة عند مالك . وبه قال الشافعي . ويلحق بهذا أن تفترق جماعة عن قتيل ، وفي رواية عن مالك في القتيل يوجد بين طائفتين مقتتلتين : أن القسامة على الطائفة التي ليس منها القتيل إن كان من إحدى الطائفتين .

                                                                                                                                                                                                                                      أما إن كان من غيرهما فالقسامة عليهما ، والجمهور على أن القسامة عليهما معا مطلقا . قاله ابن حجر في الفتح .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما اللوث الذي تجب به القسامة عند الإمام أبي حنيفة ، فهو أن يوجد قتيل في محلة أو قبيلة لم يدر قاتله ، فيحلف خمسون رجلا من أهل تلك المحلة التي وجد بها القتيل يتخيرهم الولي : ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا ، ثم إذا حلفوا غرم أهل المحلة الدية ، ولا يحلف الولي ، وليس في مذهب أبي حنيفة رحمه الله قسامة إلا بهذه الصورة .

                                                                                                                                                                                                                                      وممن قال بأن وجود القتيل بمحلة لوث يوجب القسامة : الثوري والأوزاعي . [ ص: 138 ] وشرط هذا عند القائلين به إلا الحنفية : أن يوجد بالقتيل أثر . وجمهور أهل العلم على أن وجود القتيل بمحلة لا يوجب القسامة ، بل يكون هدرا ; لأنه قد يقتل ويلقى في المحلة لتلصق بهم التهمة ، وهذا ما لم يكونوا أعداء للمقتول ولم يخالطهم غيرهم وإلا وجبت القسامة ; كقصة اليهود مع الأنصاري .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما الشافعي رحمه الله ، فإن القسامة تجب عنده بشهادة من لا يثبت القتل بشهادته ; كالواحد أو جماعة غير عدول . وكذلك تجب عنده بوجود المقتول يتشحط في دمه ، وعنده أو بالقرب منه من بيده آلة القتل وعليه أثر الدم مثلا ، ولا يوجد غيره ، ويلحق به افتراق الجماعة عن قتيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قدمنا قول الجمهور في القتيل يوجد بين الطائفتين المقتتلتين ، والذي يظهر لي أنه إن كان من إحدى الطائفتين المقتتلتين : أن القسامة فيه تكون على الطائفة الأخرى دون طائفته التي هو منها ، وكذلك تجب عنده فيما كان كقصة اليهودي مع الأنصاري .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما الإمام أحمد ، فاللوث الذي تجب به القسامة عنده ، فيه روايتان .

                                                                                                                                                                                                                                      الأولى : أن اللوث هو العداوة الظاهرة بين المقتول والمدعى عليه ، كنحو ما كان بين الأنصار واليهود ، وما بين القبائل والأحياء وأهل القرى الذين بينهم الدماء والحروب ، وما جرى مجرى ذلك . ولا يشترط عنده على الصحيح ألا يخالطهم غيرهم ، نص على ذلك الإمام أحمد في رواية مهنأ . واشترط القاضي ألا يخالطهم غيرهم كمذهب الشافعي ; قاله في المغني .

                                                                                                                                                                                                                                      والرواية الثانية عن أحمد رحمه الله أن اللوث هو ما يغلب به على الظن صدق المدعي ، وذلك من وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : العداوة المذكورة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أن يتفرق جماعة عن قتيل فيكون ذلك لوثا في حق كل واحد منهم ، فإن ادعى الولي على واحد فأنكر كونه مع الجماعة فالقول قوله مع يمينه ، ذكره القاضي ، وهو مذهب الشافعي .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث : أن يوجد المقتول ويوجد بقربه رجل معه سكين أو سيف ملطخ بالدم ، ولا يوجد غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      الرابع : أن تقتتل فئتان فيفترقوا عن قتيل من إحداهما ، فاللوث على الأخرى . [ ص: 139 ] ذكره القاضي ، فإن كانوا بحيث لا تصل سهام بعضهم بعضا ، فاللوث على طائفة القتيل ، وهذا قول الشافعي . وروي عن أحمد : أن عقل القتيل على الذين نازعوهم فيما إذا اقتتلت الفئتان إلا أن يدعوا على واحد بعينه ، وهذا قول مالك . وقال ابن أبي ليلى : على الفريقين جميعا ، لأنه يحتمل أنه مات من فعل أصحابه فاستوى الجميع فيه ، وقد قدمنا عن ابن حجر أن هذا قول الجمهور .

                                                                                                                                                                                                                                      الخامس : أن يشهد بالقتل عبيد ونساء ; فعن أحمد هو لوث ، لأنه يغلب على الظن صدق المدعي ، وعنه : ليس بلوث ، لأنها شهادة مردودة فلم يكن لها أثر .

                                                                                                                                                                                                                                      فأما القتيل الذي يوجد في الزحام كالذي يموت من الزحام يوم الجمعة أو عند الجمرة ، فظاهر كلام أحمد أن ذلك ليس بلوث ، فإنه قال في من مات بالزحام يوم الجمعة : ديته في بيت المال . وهذا قول إسحاق ، وروي عن عمر وعلي ، فإن سعيدا روى في سننه عن إبراهيم قال : قتل رجل في زحام الناس بعرفة . فجاء أهله إلى عمر ، فقال : بينتكم على من قتله . فقال علي : يا أمير المؤمنين ، لا يطل دم امرئ مسلم ، إن علمت قاتله وإلا فأعطهم ديته من بيت المال . انتهى من المغني .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قال ابن حجر في الفتح ( في باب إذا مات في الزحام أو قتل به ) في الكلام على قتل المسلمين يوم أحد اليمان والد حذيفة رضي الله عنهما ما نصه : وحجته ( يعني إعطاء ديته من بيت المال ) ما ورد في بعض طرق قصة حذيفة ، وهو ما أخرجه أبو العباس السراج في تاريخه من طريق عكرمة : أن والد حذيفة قتل يوم أحد ، قتله بعض المسلمين يظن أنه من المشركين ، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد تقدم له شاهد مرسل أيضا ( في باب العفو عن الخطأ ) وروى مسدد في مسنده من طريق يزيد بن مذكور : أن رجلا زحم يوم الجمعة فمات ، فوداه علي من بيت المال .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي المسألة مذاهب أخرى ( منها ) قول الحسن البصري : أن ديته تجب على جميع من حضر ، وهو أخص من الذي قبله . وتوجيهه : أنه مات بفعلهم فلا يتعداهم إلى غيرهم . ( ومنها ) قول الشافعي ومن تبعه : أنه يقال لوليه ادع على من شئت واحلف ، فإن حلفت استحققت الدية ، وإن نكلت حلف المدعى عليه على النفي وسقطت المطالبة . وتوجيهه : أن الدم لا يجب إلا بالطلب .

                                                                                                                                                                                                                                      ( ومنها ) قول مالك : دمه هدر . وتوجيهه : أنه إذا لم يعلم قاتله بعينه استحال أن يؤخذ به أحد . وقد تقدمت الإشارة إلى الراجح من هذه المذاهب ( في باب العفو عن الخطأ ) انتهى [ ص: 140 ] كلام ابن حجر رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                      والترجيح السابق الذي أشار له هو قوله في قول حذيفة رضي الله عنه مخاطبا للمسلمين الذين قتلوا أباه خطأ : " غفر الله لكم " استدل به من قال : إن ديته وجبت على من حضر ; لأن معنى قوله : " غفر الله لكم " ، عفوت عنكم ، وهو لا يعفو إلا عن شيء استحق أن يطالب به . انتهى محل الغرض منه . فكأن ابن حجر يميل إلى ترجيح قول الحسن البصري رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقيده عفا الله عنه : أظهر الأقوال عندي في اللوث الذي تجب القسامة به : أنه كل ما يغلب به على الظن صدق أولياء المقتول في دعواهم ; لأن جانبهم يترجح بذلك فيحلفون معه ، وقد تقرر في الأصول " أن المعتبر في الروايات والشهادات ما تحصل به غلبة الظن " وعقده صاحب مراقي السعود بقوله في شروط الراوي :


                                                                                                                                                                                                                                      بغالب الظن يدور المعتبر فاعتبر الإسلام كل من غبر

                                                                                                                                                                                                                                      ، إلخ

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية