الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فروع تتعلق بهذه المسألة

                                                                                                                                                                                                                                      الفرع الأول : لا يحلف النساء ولا الصبيان في القسامة ، وإنما يحلف فيها الرجال . وبهذا قال أبو حنيفة ، وأحمد ، والثوري ، والأوزاعي ، وربيعة ، والليث ، ووافقهم مالك في قسامة العمد ، وأجاز حلف النساء الوارثات في قسامة الخطإ خاصة . وأما الصبي فلا خلاف بين العلماء في أنه لا يحلف أيمان القسامة . وقال الشافعي : يحلف في القسامة كل وارث بالغ ذكرا كان أو أنثى ، عمدا كان أو خطأ .

                                                                                                                                                                                                                                      واحتج القائلون بأنه لا يحلف إلا الرجال بأن في بعض روايات الحديث في القسامة يقسم خمسون رجلا منكم . قالوا : ويفهم منه أن غير الرجال لا يقسم .

                                                                                                                                                                                                                                      واحتج الشافعي ومن وافقه بقوله صلى الله عليه وسلم : " تحلفون خمسين يمينا فتستحقون دم صاحبكم " ، فجعل الحالف هو المستحق للدية والقصاص ، ومعلوم أن غير الوارث لا يستحق شيئا ، فدل على أن المراد حلف من يستحق الدية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاب الشافعية عن حجة الأولين بما قاله النووي في شرح مسلم ، فإنه قال في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم : " يقسم خمسون منكم على رجل منهم " ما نصه : هذا مما يجب تأويله ; لأن اليمين إنما تكون على الوارث خاصة لا على غيره من القبيلة . وتأويله عند أصحابنا : أن معناه يؤخذ منكم خمسون يمينا ، والحالف هم الورثة ، فلا يحلف أحد من [ ص: 141 ] الأقارب غير الورثة ، يحلف كل الورثة ذكورا كانوا أو إناثا ، سواء كان القتل عمدا أو خطأ ، هذا مذهب الشافعي ، وبه قال أبو ثور وابن المنذر . ووافقنا مالك فيما إذا كان القتل خطأ ، وأما في العمد فقال : يحلف الأقارب خمسين يمينا ، ولا تحلف النساء ولا الصبيان . ووافقه ربيعة والليث ، والأوزاعي وأحمد وداود وأهل الظاهر . انتهى الغرض من كلام النووي رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعلوم أن هذا التأويل الذي أولوا به الحديث بعيد من ظاهر اللفظ ، ولا سيما على الرواية التي تصرح بتمييز الخمسين بالرجل عند أبي داود وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية