الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1329 [ 670 ] وعن عائشة ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه ، وهو عليه شاق ، له أجران .

                                                                                              رواه البخاري (4937)، ومسلم (798)، وأبو داود (1454)، والترمذي (2906) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : الماهر بالقرآن : يعني : الحاذق به ، قال الهروي : أصله : الحذق بالسباحة ، قلت : ومنه قول امرئ القيس :


                                                                                              وترى الضب خفيفا ماهرا ثانيا برثنه ما ينعفر



                                                                                              [ ص: 425 ] قال المهلب : المهارة في القرآن : جودة التلاوة ، بجودة الحفظ ، ولا يتردد فيه ; لأنه يسره الله تعالى عليه ; كما يسره على الملائكة ، فهو على مثلها في الحفظ والدرجة ، والسفرة : جمع سافر ، وهم ملائكة الوحي ، سموا بذلك لأنهم يسفرون بين الله وبين خلقه . وقيل : هم الكتبة ، والكاتب يسمى : سافرا ، ومنه أسفار الكتاب . وعلى هذا فيكون وجه كونهم مع الملائكة : أن حملة القرآن يبلغون كلام الله إلى خلقه ، فهم سفراء بين رسل الله ، وبين خلقه ، فهم معهم ; أي : في مرتبتهم في هذه العبادة . ويستفيد من هذا حملة القرآن : التحرز في التبليغ والتعليم ، والاجتهاد في تحصيل الصدق ، وإخلاص النية لله ; حتى تصح لهم المناسبة بينهم وبين الملائكة .

                                                                                              وقوله : يتتعتع فيه ; أي : يتردد في تلاوته عيا وصعوبة . والتعتعة في الكلام : العي . وإنما كان له أجران ; من حيث التلاوة ; ومن حيث المشقة ، ودرجات الماهر فوق ذلك كله ; لأنه قد كان القرآن متعتعا عليه ، ثم ترقى عن ذلك إلى أن شبه بالملائكة . والله أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية