الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        الفصل الثاني

        قيمة علم المقاصد وفقه الواقع

        وأثرهما في نجاح العمل الدعوي

        يتوقف نجاح وتسديد وتأثير الخطاب الدعوي في جمهور المدعوين والمستقبلين على مدى تمكن وتحكم القائمين عليه من حذق وتمهر سائر أركانه ومكوناته وخطوطه ومعالمه الكبرى، والإحاطة بالكثير من جزئياته وتفاصيله، فلا يمكننا أن نصل إلى صناعة توجه ورأي وسلوك الجمهور المستقبل إن كانت الرؤية إليه منقوصة غير مكتملة.

        وعليه، يجب فهم واستيعاب سائر أركان العملية الدعوية، ومن ثم التحكم في جميع أركانها: الداعية، الرسالة، الوسيلة، الأسلوب، الجمهور، قياس وتتبع الأثر، ردة الفعل المرجوة والمنتظرة، أو غير المحسوبة وغير المنتظرة؛ تحكما ماهرا وجيدا لضمان نجاحها وتسديدها.

        [ ص: 62 ] وسبق أن عالجنا في بحوث ودراسات سابقة [1] التعثرات، التي تنتاب وتصيب العملية الدعوية برمتها وفي سائر أركانها، وتفضي بها للفشل وللعطب السريع، فتستحيل إلى مجرد نشاط أو فعل غير ناجع ومؤثر، لاعتبارات وعوامل كثيرة، كإهمال استكمال وتحضير متطلبات ركن من الأركان، أو تغليب وتفضيل ركن على آخر، أو إهمال ونسيان ركن رئيس منها، أو بالاعتقاد والتخمين غير الدقيق بأهمية ركن على غيره، أو نحوها من أشكال اللامبالاة والإهمال.. وبالتالي تفقد العملية الدعوية بوصلة وإحداثيات سيرها الصحيح وتسديدها المنشود.

        [ ص: 63 ] وبعد سلسلة تلك الدراسات والبحوث، التي تناولنا فيها سائر الأركان، من وجهات نظر ونظريات وزوايا متعددة، فإننا نسعى اليوم إلى تناولها من وجهة نظر واقعية ومقاصـدية كبرى؛ لأن ".. المقاصد هي عقل الشريعة، الذي يعطيها بعدها الإنساني العالمي المشـترك، وإذا فقد العقل القـدرة على إدراك الكليات التي تحققها المقاصـد فإنه يفقد قدرته على التمييز، وينغمس في الجزئيات، ولا يحسن الاستفادة من قراءاته ولا من تجاربه، وتتعطل فيه بوصلة الزمن فيتيه في مفاوز قضايا التاريخ بعيدا عن قضاياه الراهنة وأهدافه الحقيقية، وربما يرفع عنه التكليف.." [2] .

        وبناء عليه، نرى من الأهمية بمكان معالجة ركن ثقافة ومعارف ومنهج القائم بالعمل الدعوي، ولاسيما مستوى مدى تحكمه وتمكنه من علمي المقاصد وفقه الواقع، الذين يشكلان العمود الفقري لثقافة الداعية الأساسية، وذلك عبر المباحث الآتية:

        المبحث الأول: علم المقاصـد وفقـه الواقـع قيمة دعوية مركزيـة في هذا الدين.

        [ ص: 64 ] المبحث الثاني: علم المقاصـد وفقه الواقع قيمة دعوية مركزية لنجاح العمل الدعوي.

        المبحث الثالث: علم المقاصـد وفقـه الواقـع قيمة دعويـة مركزيـة لنجـاح الداعية.

        المبحث الرابع: علم المقاصد وفقه الواقع قيمة دعوية مركزية مؤثرة في أصناف وفئات المدعوين: (حقيقيين، مستقبلين، مرتقبين، متشككين، مناوئين..).

        [ ص: 65 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية