قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=19721_28723_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما nindex.php?page=treesubj&link=19721_19727_30532_30539_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=18وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما
إنما حاصرة، وهو مقصد المتكلم بها أبدا، فقد تصادف من المعنى ما يقتضي العقل فيه الحصر، كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إنما الله إله واحد وقد تصادف من المعنى ما لا يقتضي العقل فيه الحصر، كقوله: إنما الشجاع
عنترة: فيبقى الحصر في مقصد المادح، ويتحصل من ذلك لكل سامع تحقيق هذه الصفة للموصوف بمبالغة.
وهذه الآية مما يوجب النظر فيها أنها حاصرة للتوبة، وهي في عرف الشرع: الرجوع من شر إلى خير، وحد التوبة: الندم على فارط فعل، من حيث هو معصية الله عز وجل، وإن كان الندم من حيث أضر ذلك الفعل في بدن أو ملك فليس بتوبة، فإن كان ذلك الفعل مما يمكن هذا النادم فعله في المستأنف فمن شروط التوبة العزم على ترك ذلك الفعل في المستأنف، وإلا فثم إصرار لا توبة معه، وإن كان ذلك الفعل لا يمكنه، مثل أن يتوب من الزنا فيجب بأثر ذلك ونحو ذلك، فهذا لا يحتاج إلى شرط
[ ص: 494 ] العزم على الترك.
nindex.php?page=treesubj&link=19708_19715والتوبة فرض على المؤمنين بإجماع الأمة، والإجماع هي القرينة التي حمل بها قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وتوبوا إلى الله جميعا على الوجوب،
nindex.php?page=treesubj&link=19709وتصح التوبة من ذنب مع الإقامة على غيره من غير نوعه، خلافا
للمعتزلة في قولهم: لا يكون تائبا من أقام على ذنب، وتصح التوبة وإن نقضها التائب في ثاني حال بمعاودة الذنب، فإن التوبة الأولى طاعة قد انقضت وصحت، وهو محتاج بعد مواقعة الذنب إلى توبة أخرى مستأنفة، والإيمان للكافر ليس نفس توبته، وإنما توبته ندمه على سالف كفره.
وقوله تعالى: "على الله" فيه حذف مضاف تقديره: على فضل الله ورحمته لعباده، وهذا نحو قول النبي صلى الله عليه وسلم
لمعاذ بن جبل: nindex.php?page=hadith&LINKID=701874 "يا nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ قال الله ورسوله أعلم، قال: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، ثم سكت قليلا، ثم قال: يا nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ أتدري ما حق العباد على الله؟ قال الله ورسوله أعلم، قال: أن يدخلهم الجنة" فهذا كله إنما معناه: ما حقهم على فضل الله ورحمته، والعقيدة أنه لا يجب على الله تعالى شيء عقلا، لكن إخباره تعالى عن أشياء أوجبها على نفسه يقتضي وجوب تلك الأشياء سمعا، فمن ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=30443تخليد الكفار في النار، ومن ذلك قبول إيمان الكافر، والتوبة لا يجب قبولها على الله تعالى عقلا، فأما السمع فظاهره قبول توبة التائب; قال
أبو المعالي وغيره: فهذه الظواهر إنما تعطي غلبة ظن لا قطعا على الله بقبول التوبة.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وقد خولف
أبو المعالي وغيره في هذا المعنى. فإذا فرضنا رجلا قد تاب توبة نصوحا تامة الشروط، فقول
أبي المعالي: يغلب على الظن قبول توبته، وقال غيره: يقطع على الله تعالى بقبول توبته، كما أخبر عن نفسه عز وجل.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وكان أبي رحمة الله عليه يميل إلى هذا القول ويرجحه، وبه أقول، والله تعالى أرحم بعباده من أن ينخرم في هذا التائب المفروض معنى قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=25وهو الذي يقبل التوبة عن [ ص: 495 ] عباده وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=82وإني لغفار لمن تاب وآمن والسوء في هذه الآية يعم الكفر والمعاصي.
وقوله تعالى: "بجهالة" معناه: بسفاهة وقلة تحصيل أدى إلى المعصية، وليس المعنى أن تكون الجهالة أن ذلك الفعل معصية، لأن المتعمد للذنوب كان يخرج من التوبة، وهذا فاسد إجماعا، وبما ذكرته في الجهالة قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر ذلك عنهم
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أن كل معصية فهي بجهالة، عمدا كانت أو جهلا، وقال به
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك أنهما قالا: الجهالة هنا العمد، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة: أمور الدنيا كلها جهالة .
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
يريد الخاصة بها الخارجة عن طاعة الله. وهذا المعنى عندي جار مع قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=36إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وقد تأول قوم قول
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة بأنه للذين يعملون السوء في الدنيا.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
فكأن الجهالة اسم للحياة الدنيا، وهذا عندي ضعيف، وقيل: "بجهالة"، أي: لا يعلم كنه العقوبة، وهذا أيضا ضعيف، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك ورد عليه.
واختلف المتأولون في قوله تعالى: "من قريب"; فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي: معنى ذلك: قبل المرض والموت، وقال
أبو مجلز ومحمد بن قيس nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد وغيرهم: معنى ذلك: قبل المعاينة للملائكة والسوق، وأن يغلب المرء على نفسه. وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12134أبو قلابة: "أن الله تعالى لما خلق
آدم فرآه إبليس أجوف، ثم جرى له ما جرى ولعن وأنظر، قال: وعزتك لا برحت من قلبه ما دام فيه الروح، فقال الله تعالى: وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه الروح."
[ ص: 496 ] قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
فابن عباس رضي الله عنه ذكر أحسن أوقات التوبة، والجمهور حددوا آخر وقتها. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي: كان يقال: التوبة مبسوطة لأحدكم ما لم يؤخذ بكظمه. وروى
بشير بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665830 "إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ويغلب على عقله".
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
لأن الرجاء فيه باق، ويصح منه الندم والعزم على ترك الفعل في المستأنف، فإذا غلب تعذرت التوبة لعدم الندم والعزم على الترك.
وقوله تعالى: "من قريب" إنما معناه: من قريب إلى وقت الذنب. ومدة الحياة كلها قريب، والمبادر في الصحة أفضل وأحق لأمله من العمل الصالح، والبعد كل البعد الموت، ومنه قول
مالك بن الريب: . . . . . . . . . ... . .. . . . . وأين مكان البعد إلا مكانيا؟
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17وكان الله عليما حكيما أي: بمن يتوب وييسره هو للتوبة، حكيما فيما ينفذه من ذلك، وفي تأخير من يؤخر حتى يهلك.
ثم نفى بقوله تعالى: "وليست التوبة".... الآية أن يدخل في حكم التائبين من حضره موته وصار في حيز اليأس، وحضور الموت هو كما كان
فرعون حين صار في غمرة الماء والغرق، فلم ينفعه ما أظهر من الإيمان، وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد وجماعة المفسرين.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14355الربيع: الآية الأولى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17إنما التوبة على الله هي في المؤمنين، والآية
[ ص: 497 ] الثانية قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=18وليست التوبة ... الآية نزلت في المسلمين ثم نسخت بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فحتم ألا يغفر للكافر وأرجأ المؤمنين إلى مشيئته، لم ييئسهم من المغفرة.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله:
وطعن بعض الناس في هذا القول بأن الآية خبر، والأخبار لا تنسخ. وهذا غير لازم، لأن الآية لفظها الخبر، ومعناه تقرير حكم شرعي، فهي نحو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ونحو قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإنما يضعف القول بالنسخ من حيث تنبني الآيتان ولا يحتاج إلى تقرير نسخ، لأن هذه الآية لم تنف أن يغفر للعاصي الذي لم يتب من قريب، فنحتاج أن نقول: إن قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48ويغفر ما دون ذلك نسخها، وإنما نفت هذه الآية أن يكون تائبا من لم يتب إلا مع حضور الموت. فالعقيدة عندي في هذه الآيات: أن من تاب من قريب فله حكم التائب فيغلب الظن عليه أنه ينعم ولا يعذب، هذا مذهب
أبي المعالي وغيره، وقال غيرهم: بل هو مغفور له قطعا، لإخبار الله تعالى بذلك،
وأبو المعالي يجعل تلك الأخبار ظواهر مشروطة بالمشيئة،
nindex.php?page=treesubj&link=19722ومن لم يتب حتى حضره الموت فليس في حكم التائبين، فإن كان كافرا فهو يخلد، وإن كان مؤمنا فهو عاص في المشيئة، لكن يغلب الخوف عليه، ويقوى الظن في تعذيبه، ويقطع من جهة السمع أن من هذه الصنيفة من يغفر الله له تعالى تفضلا منه ولا يعذبه.
وأعلم الله تعالى أيضا أن الذين يموتون وهم كفار فلا مستعتب لهم ولا توبة في الآخرة.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=18أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما ، إن كانت الإشارة إلى الذين يموتون وهم كفار فقط، فالعذاب عذاب خلود، وإن كانت الإشارة إليهم وإلى من ينفذ عليه الوعيد، ممن لا يتوب إلا مع حضور الموت من العصاة فهو في جهة هؤلاء، عذاب ولا خلود معه، و"أعتدنا" معناه: يسرناه وأحضرناه، وظاهر هذه الآية أن النار مخلوقة بعد.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=19721_28723_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهِ عَلِيمًا حَكِيمًا nindex.php?page=treesubj&link=19721_19727_30532_30539_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=18وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا
إِنَّمَا حَاصِرَةٌ، وَهُوَ مَقْصِدُ الْمُتَكَلِّمِ بِهَا أَبَدًا، فَقَدْ تُصَادِفُ مِنَ الْمَعْنَى مَا يَقْتَضِي الْعَقْلُ فِيهِ الْحَصْرَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَقَدْ تُصَادِفُ مِنَ الْمَعْنَى مَا لَا يَقْتَضِي الْعَقْلُ فِيهِ الْحَصْرَ، كَقَوْلِهِ: إِنَّمَا الشُّجَاعُ
عَنْتَرَةُ: فَيَبْقَى الْحَصْرُ فِي مَقْصِدِ الْمَادِحِ، وَيَتَحَصَّلُ مِنْ ذَلِكَ لِكُلِّ سَامِعٍ تَحْقِيقُ هَذِهِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ بِمُبَالَغَةٍ.
وَهَذِهِ الْآيَةُ مِمَّا يُوجِبُ النَّظَرُ فِيهَا أَنَّهَا حَاصِرَةٌ لِلتَّوْبَةِ، وَهِيَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ: الرُّجُوعُ مِنْ شَرٍّ إِلَى خَيْرٍ، وَحَدُّ التَّوْبَةِ: النَّدَمُ عَلَى فَارِطِ فِعْلٍ، مِنْ حَيْثُ هُوَ مَعْصِيَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنْ كَانَ النَّدَمُ مِنْ حَيْثُ أَضَرَّ ذَلِكَ الْفِعْلُ فِي بَدَنٍ أَوْ مِلْكٍ فَلَيْسَ بِتَوْبَةٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مِمَّا يُمْكِنُ هَذَا النَّادِمُ فِعْلَهُ فِي الْمُسْتَأْنَفِ فَمِنْ شُرُوطِ التَّوْبَةِ الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ الْفِعْلِ فِي الْمُسْتَأْنَفِ، وَإِلَّا فَثَمَّ إِصْرَارٌ لَا تَوْبَةَ مَعَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ لَا يُمْكِنُهُ، مِثْلُ أَنْ يَتُوبَ مِنَ الزِّنَا فَيُجَبَّ بِأَثَرِ ذَلِكَ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَرْطِ
[ ص: 494 ] الْعَزْمِ عَلَى التَّرْكِ.
nindex.php?page=treesubj&link=19708_19715وَالتَّوْبَةُ فَرْضٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَالْإِجْمَاعُ هِيَ الْقَرِينَةُ الَّتِي حُمِلَ بِهَا قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=31وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا عَلَى الْوُجُوبِ،
nindex.php?page=treesubj&link=19709وَتَصِحُّ التَّوْبَةُ مِنْ ذَنْبٍ مَعَ الْإِقَامَةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ، خِلَافًا
لِلْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ: لَا يَكُونُ تَائِبًا مَنْ أَقَامَ عَلَى ذَنْبٍ، وَتَصِحُّ التَّوْبَةُ وَإِنْ نَقَضَهَا التَّائِبُ فِي ثَانِي حَالٍ بِمُعَاوَدَةِ الذَّنْبِ، فَإِنَّ التَّوْبَةَ الْأُولَى طَاعَةٌ قَدِ انْقَضَتْ وَصَحَّتْ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ بَعْدَ مُوَاقَعَةِ الذَّنْبِ إِلَى تَوْبَةٍ أُخْرَى مُسْتَأْنِفَةٍ، وَالْإِيمَانُ لِلْكَافِرِ لَيْسَ نَفْسَ تَوْبَتِهِ، وَإِنَّمَا تَوْبَتُهُ نَدَمُهُ عَلَى سَالِفِ كُفْرِهِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "عَلَى اللَّهِ" فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ: عَلَى فَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ لِعِبَادِهِ، وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ: nindex.php?page=hadith&LINKID=701874 "يَا nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، ثُمَّ سَكَتَ قَلِيلًا، ثُمَّ قَالَ: يَا nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَنْ يُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ" فَهَذَا كُلُّهُ إِنَّمَا مَعْنَاهُ: مَا حَقُّهُمْ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ، وَالْعَقِيدَةُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ عَقْلًا، لَكِنَّ إِخْبَارَهُ تَعَالَى عَنْ أَشْيَاءَ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ يَقْتَضِي وُجُوبَ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ سَمْعًا، فَمِنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=30443تَخْلِيدُ الْكُفَّارِ فِي النَّارِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَبُولُ إِيمَانِ الْكَافِرِ، وَالتَّوْبَةُ لَا يَجِبُ قَبُولُهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عَقْلًا، فَأَمَّا السَّمْعُ فَظَاهِرُهُ قَبُولُ تَوْبَةِ التَّائِبِ; قَالَ
أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ: فَهَذِهِ الظَّوَاهِرُ إِنَّمَا تُعْطِي غَلَبَةَ ظَنٍّ لَا قَطْعًا عَلَى اللَّهِ بِقَبُولِ التَّوْبَةِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَقَدْ خُولِفَ
أَبُو الْمَعَالِي وَغَيْرُهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى. فَإِذَا فَرَضْنَا رَجُلًا قَدْ تَابَ تَوْبَةً نَصُوحًا تَامَّةَ الشُّرُوطِ، فَقَوْلُ
أَبِي الْمَعَالِي: يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ قَبُولُ تَوْبَتِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُقْطَعُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ، كَمَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ عَزَّ وَجَلَّ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَكَانَ أَبِي رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَمِيلُ إِلَى هَذَا الْقَوْلِ وَيُرَجِّحُهُ، وَبِهِ أَقُولُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ أَنْ يَنْخَرِمَ فِي هَذَا التَّائِبِ الْمَفْرُوضِ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=25وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ [ ص: 495 ] عِبَادِهِ وَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=82وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَالسُّوءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ يَعُمُّ الْكُفْرَ وَالْمَعَاصِيَ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "بِجَهَالَةٍ" مَعْنَاهُ: بِسَفَاهَةٍ وَقِلَّةِ تَحْصِيلٍ أَدَّى إِلَى الْمَعْصِيَةِ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنْ تَكُونَ الْجَهَالَةُ أَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ مَعْصِيَةٌ، لِأَنَّ الْمُتَعَمِّدَ لِلذُّنُوبِ كَانَ يَخْرُجُ مِنَ التَّوْبَةِ، وَهَذَا فَاسِدٌ إِجْمَاعًا، وَبِمَا ذَكَرْتُهُ فِي الْجَهَالَةِ قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=11873أَبُو الْعَالِيَةِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ: اجْتَمَعَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَعْصِيَةٍ فَهِيَ بِجَهَالَةٍ، عَمْدًا كَانَتْ أَوْ جَهْلًا، وَقَالَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ، وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكِ أَنَّهُمَا قَالَا: الْجَهَالَةُ هُنَا الْعَمْدُ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةُ: أُمُورُ الدُّنْيَا كُلُّهَا جَهَالَةٌ .
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
يُرِيدُ الْخَاصَّةَ بِهَا الْخَارِجَةَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ. وَهَذَا الْمَعْنَى عِنْدِي جَارٍ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=36إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَقَدْ تَأَوَّلَ قَوْمٌ قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةَ بِأَنَّهُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ فِي الدُّنْيَا.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
فَكَأَنَّ الْجَهَالَةَ اسْمٌ لِلْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَهَذَا عِنْدِي ضَعِيفٌ، وَقِيلَ: "بِجَهَالَةٍ"، أَيْ: لَا يَعْلَمُ كُنْهَ الْعُقُوبَةِ، وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ، ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابْنُ فُورَكٍ وَرُدَّ عَلَيْهِ.
وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَوِّلُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: "مِنْ قَرِيبٍ"; فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ: مَعْنَى ذَلِكَ: قَبْلَ الْمَرَضِ وَالْمَوْتِ، وَقَالَ
أَبُو مِجْلَزٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ قَيْسٍ nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكُ nindex.php?page=showalam&ids=16584وَعِكْرِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=16327وَابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: قَبْلَ الْمُعَايَنَةِ لِلْمَلَائِكَةِ وَالسَّوْقِ، وَأَنْ يُغْلَبَ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ. وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12134أَبُو قِلَابَةَ: "أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ
آدَمَ فَرَآهُ إِبْلِيسُ أَجْوَفَ، ثُمَّ جَرَى لَهُ مَا جَرَى وَلُعِنَ وَأُنْظِرَ، قَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا بَرِحْتُ مِنْ قَلْبِهِ مَا دَامَ فِيهِ الرُّوحُ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِزَّتِي لَا أَحْجُبُ عَنْهُ التَّوْبَةَ مَا دَامَ فِيهِ الرُّوحُ."
[ ص: 496 ] قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
فَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَ أَحْسَنَ أَوْقَاتِ التَّوْبَةِ، وَالْجُمْهُورُ حَدَّدُوا آخِرَ وَقْتِهَا. وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إِبْرَاهِيمُ النَّخْعِيُّ: كَانَ يُقَالُ: التَّوْبَةُ مَبْسُوطَةٌ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يُؤْخَذْ بِكَظْمِهِ. وَرَوَى
بَشِيرُ بْنُ كَعْبٍ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665830 "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ وَيُغْلَبْ عَلَى عَقْلِهِ".
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
لِأَنَّ الرَّجَاءَ فِيهِ بَاقٍ، وَيَصِحُّ مِنْهُ النَّدَمُ وَالْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْفِعْلِ فِي الْمُسْتَأْنَفِ، فَإِذَا غُلِبَ تَعَذَّرَتِ التَّوْبَةُ لِعَدَمِ النَّدَمِ وَالْعَزْمِ عَلَى التَّرْكِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: "مِنْ قَرِيبٍ" إِنَّمَا مَعْنَاهُ: مِنْ قَرِيبٍ إِلَى وَقْتِ الذَّنْبِ. وَمُدَّةُ الْحَيَاةِ كُلُّهَا قَرِيبٌ، وَالْمُبَادِرُ فِي الصِّحَّةِ أَفْضَلُ وَأَحَقُّ لِأَمَلِهِ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالْبُعْدُ كُلُّ الْبُعْدِ الْمَوْتُ، وَمِنْهُ قَوْلُ
مَالِكِ بْنِ الرَّيْبِ: . . . . . . . . . ... . .. . . . . وَأَيْنَ مَكَانُ الْبُعْدِ إِلَّا مَكَانِيَا؟
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا أَيْ: بِمَنْ يَتُوبُ وَيُيَسِّرُهُ هُوَ لِلتَّوْبَةِ، حَكِيمًا فِيمَا يُنْفِذُهُ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي تَأْخِيرِ مَنْ يُؤَخِّرُ حَتَّى يَهْلِكَ.
ثُمَّ نَفَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: "وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ".... الْآيَةِ أَنْ يَدْخُلَ فِي حُكْمِ التَّائِبِينَ مَنْ حَضَرَهُ مَوْتُهُ وَصَارَ فِي حَيِّزِ الْيَأْسِ، وَحُضُورُ الْمَوْتِ هُوَ كَمَا كَانَ
فِرْعَوْنُ حِينَ صَارَ فِي غَمْرَةِ الْمَاءِ وَالْغَرَقِ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ مَا أَظْهَرَ مِنَ الْإِيمَانِ، وَبِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16327وَابْنُ زَيْدٍ وَجَمَاعَةُ الْمُفَسِّرِينَ.
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14355الرَّبِيعُ: الْآيَةُ الْأُولَى قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=17إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ هِيَ فِي الْمُؤْمِنِينَ، وَالْآيَةُ
[ ص: 497 ] الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=18وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ ... الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ نُسِخَتْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ فَحَتَمَ أَلَّا يَغْفِرَ لِلْكَافِرِ وَأَرْجَأَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَشِيئَتِهِ، لَمْ يُيْئِسْهُمْ مِنَ الْمَغْفِرَةِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ:
وَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ الْآيَةَ خَبَرٌ، وَالْأَخْبَارُ لَا تُنْسَخُ. وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ، لِأَنَّ الْآيَةَ لَفْظُهَا الْخَبَرُ، وَمَعْنَاهُ تَقْرِيرُ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، فَهِيَ نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ وَنَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=65إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنَّمَا يَضْعُفُ الْقَوْلُ بِالنَّسْخِ مِنْ حَيْثُ تَنْبَنِي الْآيَتَانِ وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى تَقْرِيرِ نَسْخٍ، لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمْ تَنْفِ أَنْ يُغْفَرَ لِلْعَاصِي الَّذِي لَمْ يَتُبْ مِنْ قَرِيبٍ، فَنَحْتَاجُ أَنْ نَقُولَ: إِنَّ قَوْلَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=48وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ نَسَخَهَا، وَإِنَّمَا نَفَتْ هَذِهِ الْآيَةُ أَنْ يَكُونَ تَائِبًا مَنْ لَمْ يَتُبْ إِلَّا مَعَ حُضُورِ الْمَوْتِ. فَالْعَقِيدَةُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْآيَاتِ: أَنَّ مَنْ تَابَ مِنْ قَرِيبٍ فَلَهُ حُكْمُ التَّائِبِ فَيَغْلِبُ الظَّنُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُنَعَّمُ وَلَا يُعَذَّبُ، هَذَا مَذْهَبُ
أَبِي الْمَعَالِي وَغَيْرِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ: بَلْ هُوَ مَغْفُورٌ لَهُ قَطْعًا، لِإِخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ،
وَأَبُو الْمَعَالِي يَجْعَلُ تِلْكَ الْأَخْبَارَ ظَوَاهِرَ مَشْرُوطَةً بِالْمَشِيئَةِ،
nindex.php?page=treesubj&link=19722وَمَنْ لَمْ يَتُبْ حَتَّى حَضَرَهُ الْمَوْتُ فَلَيْسَ فِي حُكْمِ التَّائِبِينَ، فَإِنْ كَانَ كَافِرًا فَهُوَ يَخْلُدُ، وَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا فَهُوَ عَاصٍ فِي الْمَشِيئَةِ، لَكِنْ يَغْلِبُ الْخَوْفُ عَلَيْهِ، وَيَقْوَى الظَّنُّ فِي تَعْذِيبِهِ، وَيُقْطَعُ مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ أَنَّ مِنْ هَذِهِ الصَّنِيفَةِ مَنْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ تَعَالَى تَفَضُّلًا مِنْهُ وَلَا يُعَذِّبُهُ.
وَأَعْلَمَ اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا أَنَّ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَا مُسْتَعْتَبَ لَهُمْ وَلَا تَوْبَةَ فِي الْآخِرَةِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=18أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ، إِنْ كَانَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ فَقَطْ، فَالْعَذَابُ عَذَابُ خُلُودٍ، وَإِنْ كَانَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِمْ وَإِلَى مَنْ يَنْفُذُ عَلَيْهِ الْوَعِيدُ، مِمَّنْ لَا يَتُوبُ إِلَّا مَعَ حُضُورِ الْمَوْتِ مِنَ الْعُصَاةِ فَهُوَ فِي جِهَةِ هَؤُلَاءِ، عَذَابٌ وَلَا خُلُودَ مَعَهُ، وَ"أَعْتَدْنَا" مَعْنَاهُ: يَسَّرْنَاهُ وَأَحْضَرْنَاهُ، وَظَاهِرُ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ النَّارَ مَخْلُوقَةٌ بَعْدُ.