الباب الرابع
[ في ] معرفة من يقضى عليه أو له
وأما على من يقضي ؟ ولمن يقضي ؟ فإن الفقهاء اتفقوا على أنه يقضي لمن ليس يتهم عليه . واختلفوا في قضائه لمن يتهم عليه ، فقال مالك : لا يجوز قضاؤه على من لا تجوز عليه شهادته ، وقال قوم : يجوز ; لأن القضاء يكون بأسباب معلومة وليس كذلك الشهادة .
وأما على من يقضي ؟ فإنهم اتفقوا على أنه يقضي على المسلم الحاضر . واختلفوا في الغائب وفي . القضاء على أهل الكتاب
فأما ، فإن القضاء على الغائب مالكا ، قالا : يقضي على الغائب البعيد الغيبة ، وقال والشافعي أبو حنيفة : لا يقضي على الغائب أصلا ، وبه قال ، وقد قيل عن ابن الماجشون مالك : لا يقضي في الرباع المستحقة .
فعمدة من رأى القضاء حديث هند المتقدم ولا حجة فيه ; لأنه لم يكن غائبا عن المصر .
وعمدة من لم ير القضاء قوله - عليه الصلاة والسلام - : " " ، وما رواه فإنما أقضي له بحسب ما أسمع أبو داود وغيره عن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له حين أرسله إلى اليمن : " " . لا تقض لأحد الخصمين حتى تسمع من الآخر
وأما ، فإن في ذلك ثلاثة أقوال : الحكم على الذمي
أحدها : أنه يقضي بينهم إذا ترافعوا إليه بحكم المسلمين ، وهو مذهب أبي حنيفة .
والثاني : أنه مخير ، وبه قال مالك ، وعن القولان . الشافعي
والثالث : أنه واجب على الإمام أن يحكم بينهم وإن لم يتحاكموا إليه .
فعمدة من اشترط مجيئهم للحاكم قوله تعالى : ( فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ) وبهذا تمسك من رأى الخيار ، ومن أوجبه اعتمد قوله تعالى : ( وأن احكم بينهم ) ورأى أن هذا ناسخ لآية التخيير . وأما من رأى وجوب الحكم عليهم وإن لم يترافعوا ، فإنه احتج بإجماعهم على أن الذمي إذا سرق قطعت يده .