[ المسألة الخامسة ] .
[ هل يورث خيار المبيع أم لا ؟ ] .
وأما المسألة الخامسة ( وهي ) فإن هل يورث خيار المبيع أم لا ؟ مالكا ، ، وأصحابهما قالوا : [ ص: 568 ] يورث ، وإنه إذا مات صاحب الخيار فلورثته من الخيار مثل ما كان له . وقال والشافعي أبو حنيفة ، وأصحابه : يبطل الخيار بموت من له الخيار ، ويتم البيع ، وهكذا عنده خيار الشفعة ، وخيار قبول الوصية ، وخيار الإقالة .
وسلم لهم أبو حنيفة خيار الرد بالعيب ( أعني : أنه قال : يورث ) ، وكذلك خيار استحقاق الغنيمة قبل القسم ، وخيار القصاص ، وخيار الرهن .
وسلم لهم مالك خيار رد الأب ما وهبه لابنه ( أعني : أنه لم ير لورثة الميت من الخيار في رد ما وهبه لابنه ) ما جعل له الشرع من ذلك ( أعني : للأب ) ، وكذلك خيار الكتابة والطلاق ، واللعان . ومعنى خيار الطلاق : أن يقول الرجل لرجل آخر طلق امرأتي متى شئت ، فيموت الرجل المجعول له الخيار ، فإن ورثته لا يتنزلون منزلته عند مالك .
وسلم ما سلمت المالكية للحنفية من هذه الخيارات ، وسلم زائدا خيار الإقالة ، والقبول ، فقال : لا يورثان . الشافعي
وعمدة المالكية ، والشافعية : أن الأصل هو أن تورث الحقوق والأموال إلا ما قام دليل على مفارقة الحق في هذا المعنى للمال .
وعمدة الحنفية : أن الأصل هو أن يورث المال دون الحقوق إلا ما قام دليله من إلحاق الحقوق بالأموال .
فموضع الخلاف : هل الأصل هو أن تورث الحقوق كالأموال أم لا ؟ وكل واحد من الفريقين يشبه من هذا ما لم يسلمه له خصمه منها بما يسلمه منها له ، ويحتج على خصمه .
فالمالكية ، والشافعية : تحتج على أبي حنيفة بتسليمه وراثة خيار الرد بالعيب ، ويشبه سائر الخيارات التي يورثها به . والحنفية تحتج أيضا على المالكية ، والشافعية بما تمنع من ذلك ، وكل واحد منهم يروم أن يعطي فارقا فيما يختلف فيه قوله ومشابها فيما يتفق فيه قوله ، ويروم في قول خصمه بالضد ( أعني : أن يعطي فارقا فيما يضعه الخصم متفقا ، ويعطي اتفاقا فيما يضعه الخصم متباينا ) ، مثل ما تقول المالكية : إنما قلنا إن خيار الأب في رد هبته لا يورث; لأن ذلك خيار راجع إلى صفة في الأب لا توجد في غيره ، وهي الأبوة ، فوجب أن لا تورث لا إلى صفة في العقد .
وهذا هو سبب اختلافهم في خيار خيار ، ( أعني : أنه من انقدح له في شيء منها أنه صفة للعقد ورثه ، ومن انقدح له أنه صفة خاصة بذي الخيار لم يورثه ) .