[ المسألة السابعة ]
[ هل تبقى الكفارة في الذمة إن كان معسرا ؟ ]
وأما المسألة السابعة - وهي ؟ : فإن هل يجب عليه الإطعام إذا أيسر وكان معسرا في وقت الوجوب قال : لا شيء عليه إن كان معسرا . وأما الأوزاعي فتردد في ذلك . الشافعي
والسبب في اختلافهم في ذلك : أنه حكم مسكوت عنه فيحتمل أن يشبه بالديون ، فيعود الوجوب عليه في وقت الإثراء ، ويحتمل أن يقال : لو كان ذلك واجبا عليه لبينه له - عليه الصلاة والسلام .
فهذه أحكام من أفطر متعمدا في رمضان مما أجمع على أنه مفطر .
وأما من أفطر مما هو مختلف فيه : فإن بعض من أوجب فيه الفطر أوجب فيه القضاء والكفارة ، وبعضهم أوجب فيه القضاء فقط ، مثل من رأى الفطر في الحجامة ومن الاستقاء ، ومن بلع الحصاة ، ومثل المسافر يفطر أول يوم يخرج عند من يرى أنه ليس له أن يفطر في ذلك اليوم ، فإن مالكا أوجب فيه القضاء والكفارة ، وخالفه في ذلك سائر فقهاء الأمصار وجمهور أصحابه .
وأما من أوجب القضاء والكفارة من الاستقاء فأبو ثور وسائر من يرى أن الاستقاء مفطر لا يوجبون إلا القضاء فقط . والذي أوجب القضاء والكفارة في الاحتجام من القائلين بأن الحجامة تفطر هو عطاء وحده . والأوزاعي
وسبب هذا الخلاف : أن المفطر بشيء فيه اختلاف فيه شبه من غير المفطر ومن المفطر ، فمن غلب أحد الشبهين أوجب له ذلك الحكم ، وهذان الشبهان الموجودان فيه هما اللذان أوجبا فيه الخلاف - أعني : هل هو مفطر أو غير مفطر - .
ولكون الإفطار شبهة لا يوجب الكفارة عند الجمهور وإنما يوجب القضاء فقط ، نزع أبو حنيفة إلى أنه من أفطر متعمدا للفطر ثم طرأ عليه في ذلك اليوم سبب مبيح للفطر أنه لا كفارة عليه ، كالمرأة تفطر عمدا ثم تحيض باقي النهار ، وكالصحيح يفطر عمدا ثم يمرض ، والحاضر يفطر ثم يسافر .
فمن اعتبر الأمر في نفسه - أعني : أنه مفطر في يوم جاز له الإفطار فيه - لم يوجب عليهم الكفارة ، وذلك أن كل واحد من هؤلاء قد كشف له الغيب أنه أفطر في يوم جاز له الإفطار فيه ، ومن اعتبر الاستهانة بالشرع أوجب عليه الكفارة ، لأنه حين أفطر لم يكن عنده علم بالإباحة ، وهو مذهب مالك . والشافعي
ومن هذا الباب إيجاب مالك القضاء فقط على من ، وإيجابه القضاء والكفارة على من أكل وهو شاك في الغروب على ما تقدم من الفرق بينهما . أكل وهو شاك في الفجر
واتفق الجمهور على أنه ليس في الفطر عمدا في قضاء رمضان كفارة ، لأنه ليس له حرمة زمان الأداء - أعني : رمضان - إلا قتادة فإنه أوجب عليه القضاء والكفارة . وروي عن ابن القاسم وابن وهب أن عليه يومين قياسا على الحج الفاسد .