الفصل الثاني
عليه ، ومن أولى بالتقديم فيمن يصلى
وأجمع أكثر أهل العلم على إجازة الصلاة على كل من قال لا إله إلا الله ، وفي ذلك أثر أنه قال - عليه الصلاة والسلام - : " صلوا على من قال : لا إله إلا الله " ، وسواء كان من أهل الكبائر أو من أهل البدع ، إلا أن مالكا كره لأهل الفضل الصلاة على أهل البدع ، ولم ير أن يصلي الإمام على من قتله حدا .
واختلفوا فيمن قتل نفسه ، فرأى قوم أنه لا يصلى عليه ، وأجاز آخرون الصلاة عليه .
ومن العلماء من لم يجز الصلاة على أهل الكبائر ولا على أهل البغي والبدع .
والسبب في اختلافهم في الصلاة :
أما في أهل البدع فلاختلافهم في تكفيرهم ببدعهم ، فمن كفرهم بالتأويل البعيد لم يجز الصلاة عليهم ، ومن لم يكفرهم إذ كان الكفر عنده إنما هو تكذيب الرسول لا تأويل أقواله - عليه الصلاة والسلام - قال : الصلاة عليهم جائزة ، وإنما أجمع العلماء على ترك الصلاة على المنافقين مع تلفظهم بالشهادة لقوله تعالى : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) الآية .
وأما اختلافهم في أهل الكبائر فليس يمكن أن يكون له سبب إلا من جهة اختلافهم في القول في التكفير بالذنوب ، لكن ليس هذا مذهب أهل السنة ، فلذلك ليس ينبغي أن يمنع الصلاة الفقهاء . على أهل الكبائر
وأما كراهية مالك الصلاة على أهل البدع فذلك لمكان الزجر والعقوبة لهم ، وإنما لم ير مالك صلاة الإمام على من قتله حدا ; " ماعز ، ولم ينه عن الصلاة عليه " خرجه لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على أبو داود .
[ ص: 201 ] وإنما اختلفوا في لحديث الصلاة على من قتل نفسه " جابر بن سمرة " . فمن صحح هذا الأثر قال : لا يصلى على قاتل نفسه ، ومن لم يصححه رأى أن حكمه حكم المسلمين وإن كان من أهل النار كما ورد به الأثر ، لكن ليس هو من المخلدين لكونه من أهل الإيمان ، وقد قال - عليه الصلاة والسلام - حكاية عن ربه : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبى أن يصلي على رجل قتل نفسه " . واختلفوا أيضا في أخرجوا من النار من في قلبه مثقال حبة من الإيمان ، فقال الصلاة على الشهداء المقتولين في المعركة مالك لا يصلى على الشهيد المقتول في المعركة ولا يغسل ، وقال والشافعي أبو حنيفة : يصلى عليه ولا يغسل .
وسبب اختلافهم : اختلاف الآثار الواردة في ذلك ، وذلك أنه خرج أبو داود من طريق جابر : " أحد فدفنوا بثيابهم ، ولم يصل عليهم ، ولم يغسلوا " . وروي من طريق أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بشهداء مسندا : " ابن عباس أحد وعلى حمزة ولم يغسل ولم يتيمم " . وروي ذلك أيضا مرسلا من حديث أنه - عليه الصلاة والسلام - صلى على قتلى أبي مالك الغفاري ، وكذلك روي أيضا أن أعرابيا جاءه سهم فوقع في حلقه فمات ، فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال : " " وكلا الفريقين يرجح الأحاديث التي أخذ بها ، وكانت الشافعية تعتل بحديث إن هذا عبد خرج مجاهدا في سبيلك فقتل شهيدا وأنا شهيد عليه هذا وتقول : يرويه ابن عباس وكان قد اختل آخر عمره ، وقد كان ابن أبي الزناد شعبة يطعن فيه . وأما المراسيل فليست عندهم بحجة .
واختلفوا فقال متى يصلى على الطفل مالك : لا يصلى على الطفل حتى يستهل صارخا ، وبه قال ; وقال الشافعي أبو حنيفة يصلى عليه إذا نفخ فيه الروح ، وذلك أنه إذا كان له في بطن أمه أربعة أشهر فأكثر ، وبه قال . ابن أبي ليلى
وسبب اختلافهم في ذلك : معارضة المطلق للمقيد ، وذلك أنه روى الترمذي عن عن النبي - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : " جابر بن عبد الله " . وروي عن النبي - عليه الصلاة والسلام - من حديث الطفل لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل صارخا أنه قال : " المغيرة بن شعبة " . الطفل يصلى عليه
فمن ذهب مذهب حديث جابر قال : ذلك عام وهذا مفسر ، فالواجب أن يحمل ذلك العموم على هذا التفسير ، فيكون معنى حديث المغيرة أن الطفل يصلى عليه إذا استهل صارخا .
ومن ذهب مذهب حديث المغيرة قال : معلوم أن المعتبر في الصلاة وهو حكم الإسلام والحياة ، والطفل إذا تحرك فهو حي ، وحكمه حكم المسلمين ، ، فرجحوا هذا العموم على ذلك الخصوص لموضع موافقة القياس له ، ومن الناس من شذ وقال : لا يصلى على الأطفال أصلا . وروى وكل مسلم حي إذا مات صلي عليه أبو داود " أن النبي - عليه الصلاة والسلام - لم يصل على ابنه إبراهيم وهو ابن ثمانية أشهر " . وروي فيه " أنه صلى عليه وهو ابن سبعين ليلة " .
واختلفوا في المسبيين : فذهب الصلاة على الأطفال مالك في رواية البصريين عنه أن الطفل من أولاد الحربيين لا يصلى عليه حتى يعقل الإسلام ، سواء سبي مع أبويه أو لم يسب معهما ، وأن حكمه حكم أبويه إلا أن يسلم الأب فهو تابع له دون الأم ، ووافقه على هذا إلا أنه إن أسلم أحد أبويه فهو عنده تابع لمن أسلم منهما لا للأب وحده على ما ذهب إليه الشافعي مالك .
[ ص: 202 ] وقال أبو حنيفة : يصلى على الأطفال المسبيين ، وحكمهم حكم من سباهم .
وقال : إذا ملكهم المسلمون صلي عليهم - يعني : إذا بيعوا في السبي - . قال : وبهذا جرى العمل في الثغر وبه الفتيا فيه . الأوزاعي
وأجمعوا على أنه إذا كانوا مع آبائهم ولم يملكهم مسلم ولا أسلم أحد أبويهم أن حكمهم حكم آبائهم .
والسبب في اختلافهم : اختلافهم في أطفال المشركين هل هم من أهل الجنة أو من أهل النار ؟ وذلك أنه جاء في بعض الآثار أنهم من آبائهم ; أي أن حكمهم حكم آبائهم ، ودليل قوله - عليه الصلاة والسلام - : " " أن حكمهم حكم المؤمنين . كل مولود يولد على الفطرة
وأما : فقيل الولي وقيل الوالي . فمن قال الوالي شبهه بصلاة الجمعة من حيث هي صلاة جماعة ، ومن قال الولي شبهها بسائر الحقوق التي الولي أحق بها ، مثل مواراته ودفنه ، وأكثر أهل العلم على أن الوالي بها أحق . من أولى بالتقديم للصلاة على الجنازة
قال : وقدم أبو بكر بن المنذر الحسين بن علي وهو والي سعيد بن العاص المدينة ليصلي على الحسن بن علي وقال : لولا أنها سنة ما تقدمت ، قال أبو بكر : وبه أقول .
وأكثر العلماء على أنه لا يصلى إلا على الحاضر . وقال بعضهم يصلى على الغائب لحديث ، والجمهور على أن ذلك خاص النجاشي وحده . بالنجاشي
واختلفوا هل يصلى ؟ والجمهور على أنه يصلى على أكثره لتناول اسم الميت له ، ومن قال أنه يصلى على أقله قال : لأن حرمة البعض كحرمة الكل ، لاسيما إن كان ذلك البعض محل الحياة ، وكان ممن يجيز الصلاة على الغائب . على بعض الجسد