الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : القول في المسح على العمائم وإذا مسح بعض رأسه فيختار أن يكمل ذاك بمسح العمامة . نص عليه الشافعي لرواية وهب الثقفي ، عن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى عمامته .

                                                                                                                                            فأما إن اقتصر على مسح العمامة وحدها دون الرأس لم يجزه في قول جمهور الفقهاء . وقال أحمد بن حنبل وسفيان الثوري يجزيه استدلالا برواية راشد بن سعد ، عن ثوبان قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يمسحوا على العصائب والنساخين ، يعني بالعصائب العمائم ، والنساخين يعني به الخفاف ، قال : ولأنه عضو يسقط في التيمم فجاز الاقتصار بالمسح على حائل دونه كالرجلين .

                                                                                                                                            ودليلنا قوله تعالى : وامسحوا برءوسكم ، فأوجب الظاهر تعلق الفرض بالرأس من غير حائل ولأن النبي صلى الله عليه وسلم حين مسح برأسه قال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ولأنه عضو لا يلحقه المشقة في إيصال الماء إليه فلم يجز الاقتصار على حائل دونه كالوجه .

                                                                                                                                            فأما الجواب عن الخبر أنه أمرهم أن يمسحوا على العمائم والنساخين ، فقد كانت عمائم العرب إذ ذاك صغارا ولذلك سميت عصائب لصغرها ولم تكن تعم جميع الرأس ولا تمنع من وصول المسح إليه ، إما مباشرة أو بللا ، وأما قياسهم على الخفين ، فالمعنى فيه لحوق المشقة بنزعهما ، وأن فرض الرجلين استيعاب غسلهما وليس كذلك في الرأس ؛ لأن الفرض مسح بعضه ولا يشق ذلك عليه مع ستر رأسه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية