فصل : وكان السبب في بيان
nindex.php?page=treesubj&link=619_625حكم الحيض وما يلزم اجتنابه من الحائض ما روي أن
[ ص: 380 ] أسيد بن حضير وعباد بن بشر وثابت بن الدحداح سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم الحيض والحائض ، واختلف في سبب سؤالهم ، فقال
قتادة : كان سبب سؤالهم أن العرب ، ومن في صدر الإسلام يجتنبون مساكنة الحائض ومواكلتها ومشاربتها فسألوا عنه ليعلموا حكم الشرع فيه ، وقال
مجاهد : بل كانوا يعتزلون وطأهن في الفرج ويأتوهن في أدبارهن مدة حيضهن فسألوا ليعلموا حكمه فيه ، فأنزل الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين [ البقرة : 222 ] .
فبدأ بتفسير الآية .
فأما قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ويسألونك عن المحيض [ البقرة : 222 ] فالمحيض في هذا الموضع عبارة عن دم الحيض باتفاق أهل العلم ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222هو أذى فالأذى هو ما يؤذي فسمى دم الحيض أذى : لأنه له لون ورائحة منتنة ونجاسة مؤذية مع منعه من عبادات وتغير أحكام ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فاعتزلوا النساء [ البقرة : 222 ] فيه تأويلان :
أحدهما : اعتزال جميع بدنها أن يباشره بشيء من بدنه وهذا قول
عبيدة السلماني استعمالا لعموم اللفظ .
والتأويل الثاني : أن المراد اعتزال وطئها دون غيره ، وهو قول الجمهور لرواية
حماد عن
ثابت البناني nindex.php?page=hadith&LINKID=920940عن أنس بن مالك أن اليهود كانت إذا حاضت منهن المرأة أخرجوها من البيت ولم يواكلوها ، ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت ، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله عز وجل nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ويسألونك عن المحيض قل هو أذى [ البقرة : 222 ] إلى آخر الآية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء إلا النكاح ، فقالت اليهود ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئا من أمرنا إلا خالفنا فيه وروت
صفية nindex.php?page=hadith&LINKID=920941عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجري فيقرأ وأنا حائض وروي
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إني لأدنو إلى الحائض ، ومالي إليها ضرورة أي : ميل إليها لحاجة وقوله في المحيض في هذا المحيض الثاني ثلاث تأويلات :
أحدها : أنه دم الحيض كالحيض الأول .
والثاني : زمان الحيض ليعم زمان جريان الدم وما يتخلله من أوقات انقطاعه .
[ ص: 381 ] والثالث : مكان الحيض وهو الفرج كما يقال : مبيت ومقيل لمكان البيتوتة ، ومكان القيلولة ، وهو قول أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وجمهور المفسرين .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ولا تقربوهن [ البقرة : 222 ] فيه قراءتان :
إحداهما : أنه تأكيد لقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فاعتزلوا بالتخفيف وضم الهاء ، ومعناه : انقطاع الدم وهو قول
مجاهد وعكرمة .
والثاني : أنه تحديد لآخر زمان التحريم وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222حتى يطهرن فيه قراءتان والثانية : بالتشديد وفتح الهاء .
ومعناه : حتى يغتسلن .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فإذا تطهرن [ البقرة : 222 ] فيه قولان :
أحدهما : تطهرن من الدم بانقطاعه وهو قول
أبي حنيفة .
والثاني : يطهرن بالماء ، وهو قول الجمهور وهو الصحيح : لأنه أضاف الطهارة إلى فعلهن وليس انقطاع الدم من فعلهن ، فلم يجز أن يكون مرادا وفي صفة هذه الطهارة لأهل التأويل ثلاثة أقاويل :
أحدها : غسل الفرج وهذا قول
داود بن علي .
والثاني : الوضوء وهو قول
طاوس ومجاهد .
والثالث : الغسل وهو قول
ابن عباس وعكرمة والحسن وبه قال
الشافعي وجمهور الفقهاء .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فأتوهن من حيث أمركم الله [ البقرة : 222 ] فيه تأويلان :
أحدها : القبل المنهي عنه في حال الحيض دون الدبر وهو قول
ابن عباس ومجاهد .
والثاني : من قبل طهرهن لا من قبل حيضهن ، وهذا قول
عكرمة وقتادة .
والثالث : فأتوهن من قبل النكاح لا من قبل الفجور وهذا قول
محمد بن الحنفية .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222إن الله يحب التوابين [ البقرة 222 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ويحب المتطهرين فيه ثلاث تأويلات :
أحدها : المتطهرين بالماء وهذا قول عطاء .
والثاني : المتطهرين من أدبار النساء أن يأتوها ، وهذا قول
مجاهد .
والثالث : المتطهرين من الذنوب أن يعودوا فيها بعد التوبة منها وهذا محكي عن
مجاهد أيضا .
[ ص: 382 ] فهذا ما جاء في كتاب الله تعالى من حكم الحيض ، وأما السنة فمدار الحيض فيها على ثلاثة أحاديث :
أحدها : حديث
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة في المعتادة .
والثاني : حديث
فاطمة بنت أبي حبيش في المميزة .
والثالث : حديث
حمنة بنت جحش في المستحاضة .
فأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة فرواه
الشافعي عن
مالك عن
نافع عن
سليمان بن يسار عن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة nindex.php?page=hadith&LINKID=920943أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتت لها nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستنق بثوب ثم لتصلي .
وأما حديث
فاطمة بنت أبي حبيش فرواه
ابن شهاب عن
عروة بن الزبير nindex.php?page=hadith&LINKID=920944عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : إذا كان دم الحيضة فإنه دم أسود يعرف ، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي ، فإنما هو عرق .
وأما حديث
حمنة بنت جحش فرواه
الشافعي عن
إبراهيم بن محمد عن
عبد الله بن محمد بن عقيل عن
إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه
عمران بن طلحة عن أمه
حمنة بنت جحش قالت
nindex.php?page=hadith&LINKID=920945كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجدته في بيت أختي زينب فقلت يا رسول الله صلى الله عليك إن لي إليك حاجة وإنه لحديث ما بد منه وإني لأستحي منه فقال صلى الله عليه وسلم وما هو يا هنتاه فقالت إني أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما [ ص: 383 ] ترى قد منعتني الصلاة والصوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم وأنا منها فإني أبعث لك الكرسف فإنه يذهب الدم قالت هو أكثر من ذلك قال فالتجمي قالت هو أكثر من ذلك قال فاتخذي ثوبا قالت هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجا فقال النبي صلى الله عليه وسلم سآمرك بأمرين أيهما فعلت أجزاك عن الآخر فإن قويت عليهما فأنت أعلم قال إنما هي ركضة من ركضات الشيطان فتحيضي ستة أو سبعة أيام في علم الله ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلى أربعا وعشرين ليلة وأيامها أو ثلاثة وعشرين ليلة وأيامها وصومي فإنه يجزيك وكذا افعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن فإن قويت على أن تؤخرين الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين ثم تصلي الظهر والعصر جميعا ثم تؤخرين المغرب ثم تغتسلين وتجمعين بين المغرب والعشاء فافعلي وتغتسلين عند الفجر ثم تصلين الصبح وكذلك فافعلي وصومي إن قويت على ذلك قال وهذا أحب الأمرين إلي .
فَصْلٌ : وَكَانَ السَّبَبُ فِي بَيَانِ
nindex.php?page=treesubj&link=619_625حُكْمِ الْحَيْضِ وَمَا يَلْزَمُ اجْتِنَابُهُ مِنَ الْحَائِضِ مَا رُوِيَ أَنَّ
[ ص: 380 ] أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ وَعَبَّادَ بْنَ بِشْرٍ وَثَابِتَ بْنَ الدَّحْدَاحِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حُكْمِ الْحَيْضِ وَالْحَائِضِ ، وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ سُؤَالِهِمْ ، فَقَالَ
قَتَادَةُ : كَانَ سَبَبُ سُؤَالِهِمْ أَنَّ الْعَرَبَ ، وَمَنْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ يَجْتَنِبُونَ مُسَاكَنَةَ الْحَائِضِ وَمُوَاكَلَتَهَا وَمُشَارَبَتَهَا فَسَأَلُوا عَنْهُ لِيَعْلَمُوا حُكْمَ الشَّرْعِ فِيهِ ، وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : بَلْ كَانُوا يَعْتَزِلُونَ وَطْأَهُنَّ فِي الْفَرْجِ وَيَأْتُوهُنَّ فِي أَدْبَارِهِنَّ مُدَّةَ حَيْضِهِنَّ فَسَأَلُوا لِيَعْلَمُوا حُكْمَهُ فِيهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [ الْبَقَرَةِ : 222 ] .
فَبَدَأَ بِتَفْسِيرِ الْآيَةِ .
فَأَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ [ الْبَقَرَةِ : 222 ] فَالْمَحِيضُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عِبَارَةً عَنْ دَمِ الْحَيْضِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222هُوَ أَذًى فَالْأَذَى هُوَ مَا يُؤْذِي فَسَمَّى دَمَ الْحَيْضِ أَذًى : لِأَنَّهُ لَهُ لَوْنٌ وَرَائِحَةٌ مُنْتِنَةٌ وَنَجَاسَةٌ مُؤْذِيَةٌ مَعَ مَنْعِهِ مِنْ عِبَادَاتٍ وَتَغَيُّرِ أَحْكَامٍ ، وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ [ الْبَقَرَةِ : 222 ] فِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : اعْتِزَالُ جَمِيعِ بَدَنِهَا أَنْ يُبَاشِرَهُ بِشَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ وَهَذَا قَوْلُ
عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ اسْتِعْمَالًا لِعُمُومِ اللَّفْظِ .
وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ اعْتِزَالُ وَطْئِهَا دُونَ غَيْرِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ لِرِوَايَةِ
حَمَّادٍ عَنْ
ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ nindex.php?page=hadith&LINKID=920940عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ الْيَهُودَ كَانَتْ إِذَا حَاضَتْ مِنْهُنَّ الْمَرْأَةُ أَخْرَجُوهَا مِنَ الْبَيْتِ وَلَمْ يُوَاكِلُوهَا ، وَلَمْ يُشَارِبُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبَيْتِ ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى [ الْبَقَرَةِ : 222 ] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ ، فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ وَاصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ ، فَقَالَتِ الْيَهُودُ مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِنَا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ وَرَوَتْ
صَفِيَّةُ nindex.php?page=hadith&LINKID=920941عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِي فَيَقْرَأُ وَأَنَا حَائِضٌ وَرُوِيَ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي لَأَدْنُو إِلَى الْحَائِضِ ، وَمَالِي إِلَيْهَا ضَرُورَةٌ أَيْ : مَيْلٌ إِلَيْهَا لِحَاجَةٍ وَقَوْلُهُ فِي الْمَحِيضِ فِي هَذَا الْمَحِيضِ الثَّانِي ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُ دَمُ الْحَيْضِ كَالْحَيْضِ الْأَوَّلِ .
وَالثَّانِي : زَمَانُ الْحَيْضِ لِيَعُمَّ زَمَانَ جَرَيَانِ الدَّمِ وَمَا يَتَخَلَّلُهُ مِنْ أَوْقَاتِ انْقِطَاعِهِ .
[ ص: 381 ] وَالثَّالِثُ : مَكَانُ الْحَيْضِ وَهُوَ الْفَرْجُ كَمَا يُقَالُ : مَبِيتٌ وَمَقِيلٌ لِمَكَانِ الْبَيْتُوتَةِ ، وَمَكَانِ الْقَيْلُولَةِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ [ الْبَقَرَةِ : 222 ] فِيهِ قِرَاءَتَانِ :
إِحْدَاهُمَا : أَنَّهُ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فَاعْتَزِلُوا بِالتَّخْفِيفِ وَضَمِّ الْهَاءِ ، وَمَعْنَاهُ : انْقِطَاعُ الدَّمِ وَهُوَ قَوْلُ
مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ تَحْدِيدٌ لِآخِرِ زَمَانِ التَّحْرِيمِ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222حَتَّى يَطْهُرْنَ فِيهِ قِرَاءَتَانِ وَالثَّانِيَةُ : بِالتَّشْدِيدِ وَفَتْحِ الْهَاءِ .
وَمَعْنَاهُ : حَتَّى يَغْتَسِلْنَ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فَإِذَا تَطَهَّرْنَ [ الْبَقَرَةِ : 222 ] فِيهِ قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : تَطَهَّرْنَ مِنَ الدَّمِ بِانْقِطَاعِهِ وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي حَنِيفَةَ .
وَالثَّانِي : يَطْهُرْنَ بِالْمَاءِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الصَّحِيحُ : لِأَنَّهُ أَضَافَ الطَّهَارَةَ إِلَى فِعْلِهِنَّ وَلَيْسَ انْقِطَاعُ الدَّمِ مِنْ فِعْلِهِنَّ ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا وَفِي صِفَةِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ لِأَهْلِ التَّأْوِيلِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ :
أَحَدُهَا : غَسْلُ الْفَرْجِ وَهَذَا قَوْلُ
دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ .
وَالثَّانِي : الْوُضُوءُ وَهُوَ قَوْلُ
طَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ .
وَالثَّالِثُ : الْغُسْلُ وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَبِهِ قَالَ
الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [ الْبَقَرَةِ : 222 ] فِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهَا : الْقُبُلُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي حَالِ الْحَيْضِ دُونَ الدُّبُرِ وَهُوَ قَوْلُ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ .
وَالثَّانِي : مِنْ قِبَلِ طُهْرِهِنَّ لَا مِنْ قِبَلِ حَيْضِهِنَّ ، وَهَذَا قَوْلُ
عِكْرِمَةَ وقَتَادَةَ .
وَالثَّالِثُ : فَأْتُوهُنَّ مِنْ قِبَلِ النِّكَاحِ لَا مِنْ قِبَلِ الْفُجُورِ وَهَذَا قَوْلُ
مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ [ الْبَقَرَةِ 222 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ فِيهِ ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ :
أَحَدُهَا : الْمُتَطَهِّرِينَ بِالْمَاءِ وَهَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ .
وَالثَّانِي : الْمُتَطَهِّرِينَ مِنْ أَدْبَارِ النِّسَاءِ أَنْ يَأْتُوهَا ، وَهَذَا قَوْلُ
مُجَاهِدٍ .
وَالثَّالِثُ : الْمُتَطَهِّرِينَ مِنَ الذُّنُوبِ أَنْ يَعُودُوا فِيهَا بَعْدَ التَّوْبَةِ مِنْهَا وَهَذَا مَحْكِيٌّ عَنْ
مُجَاهِدٍ أَيْضًا .
[ ص: 382 ] فَهَذَا مَا جَاءَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حُكْمِ الْحَيْضِ ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَدَارُ الْحَيْضِ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ :
أَحَدُهَا : حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ فِي الْمُعْتَادَةِ .
وَالثَّانِي : حَدِيثُ
فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ فِي الْمُمَيِّزَةِ .
وَالثَّالِثُ : حَدِيثُ
حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ .
فَأَمَّا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ فَرَوَاهُ
الشَّافِعِيُّ عَنْ
مَالِكٍ عَنْ
نَافِعٍ عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=920943أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَهْرَاقُ الدَّمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْتَتْ لَهَا nindex.php?page=showalam&ids=54أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالأيَامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ فَإِذَا خَلَفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ ثُمَّ لِتَسْتَنْقِ بِثَوْبٍ ثَمَّ لِتُصَلِّيَ .
وَأَمَا حَدِيثُ
فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ فَرَوَاهُ
ابْنُ شِهَابٍ عَنْ
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ nindex.php?page=hadith&LINKID=920944عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُسْتَحَاضُ ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ فَإِنَهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ الْآخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي ، فَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ .
وَأَمَّا حَدِيثُ
حَمْنَةُ بِنْتِ جَحْشٍ فَرَوَاهُ
الشَّافِعِيُّ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمِّهِ
عِمْرَانَ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ
حَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ قَالَتْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=920945كُنْتُ أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَجِئْتُ إِلَى النَبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِ أُخْتِي زَيْنَبَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً وَإِنَّهُ لَحَدِيثٌ مَا بُدٌّ مِنْهُ وَإِنِي لِأَسْتَحِي مِنْهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا هُوَ يَا هَنْتَاهُ فَقَالَتْ إِنِي أُسْتَحَاضُ حَيْضَةً كَثِيرَةً شَدِيدَةً فَمَا [ ص: 383 ] تَرَى قَدْ مَنَعَتْنِي الصَّلَاةَ وَالصَوْمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مِنْهَا فَإِنِي أَبْعَثُ لَكِ الْكُرْسُفَ فَإِنَّهُ يُذْهِبُ الدَّمَ قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَالتَجِمِي قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَاتَّخِذِي ثَوْبًا قَالَتْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا أَثُجُّ ثَجًّا فَقَالَ النَّبِيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَآمُرُكِ بِأَمْرَيْنِ أَيَّهُمَا فَعَلْتِ أَجَزَاكِ عَنِ الْآخَرِ فَإِنْ قَوِيتِ عَلَيْهِمَا فَأَنْتِ أَعْلَمُ قَالَ إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنْ رَكْضَاتِ الشَّيْطَانِ فَتَحِيضِي سِتَةَ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي عِلْمٍ اللَهِ ثُمَّ اغْتَسِلِي حَتَى إِذَا رَأَيْتِ أَنَّكِ قَدْ طَهُرْتِ وَاسْتَنْقَأْتِ فَصَلَّى أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا أَوْ ثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا وَصُومِي فَإِنَّهُ يُجْزِيكِ وَكَذَا افْعَلِي فِي كُلِّ شَهْرٍ كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ وَكَمَا يَطْهُرْنَ مِيقَاتَ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ فَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِينَ الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ فَتَغْتَسِلِينَ ثُمَ تُصَلِّي الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ تُؤَخِّرِينَ الْمَغْرِبَ ثمَ تَغْتَسِلِينَ وَتَجْمَعِينَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فَافْعَلِي وَتَغْتَسِلِينَ عِنْدَ الْفَجْرِ ثُمَّ تُصَلِّينَ الصُّبْحَ وَكَذَلِكَ فَافْعَلِي وَصُومِي إِنْ قَوِيتِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَهَذَا أَحَبُّ الْأَمْرَيْنِ إِلَيَّ .