مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وكيفما أتى بالمسح على ظهر القدم بكل اليد أو بعضه أجزأه " .
قال الماوردي : وهذا كما قال مسح بعضه ، وإن قل بكل اليد أو بعضها ، وقال الواجب من مسح الخف أبو حنيفة : الواجب مسح ثلاثة أصابع استدلالا بما ، قال : وأقل الأصابع ثلاث ، قال : ولأن المأمور به المسح ، دون المس ، وما ذكرتموه يكون مسا ولا يكون مسحا : لأن المس الملاقاة ، والمسح أن ينضم إلى الملاقاة إمرار . روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يمسح على ظاهر الخفين خطوطا بالأصابع
ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم : " يمسح المقيم يوما وليلة " فكان على عمومه فيما انطلق اسم المسح عليه من قليل وكثير ، ولأنه أتى في محل المسح بما ينطلق عليه اسم المسح فوجب أن يجزئه ، كما لو مسح ثلاث أصابع ، ولأن التقدير ثلاث إما بنص أو إجماع ، وليس في تقديره بثلاث أصابع واحد منهما فلم يصح التقدير ، ولأن الأصابع مختلفة في الطول والعرض فصارت مجهولة ، والمقادير لا تثبت بمجهول فأما الخبر فمجهول ، وهو موقوف على الحسن البصري ، ولو صح مسندا لم يكن فيه دليل على أن الاقتصار على ما دونه لا يجزئ كما روي أنه مسح أعلى الخف وأسفله ، ولم يدل على أنه - مسح الأسفل - وحده لا يجزئ .
وأما الجواب عما استدل به من أن هذا مس لا مسح حتى ينضم إليه إمرار فهو أنها دعوى قد اجتمعنا على إبطالها : لاتفاقنا أن الإمرار ليس بشرط لأنه لو وضع عليه ثلاث أصابع من غير إمرار أجزأ ، ونحن نقول : مثله فيما قال ، والله أعلم .