الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وكيفما أتى بالمسح على ظهر القدم بكل اليد أو بعضه أجزأه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال الواجب من مسح الخف مسح بعضه ، وإن قل بكل اليد أو بعضها ، وقال أبو حنيفة : الواجب مسح ثلاثة أصابع استدلالا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يمسح على ظاهر الخفين خطوطا بالأصابع ، قال : وأقل الأصابع ثلاث ، قال : ولأن المأمور به المسح ، دون المس ، وما ذكرتموه يكون مسا ولا يكون مسحا : لأن المس الملاقاة ، والمسح أن ينضم إلى الملاقاة إمرار .

                                                                                                                                            ودليلنا قوله صلى الله عليه وسلم : " يمسح المقيم يوما وليلة " فكان على عمومه فيما انطلق اسم المسح عليه من قليل وكثير ، ولأنه أتى في محل المسح بما ينطلق عليه اسم المسح فوجب أن يجزئه ، كما لو مسح ثلاث أصابع ، ولأن التقدير ثلاث إما بنص أو إجماع ، وليس في تقديره بثلاث أصابع واحد منهما فلم يصح التقدير ، ولأن الأصابع مختلفة في الطول والعرض فصارت مجهولة ، والمقادير لا تثبت بمجهول فأما الخبر فمجهول ، وهو موقوف على الحسن البصري ، ولو صح مسندا لم يكن فيه دليل على أن الاقتصار على ما دونه لا يجزئ كما روي أنه مسح أعلى الخف وأسفله ، ولم يدل على أنه - مسح الأسفل - وحده لا يجزئ .

                                                                                                                                            وأما الجواب عما استدل به من أن هذا مس لا مسح حتى ينضم إليه إمرار فهو أنها دعوى قد اجتمعنا على إبطالها : لاتفاقنا أن الإمرار ليس بشرط لأنه لو وضع عليه ثلاث أصابع من غير إمرار أجزأ ، ونحن نقول : مثله فيما قال ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية