فصل : ولوغ الخنزير في الإناء
فإذا ثبت أن الخنزير نجس فولوغه كولوغ الكلب في وجوب غسله سبعا إحداهن بتراب ، وروى أبو ثور عن الشافعي في القديم أنه قال يغسل الإناء من ولوغ الخنزير فوهم أبو العباس بن القاص في إطلاق الشافعي ذكر العدد في القديم ، فخرج له في القديم قولا ثانيا أن ولوغ الخنزير يغسل مرة واحدة ، وهذا خطأ منه : لأنه في القديم نص على وجوب غسل الإناء من ولوغه وأطلق ذكر العدد على ما قد عرف من مذهبه ، وصرح به في سائر كتبه فيغسل سبع مرات إحداهن بتراب كولوغ الكلب سواء فأما احتجاج الشافعي بأن الخنزير أسوأ حالا من الكلب فلأمرين :
أحدهما : أن نجاسته بالنص ونجاسة الكلب بالاستدلال .
والثاني : أن تحريم الانتفاع بالخنزير عام وبالكلب خاص ، وأما قوله : " فقاسه عليه " فيقضي في وجوب غسل الإناء منه سبعا لا في نجاسته ، ثم هكذا في الحكم في كل حيوان نجس في حياته من المتولد بين كلب وخنزير أو بين أحدهما فلو فالماء على أصل طهارته حتى يتيقن أن الوالغ فيه كلب فلو كان له إناءان فأخبره من يسكن إلى خبره أن كلبا ولغ في الأكبر منه دون الأصغر ، وأخبره آخر ثقة أن كلبا ولغ في الأصغر دون الأكبر ، قال رأى حيوانا قد ولغ في إناء ثم شك في الحيوان هل هو كلب أو غيره الشافعي : كان والغا فيهما جميعا : لأنه قد يرى كل واحد منهما ما غفل عنه الآخر ، فلو أخبره من يثق بخبره أن هذا الكلب بعينه ولغ في إنائه هذا في وقت كذا من يوم كذا وشهد عنده عدلان أن ذاك الكلب بعينه كان في ذلك الزمان بعينه في بلد آخر ، فقد اختلف أصحابنا في حكم الإناء على وجهين :
[ ص: 317 ] أحدهما : أنه طاهر ، لأن الخبرين قد تعارضا فسقطا ووجب الرجوع إلى حكم الأصل .
والوجه الثاني : أن الماء نجس : لأن الخبر الأول موجب لتنجيسه والشهادة المعارضة له محتملة ، لأن الكلاب قد تشتبه ، ولأن تعيين الكلاب في الولوغ لا يلزم .