الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 196 ] فصل : أحكام الخنثى في النقض بالمس

                                                                                                                                            فإذا تقرر أن فرج المرأة كذكر الرجل في نقض الوضوء تفرع عليه مسائل الخنثى ومسائله تبنى على تنزيلين ينزل في أحدهما رجلا ، وينزل في الآخر امرأة ، فإن انتقض وضوءه في التنزيلين معا لزم ، وإن انتقض في أحدهما لم يلزم لأن الوضوء لا ينتقض إلا باليقين دون الشك ، فعلى هذا إذا مس رجل ذكر خنثى انتقض وضوءه لأنه إن كان الخنثى رجلا فقد مس ذكره ، وإن كان أنثى فقد لمس بدنها ، ولو مس رجل فرج خنثى لم ينتقض وضوءه لجواز أن يكون الخنثى رجلا فيكون الفرج عضوا زائدا فيه فلو مست امرأة فرج خنثى انتقض وضوءها لأنه إن كانت الخنثى امرأة فقد مست فرجها ، وإن كان رجلا فقد لمست بدنه ولو مست امرأة ذكر خنثى لم ينتقض وضوءها لجواز أن يكون الخنثى امرأة فيكون الذكر عضوا زائدا ، ولو أن خنثى مس ذكر نفسه لم ينتقض وضوءه لجواز أن يكون الخنثى رجلا ، ولو مسهما معا انتقض وضوءه لأنه إن كان رجلا فقد مس ذكره ، وإن كانت امرأة فقد مست فرجها ، وهكذا لو أن خنثى مس ذكر خنثى لم ينتقض وضوءه لجواز أن يكونا امرأتين ، ولو مس فرجه لم ينتقض لجواز أن يكونا رجلين ، ولو مس ذكره وفرجه انتقض وضوءه .

                                                                                                                                            ولو لمس كل واحد منهما ذكر صاحبه لم ينتقض وضوء واحد منهما لجواز أن يكونا امرأتين ، وكذا لو مس كل واحد منهما فرج صاحبه لم ينتقض وضوء واحد منهما لجواز أن يكونا رجلين ، ولو مس أحدهما ذكر صاحبه ومس الآخر فرج صاحبه فمعلوم أن طهر أحدهما قد انتقض لكن لما لم يتيقن من انتقض وضوءه منهما لم يلزم واحدا منهما وضوء لأنه كما لو سمع صوت من أحد رجلين كان موجبا لنقض وضوء أحدهما ولا يلزم واحدا منهما وضوء لأنه لم يتعين من الصوت منه ، وإذا أردت أن تعلم حال الخنثيين في هذه المسألة فنزلهما ( هاهنا ) أربع تنزيلات ليعلم أنه لا ينفك في كل واحد من التنزيلات الأربعة أن يكون وضوء أحدهما منتقضا فأما إذا كان لرجل ذكران يبول منهما فمس أحد ذكريه انتقض وضوءه لأنه ذكر رجل بخلاف الخنثى ، وهكذا لو أولجه في فرج لزم الغسل ، ولو خرج من أحدهما بلل لزمه الوضوء لأنه سبيل للحدث ، ولو كان يبول من أحدهما فحكم الذكر جار على الذي يبول منه ، والآخر زائد لا يتعلق به في نقض الطهر حكما ، فأما الخنثى المشكل إذا خرج من إحدى فرجيه بلل فلا وضوء عليه لجواز أن يكون هو الزائد ، ولو خرج منهما توضأ .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية