16966 ( أخبرنا ) أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد ، أنبأ ، ثنا إسماعيل بن محمد الصفار ، ثنا أحمد بن منصور الرمادي عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ، أخبرني الزهري ، وكان أبوه قد شهد بدرا : أن عبد الله بن عامر بن ربيعة عمر رضي الله عنه استعمل على البحرين ، وهو خال قدامة بن مظعون حفصة ، فقدم وعبد الله بن عمر الجارود سيد عبد القيس على عمر فقال : يا أمير المؤمنين ، إن قدامة ، وإني رأيت حدا من حدود الله حقا علي أن أرفعه إليك . فقال شرب فسكر عمر رضي الله عنه : من شهد معك ؟ قال : . فدعا أبو هريرة فقال : بم تشهد ؟ قال : لم أره شرب ، ولكني رأيته سكران يقيء . فقال أبا هريرة عمر رضي الله عنه : لقد تنطعت في الشهادة . قال : ثم كتب إلى قدامة أن يقدم عليه من البحرين فقدم فقام إليه الجارود فقال : أقم على هذا كتاب الله . فقال عمر [ ص: 316 ] رضي الله عنه : أخصم أنت أم شهيد ؟ قال : بل شهيد . قال : فقد أديت الشهادة . فصمت الجارود حتى غدا على عمر فقال : أقم على هذا حد الله . فقال عمر رضي الله عنه : ما أراك إلا خصما ، وما شهد معك إلا رجل . فقال الجارود : إني أنشدك الله . فقال عمر : لتمسكن لسانك أو لأسوءنك ، فقال : إن كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى ابنة الوليد فسلها ، وهي امرأة قدامة ، فأرسل أبو هريرة عمر رضي الله عنه إلى هند بنت الوليد ينشدها ، فأقامت الشهادة على زوجها ، فقال عمر لقدامة : إني حادك . فقال : لو شربت كما يقولون ما كان لكم تجلدوني . فقال عمر رضي الله عنه : لم ؟ قال قدامة : قال الله عز وجل { ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا } الآية . قال عمر رضي الله عنه : إنك أخطأت التأويل ؛ إن اتقيت الله اجتنبت ما حرم الله عليك . قال : ثم أقبل عمر رضي الله عنه على الناس فقال : ماذا ترون في جلد قدامة ؟ قالوا : لا نرى أن تجلده ما كان مريضا . فسكت عن ذلك أياما ثم أصبح يوما وقد عزم على جلده ، فقال لأصحابه : ما ترون في جلد قدامة ؟ فقال القوم : ما نرى أن تجلده ما دام وجعا . فقال عمر رضي الله عنه : لأن يلقى الله عز وجل تحت السياط أحب إلي من أن يلقاه ، وهو في عنقي ائتوني بسوط تام فأمر عمر رضي الله عنه بقدامة فجلد فغاضب عمر رضي الله عنه قدامة فهجره فحج ، وحج قدامة معه مغاضبا له فلما قفلا من حجهما ، ونزل عمر بالسقيا ، واستيقظ عمر من نومه فقال : عجلوا علي بقدامة فأتوني به فوالله إني لأرى أن آتيا أتاني فقال : سالم قدامة فإني أخوك فعجلوا إلي به فلما أتوه أبى أن يأتي فأمر به عمر رضي الله عنه إن أبى أن يجر إليه حتى كلمه ، واستغفر له ، وكان ذلك أول صلحهما .
في ابتداء هذه القصة ما دل على أن عمر رضي الله عنه توقف في قبول شهادتهما حين لم يجتمعا على شربه ، وحين حده يحتمل أن يكون ثبت عنده شربه بإقراره أو شهادة آخر على شربه مع الجارود .
فقد أخبرنا أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي الإمام ، وأبو نصر بن قتادة ، وأبو القاسم عبد الرحمن بن علي بن حمدان الفارسي قالوا : أنبأ ، أنبأ أبو عمرو بن نجيد أبو مسلم ، ثنا الأنصاري ، حدثني ابن عون ، عن : أن محمد هو ابن سيرين الجارود لما قدم على عمر رضي الله عنه . فذكر الحديث قال : فقال : يا أمير المؤمنين ، استعملت علينا من يشرب الخمر . قال : ومن شهودك ؟ قال : . قال : ختنك ختنك . قال أبو هريرة الأنصاري : وكانت أخت الجارود تحت قال : أما والله لأوجعن متنه بالسوط . قال فقال له : ما ذاك في الحق أن يشرب ختنك ، وتجلد ختني . قال : ومن ؟ قال : أبي هريرة علقمة . فشهدوا عنده فأمر بجلده ، وقال : ما حابيت في إمارتي أحدا منذ وليت غيره فما بورك لي فيه اذهبوا به فاجلدوه .