قال أبو جعفر : ومعنى " الدين " في هذا الموضع : الطاعة والذلة من قول الشاعر :
ويوم الحزن إذ حشدت معد وكان الناس ، إلا نحن دينا
[ ص: 274 ] يعني بذلك : مطيعين على وجه الذل ، ومنه قول القطامي :
كانت نوار تدينك الأديانا
يعني : تذلك . وقول الأعشى ميمون بن قيس :
هو دان الرباب إذ كرهوا الد ين دراكا بغزوة وصيال
يعني بقوله : " دان " ذلل وبقوله : " كرهوا الدين " الطاعة .
وكذلك " ، والفعل منه : " أسلم " بمعنى : دخل في السلم ، كما يقال : " أقحط القوم " إذا دخلوا في القحط ، [ ص: 275 ] الإسلام " وهو الانقياد بالتذلل والخشوع
" وأربعوا " إذا دخلوا في الربيع فكذلك " أسلموا " إذا دخلوا في السلم ، وهو الانقياد بالخضوع وترك الممانعة .
فإذ كان ذلك كذلك ، فتأويل قوله : " إن الدين عند الله الإسلام " : إن الطاعة التي هي الطاعة عنده ، الطاعة له ، وإقرار الألسن والقلوب له بالعبودية والذلة ، وانقيادها له بالطاعة فيما أمر ونهى ، وتذللها له بذلك من غير استكبار عليه ، ولا انحراف عنه ، دون إشراك غيره من خلقه معه في العبودة والألوهة .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
6763 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : " إن الدين عند الله الإسلام " ، وهو دين الله الذي شرع لنفسه ، وبعث به رسله ، ودل عليه أولياءه ، لا يقبل غيره ولا يجزى إلا به . والإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله ، والإقرار بما جاء به من عند الله
6764 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع قال حدثنا أبو العالية في قوله : " إن الدين عند الله الإسلام " قال : " الإسلام " الإخلاص لله وحده ، وعبادته لا شريك له ، [ ص: 276 ] وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وسائر الفرائض لهذا تبع .
6765 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله : ( أسلمنا ) [ سورة الحجرات : 14 ] ، قال : دخلنا في السلم ، وتركنا الحرب .
6766 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير : " إن الدين عند الله الإسلام " أي : ما أنت عليه يا محمد من التوحيد للرب ، والتصديق للرسل .