[ ص: 80 ] ذكر الأخبار التي رويت في
nindex.php?page=treesubj&link=28958_18633_28968_28964_29571الحض على العلم بتفسير القرآن ، ومن كان يفسره من الصحابة
81 - حدثنا
محمد بن علي بن الحسن بن شقيق المروزي ، قال سمعت أبي يقول : حدثنا
الحسين بن واقد ، قال : حدثنا
الأعمش ، عن
شقيق ، عن
ابن مسعود ، قال : كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن ، والعمل بهن .
82 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير ، عن
عطاء ، عن
أبي عبد الرحمن ، قال : حدثنا الذين كانوا يقرئوننا : أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل ، فتعلمنا القرآن والعمل جميعا .
83 - وحدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا
جابر بن نوح ، قال : حدثنا
الأعمش ، عن
مسلم ، عن
مسروق ، قال : قال
عبد الله : والذي لا إله غيره ، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيم نزلت ؟ وأين أنزلت ؟ ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته .
[ ص: 81 ]
84 - وحدثني
يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن
الأعمش ، عن
مسلم ، عن
مسروق ، قال : كان
عبد الله يقرأ علينا السورة ، ثم يحدثنا فيها ويفسرها عامة النهار .
85 - حدثني
أبو السائب سلم بن جنادة قال : حدثنا
أبو معاوية ، عن
الأعمش ، عن
شقيق ، قال : استعمل
علي ابن عباس على الحج ، قال : فخطب الناس خطبة لو سمعها
الترك والروم لأسلموا ، ثم قرأ عليهم سورة النور ، فجعل يفسرها .
86 - وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، قال : حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا
سفيان ، عن
الأعمش ، عن
أبي وائل شقيق بن سلمة ، قال : قرأ
ابن عباس سورة البقرة ، فجعل يفسرها ، فقال رجل : لو سمعت هذا الديلم لأسلمت .
87 - وحدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا
أبو يمان : عن
أشعث بن إسحاق ، عن
جعفر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير ، قال : من قرأ القرآن ثم لم يفسره ، كان كالأعمى أو كالأعرابي .
[ ص: 82 ]
88 - وحدثنا
أبو كريب ، قال : ذكر
أبو بكر بن عياش عن :
الأعمش ، قال : قال
أبو وائل : ولي
ابن عباس الموسم; فخطبهم ، فقرأ على المنبر سورة النور ، والله لو سمعها
الترك لأسلموا . فقيل له : حدثنا به عن
عاصم ؟ فسكت .
89 - وحدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا
ابن إدريس ، قال : سمعت
الأعمش ، عن
شقيق ، قال : شهدت
ابن عباس وولي الموسم ، فقرأ سورة النور على المنبر ، وفسرها ، لو سمعت الروم لأسلمت !
قال
أبو جعفر : وفي حث الله عز وجل عباده على
nindex.php?page=treesubj&link=18648الاعتبار بما في آي القرآن من المواعظ والبينات - بقوله جل ذكره لنبيه صلى الله عليه وسلم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=29كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ) [ سورة ص : 29 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=27ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون ) [ سورة الزمر : 27 ، 28 ] وما أشبه ذلك من آي القرآن ، التي أمر الله عباده وحثهم فيها على الاعتبار بأمثال آي القرآن ، والاتعاظ بمواعظه - ما يدل على أن عليهم معرفة تأويل ما لم يحجب عنهم تأويله من آيه .
لأنه محال أن يقال لمن لا يفهم ما يقال له ولا يعقل تأويله : "اعتبر بما لا فهم لك به ولا معرفة من القيل والبيان والكلام " - إلا على معنى الأمر بأن يفهمه ويفقهه ، ثم يتدبره ويعتبر به . فأما قبل ذلك ، فمستحيل أمره بتدبره وهو بمعناه جاهل . كما محال أن يقال لبعض أصناف الأمم الذين لا يعقلون كلام
العرب ولا يفهمونه ،
[ ص: 83 ] لو أنشد قصيدة شعر من أشعار بعض
العرب ذات أمثال ومواعظ وحكم : "اعتبر بما فيها من الأمثال ، وادكر بما فيها من المواعظ " - إلا بمعنى الأمر لها بفهم كلام
العرب ومعرفته ، ثم الاعتبار بما نبهها عليه ما فيها من الحكم . فأما وهي جاهلة بمعاني ما فيها من الكلام والمنطق ، فمحال أمرها بما دلت عليه معاني ما حوته من الأمثال والعبر . بل سواء أمرها بذلك وأمر بعض البهائم به ، إلا بعد العلم بمعاني المنطق والبيان الذي فيها .
فكذلك ما في آي كتاب الله من العبر والحكم والأمثال والمواعظ ، لا يجوز أن يقال : "اعتبر بها " إلا لمن كان بمعاني بيانه عالما ، وبكلام
العرب عارفا; وإلا بمعنى الأمر - لمن كان بذلك منه جاهلا - أن يعلم معاني كلام
العرب ، ثم يتدبره بعد ، ويتعظ بحكمه وصنوف عبره .
فإذ كان ذلك كذلك - وكان الله جل ثناؤه قد أمر عباده بتدبره وحثهم على الاعتبار بأمثاله - كان معلوما أنه لم يأمر بذلك من كان بما يدل عليه آيه جاهلا . وإذ لم يجز أن يأمرهم بذلك إلا وهم بما يدلهم عليه عالمون ، صح أنهم - بتأويل ما لم يحجب عنهم علمه من آيه الذي استأثر الله بعلمه منه دون خلقه ، الذي قد قدمنا صفته آنفا - عارفون . وإذ صح ذلك فسد قول من أنكر تفسير المفسرين - من كتاب الله وتنزيله - ما لم يحجب عن خلقه تأويله .
[ ص: 80 ] ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28958_18633_28968_28964_29571الْحَضِّ عَلَى الْعِلْمِ بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ ، وَمَنْ كَانَ يُفَسِّرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ
81 - حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ سَمِعَتُ أَبِي يَقُولُ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْأَعْمَشُ ، عَنْ
شَقِيقٍ ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إِذَا تَعَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزْهُنَّ حَتَّى يَعْرِفَ مَعَانِيَهُنَّ ، وَالْعَمَلَ بِهِنَّ .
82 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ ، عَنْ
عَطَاءٍ ، عَنْ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الَّذِينَ كَانُوا يُقْرِئُونَنَا : أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَقْرِئُونَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُخَلِّفُوهَا حَتَّى يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا مِنَ الْعَمَلِ ، فَتَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا .
83 - وَحَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
جَابِرُ بْنُ نُوحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
الْأَعْمَشُ ، عَنْ
مُسْلِمٍ ، عَنْ
مَسْرُوقٍ ، قَالَ : قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ : وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ ، مَا نَزَلَتْ آَيَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا وَأَنَا أَعْلَمُ فِيمَ نَزَلَتْ ؟ وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ ؟ وَلَوْ أَعْلَمُ مَكَانَ أَحَدٍ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي تَنَالُهُ الْمَطَايَا لَأَتَيْتُهُ .
[ ص: 81 ]
84 - وَحَدَّثَنِي
يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَسْعُودِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
مُسْلِمٍ ، عَنْ
مَسْرُوقٍ ، قَالَ : كَانَ
عَبْدُ اللَّهِ يَقْرَأُ عَلَيْنَا السُّورَةَ ، ثُمَّ يُحَدِّثُنَا فِيهَا وَيُفَسِّرُهَا عَامَّةَ النَّهَارِ .
85 - حَدَّثَنِي
أَبُو السَّائِبِ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
شَقِيقٍ ، قَالَ : اسْتَعْمَلَ
عَلِيٌّ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى الْحَجِّ ، قَالَ : فَخَطَبَ النَّاسَ خُطْبَةً لَوْ سَمِعَهَا
التُّرْكُ وَالرُّومُ لَأَسْلَمُوا ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ النُّورِ ، فَجَعَلَ يُفَسِّرُهَا .
86 - وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ : قَرَأَ
ابْنُ عَبَّاسٍ سُورَةَ الْبَقَرَةِ ، فَجَعَلَ يُفَسِّرُهَا ، فَقَالَ رَجُلٌ : لَوْ سَمِعَتْ هَذَا الدَّيْلَمُ لَأَسْلَمَتْ .
87 - وَحَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو يَمَانٍ : عَنْ
أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
جَعْفَرٍ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابْنِ جُبَيْرٍ ، قَالَ : مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ثُمَّ لَمْ يُفَسِّرْهُ ، كَانَ كَالْأَعْمَى أَوْ كَالْأَعْرَابِيِّ .
[ ص: 82 ]
88 - وَحَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : ذَكَرَ
أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ :
الْأَعْمَشِ ، قَالَ : قَالَ
أَبُو وَائِلٍ : وَلِيَ
ابْنُ عَبَّاسٍ الْمَوْسِمَ; فَخَطَبَهُمْ ، فَقَرَأَ عَلَى الْمِنْبَرِ سُورَةَ النُّورِ ، وَاللَّهِ لَوْ سَمِعَهَا
التُّرْكُ لَأَسْلَمُوا . فَقِيلَ لَهُ : حَدِّثْنَا بِهِ عَنْ
عَاصِمٍ ؟ فَسَكْتَ .
89 - وَحَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ إِدْرِيسَ ، قَالَ : سَمِعْتُ
الْأَعْمَشَ ، عَنْ
شَقِيقٍ ، قَالَ : شَهِدْتُ
ابْنَ عَبَّاسٍ وَوَلِيَ الْمَوْسِمَ ، فَقَرَأَ سُورَةَ النُّورِ عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَفَسَّرَهَا ، لَوْ سَمِعَتِ الرُّومُ لَأَسْلَمَتْ !
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَفِي حَثِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادَهُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=18648الِاعْتِبَارِ بِمَا فِي آَيِ الْقُرْآنِ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَالْبَيِّنَاتِ - بِقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=29كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) [ سُورَةُ ص : 29 ] وَقَوْلُهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=27وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) [ سُورَةُ الزُّمَرِ : 27 ، 28 ] وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ آيِ الْقُرْآنِ ، الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ عِبَادَهُ وَحَثَّهُمْ فِيهَا عَلَى الِاعْتِبَارِ بِأَمْثَالِ آيِ الْقُرْآنِ ، وَالِاتِّعَاظِ بِمَوَاعِظِهِ - مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَةَ تَأْوِيلِ مَا لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُمْ تَأْوِيلُهُ مِنْ آيِهِ .
لِأَنَّهُ مُحَالٌ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ لَا يَفْهَمُ مَا يُقَالُ لَهُ وَلَا يَعْقِلُ تَأْوِيلَهُ : "اعْتَبِرْ بِمَا لَا فَهْمَ لَكَ بِهِ وَلَا مَعْرِفَةَ مِنَ الْقِيلِ وَالْبَيَانِ وَالْكَلَامِ " - إِلَّا عَلَى مَعْنَى الْأَمْرِ بِأَنْ يَفْهَمَهُ وَيَفْقَهَهُ ، ثُمَّ يَتَدَبَّرَهُ وَيَعْتَبِرَ بِهِ . فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ ، فَمُسْتَحِيلٌ أَمْرُهُ بِتَدَبُّرِهِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ جَاهِلٌ . كَمَا مُحَالٌ أَنْ يُقَالَ لِبَعْضِ أَصْنَافِ الْأُمَمِ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ كَلَامَ
الْعَرَبِ وَلَا يَفْهَمُونَهُ ،
[ ص: 83 ] لَوْ أُنْشِدَ قَصِيدَةَ شِعْرٍ مِنْ أَشْعَارِ بَعْضِ
الْعَرَبِ ذَاتَ أَمْثَالٍ وَمَوَاعِظَ وَحِكَمٍ : "اعْتَبِرْ بِمَا فِيهَا مِنَ الْأَمْثَالِ ، وَادَّكِرْ بِمَا فِيهَا مِنَ الْمَوَاعِظِ " - إِلَّا بِمَعْنَى الْأَمْرِ لَهَا بِفَهْمِ كَلَامِ
الْعَرَبِ وَمَعْرِفَتِهِ ، ثُمَّ الِاعْتِبَارِ بِمَا نَبَّهَهَا عَلَيْهِ مَا فِيهَا مِنَ الْحِكَمِ . فَأَمَّا وَهِيَ جَاهِلَةٌ بِمَعَانِي مَا فِيهَا مِنَ الْكَلَامِ وَالْمَنْطِقِ ، فَمُحَالٌ أَمْرُهَا بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مَعَانِي مَا حَوَتْهُ مِنَ الْأَمْثَالِ وَالْعِبَرِ . بَلْ سَوَاءٌ أَمْرُهَا بِذَلِكَ وَأَمْرُ بَعْضِ الْبَهَائِمِ بِهِ ، إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ بِمَعَانِي الْمَنْطِقِ وَالْبَيَانِ الَّذِي فِيهَا .
فَكَذَلِكَ مَا فِي آيِ كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْعِبَرِ وَالْحِكَمِ وَالْأَمْثَالِ وَالْمَوَاعِظِ ، لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : "اعْتَبِرْ بِهَا " إِلَّا لِمَنْ كَانَ بِمَعَانِي بَيَانِهِ عَالِمًا ، وَبِكَلَامِ
الْعَرَبِ عَارِفًا; وَإِلَّا بِمَعْنَى الْأَمْرِ - لِمَنْ كَانَ بِذَلِكَ مِنْهُ جَاهِلًا - أَنْ يَعْلَمَ مَعَانِيَ كَلَامِ
الْعَرَبِ ، ثُمَّ يَتَدَبَّرَهُ بَعْدُ ، وَيَتَّعِظَ بِحِكَمِهِ وَصُنُوفِ عِبَرِهِ .
فَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ - وَكَانَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَدْ أَمَرَ عِبَادَهُ بِتَدَبُّرِهِ وَحَثَّهُمْ عَلَى الِاعْتِبَارِ بِأَمْثَالِهِ - كَانَ مَعْلُومًا أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ مَنْ كَانَ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ آيُهُ جَاهِلًا . وَإِذْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِذَلِكَ إِلَّا وَهُمْ بِمَا يَدُلُّهُمْ عَلَيْهِ عَالِمُونَ ، صَحَّ أَنَّهُمْ - بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُمْ عِلْمُهُ مِنْ آيِهِ الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ مِنْهُ دُونَ خَلْقِهِ ، الَّذِي قَدْ قَدَّمْنَا صِفَتَهُ آنِفًا - عَارِفُونَ . وَإِذْ صَحَّ ذَلِكَ فَسَدَ قَوْلُ مَنْ أَنْكَرَ تَفْسِيرَ الْمُفَسِّرِينَ - مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَتَنْزِيلِهِ - مَا لَمْ يَحْجُبْ عَنْ خَلْقِهِ تَأْوِيلَهُ .