القول في قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : قل ، يا محمد ، للذين كفروا من اليهود الذين بين ظهراني بلدك : " قد كان لكم آية " يعني : علامة ودلالة على صدق ما أقول إنكم ستغلبون وعبرة ، كما : -
6673 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة : [ ص: 230 ] " قد كان لكم آية " عبرة وتفكر .
6674 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع مثله إلا أنه قال : ومتفكر .
" في فئتين " يعني : في فرقتين وحزبين و " الفئة " الجماعة من الناس . " التقتا " للحرب ، وإحدى الفئتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن كان معه ممن شهد وقعة بدر ، والأخرى مشركو قريش .
" فئة تقاتل في سبيل الله " جماعة تقاتل في طاعة الله وعلى دينه ، وهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه " وأخرى كافرة " وهم مشركو قريش ، كما : -
6675 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا عن يونس بن بكير محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس : " قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله " أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببدر " وأخرى كافرة " فئة قريش الكفار .
6676 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير أو عكرمة عن ابن عباس مثله .
6677 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن [ ص: 231 ] جريج عن عكرمة : " قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله " محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه " وأخرى كافرة " قريش يوم بدر .
6678 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " قد كان لكم آية في فئتين " قال : في محمد وأصحابه ، ومشركي قريش يوم بدر .
6679 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله .
6680 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : " قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله " قال : ذلك يوم بدر ، التقى المسلمون والكفار .
قال أبو جعفر : ورفعت : " فئة تقاتل في سبيل الله " وقد قيل قبل ذلك : " في فئتين " بمعنى : إحداهما تقاتل في سبيل الله - على الابتداء ، كما قال الشاعر :
فكنت كذي رجلين رجل صحيحة ورجل رمى فيها الزمان فشلت [ ص: 232 ]
وكما قال ابن مفرغ :
فكنت كذي رجلين : رجل صحيحة
ورجل بها ريب من الحدثان فأما التي صحت فأزد شنوءة ،
وأما التي شلت فأزد عمان
وكذلك تفعل العرب في كل مكرر على نظير له قد تقدمه ، إذا كان مع المكرر خبر ترده على إعراب الأول مرة ، وتستأنفه ثانية بالرفع ، وتنصبه في التام من الفعل والناقص ، وقد جر ذلك كله ، فخفض على الرد على أول الكلام ، كأنه يعني إذا خفض ذلك : فكنت كذلك رجلين : كذي رجل صحيحة ورجل سقيمة . وكذلك الخفض في قوله : " فئة " جائز على الرد على قوله : " في فئتين التقتا " في فئة تقاتل في سبيل الله .
وهذا وإن كان جائزا في العربية ، فلا أستجيز القراءة به ، لإجماع الحجة من القرأة على خلافه . ولو كان قوله : " فئة " جاء نصبا ، كان جائزا أيضا على قوله : " قد كان لكم آية في فئتين التقتا " مختلفتين .