[ ص: 103 ] القول في
nindex.php?page=treesubj&link=29047_30387تأويل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ( 14 )
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ( 15 ) ) .
يعني تعالى ذكره بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ودانية عليهم ظلالها ) وقربت منهم ظلال أشجارها .
ولنصب دانية أوجه : أحدها : العطف به على قوله : ( متكئين فيها ) . والثاني : العطف به على موضع قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13لا يرون فيها شمسا ) لأن موضعه نصب ، وذلك أن معناه : متكئين فيها على الأرائك ، غير رائين فيها شمسا . والثالث : نصبه على المدح ، كأنه قيل : متكئين فيها على الأرائك ، ودانية بعد عليهم ظلالها ، كما يقال : عند فلان جارية جميلة ، وشابة بعد طرية ، تضمر مع هذه الواو فعلا ناصبا للشابة ، إذا أريد به المدح ، ولم يرد به النسق; وأنثت دانية لأن الظلال جمع . وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله بالتذكير : ( ودانيا عليهم ظلالها ) وإنما ذكر لأنه فعل متقدم ، وهي في قراءة فيما بلغني : ( ودان ) رفع على الاستئناف .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وذللت قطوفها تذليلا ) يقول : وذلل لهم اجتناء ثمر شجرها ، كيف شاءوا قعودا وقياما ومتكئين .
وبنحو الذي قلنا فى ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وذللت قطوفها تذليلا ) قال : إذا قام ارتفعت بقدره ، وإن قعد تدلت حتى ينالها ، وإن اضطجع تدلت حتى ينالها ، فذلك تذليلها .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ) قال : لا يرد أيديهم عنها بعد ولا شوك .
حدثني
يونس ، قال : أخبرنا
ابن وهب ، قال : قال
ابن زيد ، في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=23قطوفها دانية ) قال : الدانية : التي قد دنت عليهم ثمارها .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وذللت قطوفها تذليلا ) قال : يتناوله كيف شاء جالسا ومتكئا .
[ ص: 104 ]
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ) يقول تعالى ذكره : ويطاف على هؤلاء الأبرار بآنية من الأواني التي يشربون فيها شرابهم ، هي من فضة كانت قواريرا ، فجعلها فضة ، وهي في صفاء القوارير ، فلها بياض الفضة وصفاء الزجاج .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني
محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي عن أبيه ، عن
ابن عباس ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير ) يقول : آنية من فضة ، وصفاؤها وتهيؤها كصفاء القوارير .
حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
مجاهد (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21من فضة ) ، قال : فيها رقة القوارير في صفاء الفضة .
حدثني
محمد بن عمرو ، قال : ثنا
أبو عاصم ، قال : ثنا
عيسى ، وحدثني
الحارث ، قال : ثنا
الحسن ، قال : ثنا
ورقاء ، جميعا عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قوارير من فضة ) قال : صفاء القوارير وهي من فضة .
حدثنا
بشر ، قال : ثنا
يزيد ، قال : ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15ويطاف عليهم بآنية من فضة ) أي صفاء القوارير في بياض الفضة .
وقوله : ( وأكواب ) يقول : ويطاف مع الأواني بجرار ضخام فيها الشراب ، وكل جرة ضخمة لا عروة لها فهي كوب .
كما حدثنا
ابن حميد ، قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان ، عن
منصور ، عن
مجاهد ( وأكواب ) قال : ليس لها آذان .
وقد حدثنا
ابن حميد : قال : ثنا
مهران ، عن
سفيان بهذا الحديث بهذا الإسناد عن
مجاهد ، فقال : الأكواب : الأقداح .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15كانت قوارير ) يقول : كانت هذه الأواني والأكواب قواريرا ، فحولها الله فضة . وقيل : إنما قيل : ويطاف عليهم بآنية من فضة ، ليدل بذلك على أن أرض الجنة فضة ، لأن كل آنية تتخذ ، فإنما تتخذ من تربة الأرض التي فيها ، فدل جل ثناؤه بوصفه الآنية متى يطاف بها على أهل الجنة أنها من فضة ، ليعلم عباده أن تربة أرض الجنة فضة .
[ ص: 105 ]
واختلفت القراء في قراءة قوله " قوارير ، وسلاسل " ، فقرأ ذلك عامة قراء
المدينة والكوفة غير
حمزة : سلاسلا وقواريرا ( قواريرا ) بإثبات الألف والتنوين وكذلك هي في مصاحفهم ، وكان
حمزة يسقط الألفات من ذلك كله ، ولا يجري شيئا منه ، وكان أبو عمرو يثبت الألف في الأولى من قوارير ، ولا يثبتها في الثانية ، وكل ذلك عندنا صواب ، غير أن الذي ذكرت عن
أبي عمرو أعجبهما إلي ، وذلك أن الأول من القوارير رأس آية ، والتوفيق بين ذلك وبين سائر رءوس آيات السورة أعجب إلي إذ كان ذلك بإثبات الألفات في أكثرها .
[ ص: 103 ] الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29047_30387تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ( 14 )
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ ( 15 ) ) .
يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا ) وَقَرُبَتْ مِنْهُمْ ظِلَالُ أَشْجَارِهَا .
وَلِنَصْبِ دَانِيَةً أَوْجُهٌ : أَحَدُهَا : الْعَطْفُ بِهِ عَلَى قَوْلِهِ : ( مُتَّكِئِينَ فِيهَا ) . وَالثَّانِي : الْعَطْفُ بِهِ عَلَى مَوْضِعِ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا ) لِأَنَّ مَوْضِعَهُ نَصْبٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَاهُ : مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ، غَيْرَ رَائِينَ فِيهَا شَمْسًا . وَالثَّالِثُ : نَصْبُهُ عَلَى الْمَدْحِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ، وَدَانِيَةً بَعْدُ عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا ، كَمَا يُقَالُ : عِنْدَ فُلَانٍ جَارِيَةٌ جَمِيلَةٌ ، وَشَابَّةً بَعْدُ طَرِيَّةً ، تُضْمِرُ مَعَ هَذِهِ الْوَاوِ فِعْلًا نَاصِبًا لِلشَّابَّةِ ، إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَدْحُ ، وَلَمْ يُرَدْ بِهِ النَّسَقُ; وَأُنِّثَتْ دَانِيَةً لِأَنَّ الظِّلَالَ جَمْعٌ . وَذُكِرَ أَنَّ ذَلِكَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بِالتَّذْكِيرِ : ( وَدَانِيًا عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا ) وَإِنَّمَا ذُكِّرَ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُتَقَدْمٌ ، وَهِيَ فِي قِرَاءَةٍ فِيمَا بَلَغَنِي : ( وَدَانٍ ) رُفِعَ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ) يَقُولُ : وَذُلِّلَ لَهُمُ اجْتِنَاءُ ثَمَرِ شَجَرِهَا ، كَيْفَ شَاءُوا قُعُودًا وَقِيَامًا وَمُتَّكِئِينَ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فَى ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ ، قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ ، جَمِيعًا عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ) قَالَ : إِذَا قَامَ ارْتَفَعَتْ بِقَدْرِهِ ، وَإِنْ قَعَدَ تَدَلَّتْ حَتَّى يَنَالَهَا ، وَإِنِ اضْطَجَعَ تَدَلَّتْ حَتَّى يَنَالَهَا ، فَذَلِكَ تَذْلِيلُهَا .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ) قَالَ : لَا يَرُدُّ أَيْدِيَهُمْ عَنْهَا بُعْدٌ وَلَا شَوْكٌ .
حَدَّثَنِي
يُونُسُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ ، فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=23قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ ) قَالَ : الدَّانِيَةُ : الَّتِي قَدْ دَنَتْ عَلَيْهِمْ ثِمَارُهَا .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
مَهْرَانُ ، عَنْ
سُفْيَانَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ) قَالَ : يَتَنَاوَلُهُ كَيْفَ شَاءَ جَالِسًا وَمُتَّكِئًا .
[ ص: 104 ]
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ ) يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : وَيُطَافُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأبْرَارِ بِآنِيَةٍ مِنَ الْأَوَانِي الَّتِي يَشْرَبُونَ فِيهَا شَرَابَهُمْ ، هِيَ مِنْ فِضَّةٍ كَانَتْ قَوَارِيرًا ، فَجَعَلَهَا فِضَّةً ، وَهِيَ فِي صَفَاءِ الْقَوَارِيرِ ، فَلَهَا بَيَاضُ الْفِضَّةِ وَصَفَاءُ الزُّجَاجِ .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ : ثَنِي أَبِي ، قَالَ : ثَنِي عَمِّي ، قَالَ : ثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ ) يَقُولُ : آنِيَةٌ مِنْ فِضَّةٍ ، وَصَفَاؤُهَا وَتَهَيُّؤُهَا كَصَفَاءِ الْقَوَارِيرِ .
حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
مَهْرَانُ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21مِنْ فَضَّةٍ ) ، قَالَ : فِيهَا رِقَّةُ الْقَوَارِيرِ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ .
حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : ثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ ، قَالَ : ثَنَا
عِيسَى ، وَحَدَّثَنِي
الْحَارِثُ ، قَالَ : ثَنَا
الْحَسَنُ ، قَالَ : ثَنَا
وَرْقَاءُ ، جَمِيعًا عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ ) قَالَ : صَفَاءُ الْقَوَارِيرِ وَهِيَ مِنْ فِضَّةٍ .
حَدَّثَنَا
بِشْرٌ ، قَالَ : ثَنَا
يَزِيدُ ، قَالَ : ثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ ، قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ ) أَيْ صَفَاءُ الْقَوَارِيرِ فِي بَيَاضِ الْفِضَّةِ .
وَقَوْلُهُ : ( وَأَكْوَابٍ ) يَقُولُ : وَيُطَافُ مَعَ الْأَوَانِي بِجَرَارٍ ضِخَامٍ فِيهَا الشَّرَابُ ، وَكُلُّ جَرَّةٍ ضَخْمَةٍ لَا عُرْوَةَ لَهَا فَهِيَ كُوبٌ .
كَمَا حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ ، قَالَ : ثَنَا
مَهْرَانُ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنْ
مَنْصُورٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ( وَأَكْوَابٍ ) قَالَ : لَيْسَ لَهَا آذَانٌ .
وَقَدْ حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ : قَالَ : ثَنَا
مَهْرَانُ ، عَنْ
سُفْيَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادُ عَنْ
مُجَاهِدٍ ، فَقَالَ : الْأَكْوَابُ : الْأَقْدَاحُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15كَانَتْ قَوَارِيرَ ) يَقُولُ : كَانَتْ هَذِهِ الْأَوَانِي وَالْأَكْوَابُ قَوَارِيرًا ، فَحَوَّلَهَا اللَّهُ فِضَّةً . وَقِيلَ : إِنَّمَا قِيلَ : وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ ، لِيَدُلَّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ أَرْضَ الْجَنَّةِ فِضَّةٌ ، لِأَنَّ كُلَّ آنِيَةٍ تُتَّخَذُ ، فَإِنَّمَا تُتَّخَذُ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ الَّتِي فِيهَا ، فَدَلَّ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِوَصْفِهِ الْآنِيَةَ مَتَى يُطَافُ بِهَا عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنَّهَا مِنْ فِضَّةٍ ، لِيَعْلَمَ عِبَادُهُ أَنَّ تُرْبَةَ أَرْضِ الْجَنَّةِ فِضَّةٌ .
[ ص: 105 ]
وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ " قَوَارِيرَ ، وَسَلَاسِلَ " ، فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ
الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ غَيْرَ
حَمْزَةَ : سَلاسِلاً وَقَوَارِيرًا ( قَوَارِيرًا ) بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ وَالتَّنْوِينِ وَكَذَلِكَ هِيَ فِي مَصَاحِفِهِمْ ، وَكَانَ
حَمْزَةُ يُسْقِطُ الْأَلِفَاتِ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَلَا يُجْرِي شَيْئًا مِنْهُ ، وَكَانَ أَبُو عَمْرٍو يُثْبِتُ الْأَلِفَ فِي الْأُولَى مِنْ قَوَارِيرَ ، وَلَا يُثْبِتُهَا فِي الثَّانِيَةِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَنَا صَوَابٌ ، غَيْرَ أَنَّ الَّذِي ذَكَرْتُ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو أَعْجَبَهُمَا إِلَيَّ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَوَّلَ مِنَ الْقَوَارِيرِ رَأْسُ آيَةٍ ، وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ سَائِرِ رُءُوسِ آيَاتِ السُّورَةِ أَعْجَبُ إِلَيَّ إِذْ كَانَ ذَلِكَ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفَاتِ فِي أَكْثَرِهَا .