يقول تعالى ذكره للمشركين به : فكيف لا تخافون أيها الناس يوما يجعل الولدان شيبا إن كفرتم بالله ، ولم تصدقوا به . وذكر أن ذلك كذلك في قراءة . عبد الله بن مسعود
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : ( فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا ) يقول : كيف تتقون يوما ، وأنتم قد كفرتم به ولا تصدقون به .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : ( فكيف تتقون إن كفرتم ) قال : والله لا يتقي من كفر بالله ذلك اليوم .
وقوله : ( يوما يجعل الولدان شيبا ) يعني يوم القيامة ، وإنما تشيب الولدان من شدة هوله وكربه .
كما حدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : ثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( يوما يجعل الولدان شيبا ) كان ابن مسعود يقول : "إذا كان يوم القيامة دعا ربنا الملك آدم ، فيقول : يا آدم قم فابعث بعث النار ، فيقول آدم : أي رب ، لا علم لي إلا ما علمتني ، فيقول الله له : أخرج من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين ، فيساقون إلى النار سودا مقرنين ، زرقا كالحين ، فيشيب هنالك كل وليد" .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( يوما يجعل الولدان شيبا ) قال : تشيب الصغار من كرب ذلك اليوم .
وقوله : ( السماء منفطر به ) يقول تعالى ذكره : السماء مثقلة بذلك اليوم [ ص: 695 ] متصدعة متشققة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : ( السماء منفطر به ) يعني : تشقق السماء حين ينزل الرحمن جل وعز .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( منفطر به ) قال : مثقلة به .
حدثنا أبو حفص الحيري ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا أبو مودود ، عن الحسن ، في قوله : ( السماء منفطر به ) قال : مثقلة محزونة يوم القيامة .
حدثني علي بن سهل ، قال : ثنا مؤمل ، قال : ثنا أبو مودود بحر بن موسى ، قال : سمعت ابن أبي علي يقول في هذه الآية ، ثم ذكر نحوه .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا قال : ثنا يحيى بن واضح ، الحسين ، عن يزيد ، عن عكرمة ( السماء منفطر به ) قال : مثقلة به .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : ثنا قال : ثنا ابن علية ، أبو رجاء ، عن الحسن ، في قوله : ( السماء منفطر به ) قال : موقرة مثقلة .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ( السماء منفطر به ) يقول : مثقل به ذلك اليوم .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( السماء منفطر به ) قال : هذا يوم القيامة ، فجعل الولدان شيبا ، ويوم تنفطر السماء ، وقرأ : ( إذا السماء انفطرت ) وقال : هذا كله يوم القيامة .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عن وكيع ، سفيان ، عن جابر ، عن عبد الله بن يحيى ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ( السماء منفطر به ) قال : ممتلئة به ، بلسان الحبشة .
حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن جابر ، عن عكرمة ، ولم يسمعه عن ابن عباس ( السماء منفطر به ) قال : ممتلئة به . [ ص: 696 ]
وذكرت السماء في هذا الموضع لأن العرب تذكرها وتؤنثها ، فمن ذكرها وجهها إلى السقف ، كما يقال : هذا سماء البيت : لسقفه . وقد يجوز أن يكون تذكيرهم إياها لأنها من الأسماء التي لا فصل فيها بين مؤنثها ومذكرها; ومن التذكير قول الشاعر :
فلو رفع السماء إليه قوما لحقنا بالسماء مع السحاب
وقوله : ( كان وعده مفعولا ) يقول تعالى ذكره : كان ما وعد الله من أمر أن يفعله مفعولا؛ لأنه لا يخلف وعده ، وما وعد أن يفعله تكوينه يوم تكون الولدان شيبا ، يقول : فاحذروا ذلك اليوم أيها الناس ، فإنه كائن لا محالة .