القول في تأويل قوله تعالى : ( والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون ( 71 ) )
يقول تعالى ذكره : والله أيها الناس فضل بعضكم على بعض في الرزق الذي رزقكم في الدنيا ، فما الذين فضلهم الله على غيرهم بما رزقهم ( برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم ) يقول : بمشركي مماليكهم فيما رزقهم من الأموال [ ص: 252 ] والأزواج . ( فهم فيه سواء ) يقول : حتى يستووا هم في ذلك وعبيدهم ، يقول تعالى ذكره : فهم لا يرضون بأن يكونوا هم ومماليكهم فيما رزقتهم سواء ، وقد جعلوا عبيدي شركائي في ملكي وسلطاني ، وهذا مثل ضربه الله تعالى ذكره للمشركين بالله . وقيل : إنما عنى بذلك الذين قالوا : إن المسيح ابن الله من النصارى . وقوله : ( أفبنعمة الله يجحدون ) يقول تعالى ذكره : أفبنعمة الله التي أنعمها على هؤلاء المشركين من الرزق الذي رزقهم في الدنيا يجحدون بإشراكهم غير الله من خلقه في ، سلطانه وملكه؟
وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم ) يقول : لم يكونوا يشركون عبيدهم في أموالهم ونسائهم ، فكيف يشركون عبيدي معي في سلطاني؟ فذلك قوله ( أفبنعمة الله يجحدون ) .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن قال : قال ابن جريج ، ابن عباس : هذه الآية في شأن عيسى ابن مريم ، يعني بذلك نفسه ، إنما عيسى عبد ، فيقول الله : والله ما تشركون عبيدكم في الذي لكم فتكونوا أنتم وهم سواء ، فكيف ترضون لي بما لا ترضون لأنفسكم .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله ، عن ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله ( برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم ) قال : مثل آلهة الباطل مع الله تعالى ذكره .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله ( والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون ) وهذا مثل ضربه الله ، فهل منكم من أحد شارك مملوكه في زوجته وفي فراشه فتعدلون بالله خلقه وعباده ، [ ص: 253 ] فإن لم ترض لنفسك هذا ، فالله أحق أن ينزه منه من نفسك ، ولا تعدل بالله أحدا من عباده وخلقه .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ( فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم ) قال : هذا الذي فضل في المال والولد ، لا يشرك عبده في ماله وزوجته ، يقول : قد رضيت بذلك لله ولم ترض به لنفسك ، فجعلت لله شريكا في ملكه وخلقه .