القول في تأويل قوله ( وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون ( 51 ) )
قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : وأنذر ، يا محمد ، بالقرآن الذي أنزلناه إليك القوم الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ، علما منهم بأن ذلك كائن ، فهم مصدقون بوعد الله ووعيده ، عاملون بما يرضي الله ، دائبون في السعي ، فيما ينقذهم في معادهم من عذاب الله
" ليس لهم من دونه ولي " أي ليس لهم من عذاب الله إن عذبهم ، " ولي " ينصرهم فيستنقذهم منه ، " ولا شفيع " يشفع لهم عند الله - تعالى ذكره - فيخلصهم من عقابه " لعلهم يتقون " يقول : أنذرهم كي يتقوا الله في أنفسهم ، فيطيعوا ربهم ، ويعملوا لمعادهم ، ويحذروا سخطه باجتناب معاصيه .
وقيل : " وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا " ومعناه : يعلمون أنهم يحشرون ، فوضعت " المخافة " موضع " العلم " لأن خوفهم كان من أجل علمهم بوقوع ذلك ووجوده من غير شك منهم في ذلك . [ ص: 374 ]
وهذا أمر من الله - تعالى ذكره - نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم - بتعليم أصحابه ما أنزل الله إليه من وحيه ، وتذكيرهم ، والإقبال عليهم بالإنذار ، وصد عنه المشركون به ، بعد الإعذار إليهم ، وبعد إقامة الحجة عليهم ، حتى يكون الله هو الحاكم في أمرهم بما يشاء من الحكم فيهم .