القول في تأويل قوله ( أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون ( 19 ) )
قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : قل لهؤلاء المشركين ، الجاحدين نبوتك ، العادلين بالله ربا غيره : " أئنكم " أيها المشركون " لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى " يقول : تشهدون أن معه معبودات غيره من الأوثان والأصنام .
وقال : " أخرى " ولم يقل " أخر " و " الآلهة " جمع ؛ لأن الجموع يلحقها ، [ ص: 293 ] التأنيث ، كما قال تعالى : فما بال القرون الأولى [ سورة طه : 51 ] ولم يقل : " الأول " ولا " الأولين " .
ثم قال لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : " قل " يا محمد " لا أشهد " بما تشهدون : أن مع الله آلهة أخرى ، بل أجحد ذلك وأنكره " قل إنما هو إله واحد " يقول : إنما هو معبود واحد ، لا شريك له فيما يستوجب على خلقه من العبادة " وإنني بريء مما تشركون " يقول : قل وإنني بريء من كل شريك تدعونه لله ، وتضيفونه إلى شركته ، وتعبدونه معه ، لا أعبد سوى الله شيئا ، ولا أدعو غيره إلها .
وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في قوم من اليهود بأعيانهم ، من وجه لم تثبت صحته ، وذلك ما : -
13129 - حدثنا به هناد بن السري وأبو كريب قالا : حدثنا قال : حدثني يونس بن بكير محمد بن إسحاق قال : حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال : حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس قال : جاء النحام بن زيد ، وقردم بن كعب ، وبحري بن عمير فقالوا : يا محمد ، ما تعلم مع الله إلها غيره ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا إله إلا الله ، بذلك بعثت ، وإلى ذلك أدعو . فأنزل الله تعالى فيهم وفي قولهم : " قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم " إلى قوله : " لا يؤمنون " .