القول في تأويل قوله ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير ( 17 ) )
قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - : يا محمد ، إن يصبك الله " بضر " يقول : بشدة في دنياك ، وشظف في عيشك وضيق فيه ، فلن يكشف ذلك عنك إلا الله الذي أمرك أن تكون أول من أسلم لأمره ونهيه ، وأذعن له من أهل زمانك ، دون ما يدعوك العادلون به إلى عبادته من الأوثان والأصنام ، ودون كل شيء سواها من خلقه " وإن يمسسك بخير " يقول : وإن يصبك بخير ، أي : برخاء في عيش ، وسعة في الرزق ، وكثرة في المال ، فتقر أنه أصابك بذلك " فهو على كل شيء قدير " يقول - تعالى ذكره - : والله الذي أصابك بذلك ، فهو على كل شيء قدير هو القادر على نفعك وضرك ، وهو على كل شيء يريده قادر ، لا يعجزه شيء يريده ، ولا يمتنع منه شيء طلبه ، ليس كالآلهة الذليلة المهينة التي لا تقدر على اجتلاب نفع على أنفسها ولا غيرها ، ولا دفع ضر عنها ولا غيرها . يقول - تعالى ذكره - : فكيف [ ص: 288 ] تعبد من كان هكذا ، أم كيف لا تخلص العبادة ، وتقر لمن كان بيده الضر والنفع ، والثواب والعقاب ، وله القدرة الكاملة ، والعزة الظاهرة؟