القول في تأويل قوله ( ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم )
قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " ذلك " هذا الذي قلت لكم في أمر الأوصياء إذا ارتبتم في أمرهم ، واتهمتموهم بخيانة لمال من أوصى إليهم ، من حبسهم بعد الصلاة ، واستحلافكم إياهم على ما ادعى قبلهم أولياء الميت " أدنى " لهم " أن يأتوا بالشهادة على وجهها " يقول : هذا الفعل ، إذا فعلتم بهم ، أقرب لهم أن يصدقوا في أيمانهم ، ولا يكتموا ، ويقروا بالحق ولا يخونوا " أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم " يقول : أو يخاف هؤلاء الأوصياء إن عثر عليهم أنهم استحقوا إثما في أيمانهم بالله ، أن ترد أيمانهم على أولياء الميت ، بعد أيمانهم التي عثر عليها أنها كذب ، فيستحقوا بها ما ادعوا قبلهم من حقوقهم ، فيصدقوا حينئذ في أيمانهم وشهادتهم ، مخافة الفضيحة على أنفسهم ، وحذرا أن يستحق عليهم ما خانوا فيه أولياء الميت وورثته . [ ص: 205 ]
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . وقد تقدمت الرواية بذلك عن بعضهم ، ونحن ذاكرو الرواية في ذلك عن بعض من بقي منهم .
12979 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " فإن عثر على أنهما استحقا إثما " يقول : إن اطلع على أن الكافرين كذبا " فآخران يقومان مقامهما " يقول : من الأولياء ، فحلفا بالله أن شهادة الكافرين باطلة ، وأنا لم نعتد ، فترد شهادة الكافرين ، وتجوز شهادة الأولياء . يقول - تعالى ذكره - : ذلك أدنى أن يأتي الكافرون بالشهادة على وجهها ، أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم . وليس على شهود المسلمين أقسام ، وإنما الأقسام إذا كانوا كافرين .
12980 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا قال : حدثنا يزيد بن زريع سعيد ، عن قتادة قوله : " ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة " الآية ، يقول : ذلك أحرى أن يصدقوا في شهادتهم ، وأن يخافوا العقب .
12981 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم " قال : فتبطل أيمانهم ، وتؤخذ أيمان هؤلاء .
وقال آخرون : معنى ذلك تحبسونهما من بعد الصلاة . ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها ، على أنهما استحقا إثما ، فآخران يقومان مقامهما .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 206 ]
12982 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن قال : يوقف الرجلان بعد صلاتهما في دينهما ، فيحلفان بالله : " السدي لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين ، أن صاحبكم لبهذا أوصى ، وأن هذه لتركته " . فيقول لهما الإمام قبل أن يحلفا : " إنكما إن كنتما كتمتما أو خنتما ، فضحتكما في قومكما ، ولم أجز لكما شهادة ، وعاقبتكما " . فإن قال لهما ذلك ، فإن ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها .