قال أبو جعفر : إن قال لنا قائل : وكيف أخبر الله جل ثناؤه عمن قد وصفه بالخشوع له بالطاعة ، أنه " يظن " أنه ملاقيه ، والظن : شك ، والشاك في لقاء الله عندك بالله كافر ؟
قيل له : إن العرب قد تسمي اليقين " ظنا " ، والشك " ظنا " ، نظير تسميتهم الظلمة [ ص: 18 ] " سدفة " ، والضياء " سدفة " ، والمغيث " صارخا " ، والمستغيث " صارخا " ، وما أشبه ذلك من الأسماء التي تسمي بها الشيء وضده . ومما يدل على أنه يسمى به اليقين ، قول دريد بن الصمة :
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج سراتهم في الفارسي المسرد
يعني بذلك : تيقنوا ألفي مدجج تأتيكم . وقول عميرة بن طارق :بأن تغتزوا قومي وأقعد فيكم وأجعل مني الظن غيبا مرجما
ومنه قول الله جل ثناؤه : ( ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ) [ الكهف : 53 ] وبمثل الذي قلنا في ذلك جاء تفسير المفسرين .
861 - حدثني المثنى بن إبراهيم ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية في يظنون أنهم ملاقو ربهم ) قال : إن الظن هاهنا يقين . قوله : (
862 - وحدثنا ، قال : حدثنا محمد بن بشار أبو عاصم ، قال : حدثنا سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد ، قال : كل ظن في القرآن يقين ، " إني ظننت " ، " وظنوا " .
863 - حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا أبو داود الحفري ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : كل ظن في القرآن فهو علم .
864 - وحدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن : ( السدي الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ) أما " يظنون " فيستيقنون .
865 - وحدثني القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثني حجاج ، قال : قال : ( ابن جريج الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ) علموا أنهم ملاقو ربهم ، هي كقوله : ( إني ظننت أني ملاق حسابيه ) [ الحاقة : 20 ] يقول : علمت .
866 - وحدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : ( الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم ) قال : لأنهم لم يعاينوا ، فكان ظنهم يقينا ، [ ص: 20 ] وليس ظنا في شك . وقرأ : ( إني ظننت أني ملاق حسابيه ) .