قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : ( وإنها ) ، وإن الصلاة ، ف " الهاء والألف " في " وإنها " عائدتان على " الصلاة " . وقد قال بعضهم : إن قوله : ( وإنها ) بمعنى : إن إجابة محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يجر لذلك بلفظ الإجابة ذكر فتجعل " الهاء والألف " كناية عنه ، وغير جائز ترك الظاهر المفهوم من الكلام إلى باطن لا دلالة على صحته .
ويعني بقوله : ( لكبيرة ) : لشديدة ثقيلة . كما : -
856 - حدثني يحيى بن أبي طالب ، قال : أخبرنا ابن يزيد ، قال : أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، في وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) قال : إنها لثقيلة . قوله : (
[ ص: 16 ] ويعني بقوله : ( إلا على الخاشعين ) : إلا على الخاضعين لطاعته ، الخائفين سطواته ، المصدقين بوعده ووعيده . كما : -
856 - حدثني المثنى بن إبراهيم ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( إلا على الخاشعين ) يعني المصدقين بما أنزل الله .
857 - وحدثني المثنى ، قال : حدثنا آدم العسقلاني ، قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية في قوله : ( إلا على الخاشعين ) قال : يعني الخائفين .
858 - وحدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا سفيان ، عن جابر ، عن مجاهد : ( إلا على الخاشعين ) قال : المؤمنين حقا .
859 - وحدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
860 - وحدثني ، قال : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : الخشوع : الخوف والخشية لله . وقرأ قول الله : ( خاشعين من الذل ) [ الشورى : 45 ] قال : قد أذلهم الخوف الذي نزل بهم ، وخشعوا له .
[ ص: 17 ] " : التواضع والتذلل والاستكانة ، ومنه قول الشاعر : وأصل " الخشوع
لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع
يعني : والجبال خشع متذللة لعظم المصيبة بفقده .فمعنى الآية : واستعينوا أيها الأحبار من أهل الكتاب بحبس أنفسكم على طاعة الله ، وكفها عن معاصي الله ، وبإقامة الصلاة المانعة من الفحشاء والمنكر ، المقربة من مراضي الله ، العظيمة إقامتها إلا على المتواضعين لله ، المستكينين لطاعته ، المتذللين من مخافته .