القول في تأويل قوله ( فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت ( 76 ) )
قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - : الذين صدقوا الله ورسوله ، وأيقنوا بموعود الله لأهل الإيمان به " يقاتلون في سبيل الله " يقول : في طاعة الله ومنهاج دينه وشريعته التي شرعها لعباده . " والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت " يقول : والذين جحدوا وحدانية الله وكذبوا رسوله وما جاءهم به من عند ربهم " يقاتلون في سبيل الطاغوت " ، يعني في طاعة الشيطان وطريقه ومنهاجه الذي شرعه لأوليائه من أهل الكفر بالله . يقول الله مقويا عزم المؤمنين به من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومحرضهم على أعدائه وأعداء دينه من أهل الشرك به : " فقاتلوا " - أيها المؤمنون - " أولياء الشيطان " يعني بذلك : الذين يتولونه ويطيعون أمره ، في خلاف طاعة الله ، والتكذيب به ، وينصرونه " إن كيد الشيطان كان ضعيفا " [ ص: 547 ] يعني بكيده : ما كاد به المؤمنين من تحزيبه أولياءه من الكفار بالله على رسوله وأوليائه أهل الإيمان به . يقول : فلا تهابوا أولياء الشيطان ، فإنما هم حزبه وأنصاره ، وحزب الشيطان أهل وهن وضعف .
وإنما وصفهم - جل ثناؤه - بالضعف ؛ لأنهم لا يقاتلون رجاء ثواب ، ولا يتركون القتال خوف عقاب ، وإنما يقاتلون حمية أو حسدا للمؤمنين على ما آتاهم الله من فضله . والمؤمنون يقاتل من قاتل منهم رجاء العظيم من ثواب الله ، ويترك القتال - إن تركه - على خوف من وعيد الله في تركه ، فهو يقاتل على بصيرة بما له عند الله إن قتل ، وبما له من الغنيمة والظفر إن سلم . والكافر يقاتل على حذر من القتل ، وإياس من معاد ، فهو ذو ضعف وخوف .