القول في ذلك لمن خشي العنت منكم ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : يعني تعالى ذكره بقوله : " ذلك " هذا الذي أبحت أيها الناس ، من نكاح فتياتكم المؤمنات لمن لا يستطيع منكم طولا لنكاح المحصنات المؤمنات - أبحته لمن خشي العنت منكم ، دون غيره ممن لا يخشى العنت .
واختلف أهل التأويل في هذا الموضع .
فقال بعضهم : هو الزنا .
ذكر من قال ذلك : [ ص: 205 ] 9110 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا ابن إدريس قال : سمعت ليثا ، عن مجاهد قوله : لمن خشي العنت منكم ، قال : الزنا .
9111 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم ، عن العوام ، عمن حدثه ، عن ابن عباس أنه قال : ما ازلحف ناكح الأمة عن الزنا إلا قليلا .
9112 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : العنت الزنا .
9113 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبيد بن يحيى قال : حدثنا شريك ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : العنت الزنا .
9114 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير قال : ما ازلحف ناكح الأمة عن الزنا إلا قليلا ذلك لمن خشي العنت منكم .
9115 - حدثنا أبو سلمة قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير نحوه .
9116 - حدثني المثنى قال : حدثنا قال : أخبرنا حبان بن موسى ابن المبارك قال : أخبرنا عن فضيل بن مرزوق ، عطية في قوله : ذلك لمن خشي العنت منكم ، قال : الزنا .
9117 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا ابن أبي حماد قال : حدثنا فضيل ، عن عطية العوفي مثله .
[ ص: 206 ] 9118 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : لمن خشي العنت منكم ، قال : الزنا .
119 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا عبيدة ، عن الشعبي وجويبر ، عن الضحاك قالا : : العنت الزنا .
9120 - حدثنا أحمد بن حازم قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا عن فضيل بن مرزوق ، عطية : ذلك لمن خشي العنت منكم ، قال : العنت الزنا .
وقال آخرون : معنى ذلك : العقوبة التي تعنته ، وهي الحد .
قال أبو جعفر : والصواب من القول في قوله : ذلك لمن خشي العنت منكم ، ذلك لمن خاف منكم ضررا في دينه وبدنه .
قال أبو جعفر : وذلك أن " العنت " هو ما ضر الرجل . يقال منه : " قد عنت فلان فهو يعنت عنتا " إذا أتى ما يضره في دين أو دنيا ، ومنه قول الله تبارك وتعالى : ( ودوا ما عنتم ) [ سورة آل عمران : 118 ] . ويقال : " قد أعنتني فلان فهو يعنتني " إذا نالني بمضرة . وقد قيل : " العنت " الهلاك .
فالذين وجهوا تأويل ذلك إلى الزنا ، قالوا : الزنا ضرر في الدين ، وهو من العنت .
والذين وجهوه إلى الإثم ، قالوا : الآثام كلها ضرر في الدين ، وهي من العنت .
والذين وجهوه إلى العقوبة التي تعنته في بدنه من الحد ، فإنهم قالوا : الحد مضرة على بدن المحدود في دنياه ، وهو من العنت .
[ ص: 207 ] وقد عم الله بقوله : لمن خشي العنت منكم - جميع معاني العنت . ويجمع جميع ذلك الزنا ، لأنه يوجب العقوبة على صاحبه في الدنيا بما يعنت بدنه ، ويكتسب به إثما ومضرة في دينه ودنياه . وقد اتفق أهل التأويل الذي هم أهله ، على أن ذلك معناه . فهو وإن كان في عينه لذة وقضاء شهوة ، فإنه بأدائه إلى العنت - منسوب إليه موصوف به ، إذ كان للعنت سببا .