[ ص: 57 ] سورة الصافات
تفسير
nindex.php?page=treesubj&link=28889سورة الصافات
مكية في قول الجميع
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا إن إلهكم لواحد رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق nindex.php?page=treesubj&link=29008قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا هذه قراءة أكثر القراء . وقرأ
حمزة بالإدغام فيهن . وهذه القراءة التي نفر منها
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل لما سمعها .
النحاس : وهي بعيدة في العربية من ثلاث جهات : إحداهن : أن التاء ليست من مخرج الصاد ، ولا من مخرج الزاي ، ولا من مخرج الذال ، ولا من أخواتهن ، وإنما أختاها الطاء والدال ، وأخت الزاي الصاد والسين ، وأخت الذال الظاء والثاء . والجهة الثانية : أن التاء في كلمة وما بعدها في كلمة أخرى . والجهة الثالثة : أنك إذا أدغمت جمعت بين ساكنين من كلمتين ، وإنما يجوز الجمع بين ساكنين في مثل هذا إذا كانا في كلمة واحدة ، نحو دابة وشابة . ومجاز قراءة
حمزة أن التاء قريبة المخرج من هذه الحروف . " والصافات " قسم ، الواو بدل من الباء . والمعنى برب الصافات و " الزاجرات " عطف عليه .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=4إن إلهكم لواحد جواب القسم . وأجاز
الكسائي فتح إن في القسم . والمراد ب " الصافات " وما بعدها إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=3فالتاليات ذكرا الملائكة في قول
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة . تصف في السماء كصفوف الخلق في الدنيا للصلاة . وقيل : تصف أجنحتها في الهواء واقفة فيه
[ ص: 58 ] حتى يأمرها الله بما يريد . وهذا كما تقوم العبيد بين أيدي ملوكهم صفوفا . وقال
الحسن : صفا لصفوفهم عند ربهم في صلاتهم . وقيل : هي الطير ، دليله قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات والصف ترتيب الجمع على خط كالصف في الصلاة . والصافات جمع الجمع ، يقال : جماعة صافة ثم يجمع صافات . وقيل : الصافات جماعة الناس المؤمنين إذا قاموا صفا في الصلاة أو في الجهاد ، ذكره
القشيري .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2فالزاجرات زجرا الملائكة في قول
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ومسروق وغيرهم على ما ذكرناه ، إما لأنها تزجر السحاب وتسوقه في قول
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي . وإما لأنها تزجر عن المعاصي بالمواعظ والنصائح . وقال
قتادة : هي زواجر القرآن .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=3فالتاليات ذكرا الملائكة تقرأ كتاب الله تعالى ، قاله
ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والحسن ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي . وقيل : المراد
جبريل وحده فذكر بلفظ الجمع ; لأنه كبير الملائكة فلا يخلو من جنود وأتباع . وقال
قتادة : المراد كل من تلا ذكر الله تعالى وكتبه . وقيل : هي آيات القرآن ، وصفها بالتلاوة كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل ويجوز أن يقال لآيات القرآن تاليات ; لأن بعض الحروف يتبع بعضا ، ذكره
القشيري . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : أن المراد بالتاليات الأنبياء يتلون الذكر على أممهم . فإن قيل : ما حكم الفاء إذا جاءت عاطفة في الصفات ؟ قيل له : إما أن تدل على ترتب معانيها في الوجود ، كقوله : [
سلمة بن ذهل ] :
يا لهف زيابة للحارث الص ابح فالغانم فالآيب
كأنه قال : الذي صبح فغنم فآب . وإما على ترتبها في التفاوت من بعض الوجوه كقولك : خذ الأفضل فالأكمل ، واعمل الأحسن فالأجمل . وإما على ترتب موصوفاتها في ذلك كقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500490رحم الله المحلقين فالمقصرين . فعلى هذه القوانين الثلاثة ينساق أمر الفاء العاطفة في الصفات ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=4إن إلهكم لواحد جواب القسم . قال
مقاتل : وذلك أن الكفار
بمكة قالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أجعل الآلهة إلها واحدا ، وكيف يسع هذا الخلق فرد إله ؟ ! فأقسم الله بهؤلاء تشريفا . ونزلت الآية . قال
ابن الأنباري : وهو وقف حسن .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=66رب السماوات والأرض وما بينهما على معنى هو رب السموات .
النحاس : ويجوز أن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=66رب السماوات والأرض خبرا بعد خبر ، ويجوز أن يكون بدلا من " واحد " .
قلت : وعلى هذين الوجهين لا يوقف على " لواحد " . وحكى
الأخفش :
[ ص: 59 ] " رب السماوات - ورب المشارق " بالنصب على النعت لاسم إن ، بين سبحانه معنى وحدانيته وألوهيته وكمال قدرته بأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=66رب السماوات والأرض أي : خالقهما ومالكهما ورب المشارق أي : مالك مطالع الشمس .
ابن عباس : للشمس كل يوم مشرق ومغرب ، وذلك أن الله تعالى خلق للشمس ثلاثمائة وخمسة وستين كوة في مطلعها ، ومثلها في مغربها على عدد أيام السنة الشمسية ، تطلع في كل يوم في كوة منها ، وتغيب في كوة ، لا تطلع في تلك الكوة إلا في ذلك اليوم من العام المقبل . ولا تطلع إلا وهي كارهة فتقول : رب لا تطلعني على عبادك ؛ فإني أراهم يعصونك . ذكره
أبو عمر في كتاب التمهيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12590وابن الأنباري في كتاب الرد عن
عكرمة ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864785قلت nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس أرأيت ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أمية بن أبي الصلت آمن شعره وكفر قلبه ، قال : هو حق ، فما أنكرتم من ذلك ؟ قلت : أنكرنا قوله :
والشمس تطلع كل آخر ليلة حمراء يصبح لونها يتورد
ليست بطالعة لهم في رسلها إلا معذبة وإلا تجلد
ما بال الشمس تجلد ؟ فقال : والذي نفسي بيده ما طلعت شمس قط حتى ينخسها سبعون ألف ملك ، فيقولون لها : اطلعي اطلعي ، فتقول : لا أطلع على قوم يعبدونني من دون الله ، فيأتيها ملك فيستقل لضياء بني آدم ، فيأتيها شيطان يريد أن يصدها عن الطلوع فتطل بين قرنيه فيحرقه الله تعالى تحتها ، فذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما طلعت إلا بين قرني شيطان ، ولا غربت إلا بين قرني شيطان ، وما غربت قط إلا خرت لله ساجدة ، فيأتيها شيطان يريد أن يصدها عن السجود ، فتغرب بين قرنيه فيحرقه الله تعالى تحتها لفظ
ابن الأنباري . وذكر عن
عكرمة عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830980صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمية بن أبي الصلت في هذا الشعر :
زحل وثور تحت رجل يمينه والنسر للأخرى وليث مرصد
والشمس تطلع كل آخر ليلة حمراء يصبح لونها يتورد
ليست بطالعة لهم في رسلها إلا معذبة وإلا تجلد
قال
عكرمة : فقلت
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : يا مولاي أتجلد الشمس ؟ فقال : إنما اضطره الروي
[ ص: 60 ] إلى الجلد لكنها تخاف العقاب . ودل بذكر المطالع على المغارب ، فلهذا لم يذكر المغارب ، وهو كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سرابيل تقيكم الحر وخص المشارق بالذكر ; لأن الشروق قبل الغروب . وقال في سورة [ الرحمن ] :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=17رب المشرقين ورب المغربين أراد بالمشرقين أقصى مطلع تطلع منه الشمس في الأيام الطوال ، وأقصر يوم في الأيام القصار على ما تقدم في [ يس ] والله أعلم .
[ ص: 57 ] سُورَةُ الصَّافَّاتِ
تَفْسِيرُ
nindex.php?page=treesubj&link=28889سُورَةِ الصَّافَّاتِ
مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ nindex.php?page=treesubj&link=29008قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=1وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا هَذِهِ قِرَاءَةُ أَكْثَرِ الْقُرَّاءِ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ بِالْإِدْغَامِ فِيهِنَّ . وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ الَّتِي نَفَرَ مِنْهَا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمَّا سَمِعَهَا .
النَّحَّاسُ : وَهِيَ بَعِيدَةٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ : إِحْدَاهُنَّ : أَنَّ التَّاءَ لَيْسَتْ مِنْ مَخْرَجِ الصَّادِ ، وَلَا مِنْ مَخْرَجِ الزَّايِ ، وَلَا مِنْ مَخْرَجِ الذَّالِ ، وَلَا مِنْ أَخَوَاتِهِنَّ ، وَإِنَّمَا أُخْتَاهَا الطَّاءُ وَالدَّالُ ، وَأُخْتُ الزَّايِ الصَّادُ وَالسِّينُ ، وَأُخْتُ الذَّالِ الظَّاءُ وَالثَّاءُ . وَالْجِهَةُ الثَّانِيَةُ : أَنَّ التَّاءَ فِي كَلِمَةٍ وَمَا بَعْدَهَا فِي كَلِمَةٍ أُخْرَى . وَالْجِهَةُ الثَّالِثَةُ : أَنَّكَ إِذَا أَدْغَمْتَ جَمَعْتَ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ مِنْ كَلِمَتَيْنِ ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ سَاكِنَيْنِ فِي مِثْلِ هَذَا إِذَا كَانَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ ، نَحْوَ دَابَّةٍ وَشَابَّةٍ . وَمَجَازُ قِرَاءَةِ
حَمْزَةَ أَنَّ التَّاءَ قَرِيبَةُ الْمَخْرَجِ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ . " وَالصَّافَّاتِ " قَسَمٌ ، الْوَاوُ بَدَلٌ مِنَ الْبَاءِ . وَالْمَعْنَى بِرَبِّ الصَّافَّاتِ وَ " الزَّاجِرَاتِ " عَطْفٌ عَلَيْهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=4إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ جَوَابُ الْقَسَمِ . وَأَجَازَ
الْكِسَائِيُّ فَتْحَ إِنَّ فِي الْقَسَمِ . وَالْمُرَادُ بِ " الصَّافَّاتِ " وَمَا بَعْدَهَا إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=3فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا الْمَلَائِكَةُ فِي قَوْلِ
ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعِكْرِمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ . تُصَفُّ فِي السَّمَاءِ كَصُفُوفِ الْخَلْقِ فِي الدُّنْيَا لِلصَّلَاةِ . وَقِيلَ : تَصُفُّ أَجْنِحَتَهَا فِي الْهَوَاءِ وَاقِفَةً فِيهِ
[ ص: 58 ] حَتَّى يَأْمُرَهَا اللَّهُ بِمَا يُرِيدُ . وَهَذَا كَمَا تَقُومُ الْعَبِيدُ بَيْنَ أَيْدِي مُلُوكِهِمْ صُفُوفًا . وَقَالَ
الْحَسَنُ : صَفًّا لِصُفُوفِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ فِي صَلَاتِهِمْ . وَقِيلَ : هِيَ الطَّيْرُ ، دَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَالصَّفُّ تَرْتِيبُ الْجَمْعِ عَلَى خَطٍّ كَالصَّفِّ فِي الصَّلَاةِ . وَالصَّافَّاتُ جَمْعُ الْجَمْعِ ، يُقَالُ : جَمَاعَةٌ صَافَّةٌ ثُمَّ يُجْمَعُ صَافَّاتٍ . وَقِيلَ : الصَّافَّاتُ جَمَاعَةُ النَّاسِ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا قَامُوا صَفًّا فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِي الْجِهَادِ ، ذَكَرَهُ
الْقُشَيْرِيُّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=2فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا الْمَلَائِكَةُ فِي قَوْلِ
ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ وَمَسْرُوقٍ وَغَيْرِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ ، إِمَّا لِأَنَّهَا تَزْجُرُ السَّحَابَ وَتَسُوقُهُ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ . وَإِمَّا لِأَنَّهَا تَزْجُرُ عَنِ الْمَعَاصِي بِالْمَوَاعِظِ وَالنَّصَائِحِ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : هِيَ زَوَاجِرُ الْقُرْآنِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=3فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا الْمَلَائِكَةُ تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالَهُ
ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ . وَقِيلَ : الْمُرَادُ
جِبْرِيلُ وَحْدَهُ فَذُكِرَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ ; لِأَنَّهُ كَبِيرُ الْمَلَائِكَةِ فَلَا يَخْلُو مِنْ جُنُودٍ وَأَتْبَاعٍ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : الْمُرَادُ كُلُّ مَنْ تَلَا ذِكْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَكُتُبَهُ . وَقِيلَ : هِيَ آيَاتُ الْقُرْآنِ ، وَصَفَهَا بِالتِّلَاوَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=76إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لِآيَاتِ الْقُرْآنِ تَالِيَاتٌ ; لِأَنَّ بَعْضَ الْحُرُوفِ يَتْبَعُ بَعْضًا ، ذَكَرَهُ
الْقُشَيْرِيُّ . وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ : أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّالِيَاتِ الْأَنْبِيَاءُ يَتْلُونَ الذِّكْرَ عَلَى أُمَمِهِمْ . فَإِنْ قِيلَ : مَا حُكْمُ الْفَاءِ إِذَا جَاءَتْ عَاطِفَةً فِي الصِّفَاتِ ؟ قِيلَ لَهُ : إِمَّا أَنْ تَدُلَّ عَلَى تَرَتُّبِ مَعَانِيهَا فِي الْوُجُودِ ، كَقَوْلِهِ : [
سَلَمَةُ بْنُ ذُهْلٍ ] :
يَا لَهْفَ زَيَّابَةَ لِلْحَارِثِ الصَّ ابِحِ فَالْغَانِمِ فَالْآيِبِ
كَأَنَّهُ قَالَ : الَّذِي صَبَّحَ فَغَنِمَ فَآبَ . وَإِمَّا عَلَى تَرَتُّبِهَا فِي التَّفَاوُتِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ كَقَوْلِكَ : خُذِ الْأَفْضَلَ فَالْأَكْمَلَ ، وَاعْمَلِ الْأَحْسَنَ فَالْأَجْمَلَ . وَإِمَّا عَلَى تَرَتُّبِ مَوْصُوفَاتِهَا فِي ذَلِكَ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3500490رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ فَالْمُقَصِّرِينَ . فَعَلَى هَذِهِ الْقَوَانِينِ الثَّلَاثَةِ يَنْسَاقُ أَمْرُ الْفَاءِ الْعَاطِفَةِ فِي الصِّفَاتِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=4إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ جَوَابُ الْقَسَمِ . قَالَ
مُقَاتِلٌ : وَذَلِكَ أَنَّ الْكُفَّارَ
بِمَكَّةَ قَالُوا
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا ، وَكَيْفَ يَسَعُ هَذَا الْخَلْقَ فَرْدُ إِلَهٍ ؟ ! فَأَقْسَمَ اللَّهُ بِهَؤُلَاءِ تَشْرِيفًا . وَنَزَلَتِ الْآيَةُ . قَالَ
ابْنُ الْأَنْبَارِيُّ : وَهُوَ وَقْفٌ حَسَنٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=66رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا عَلَى مَعْنَى هُوَ رَبُّ السَّمَوَاتِ .
النَّحَّاسُ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=66رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ " وَاحِدٍ " .
قُلْتُ : وَعَلَى هَذَيْنَ الْوَجْهَيْنِ لَا يُوقَفُ عَلَى " لَوَاحِدٌ " . وَحَكَى
الْأَخْفَشُ :
[ ص: 59 ] " رَبَّ السَّمَاوَاتِ - وَرَبَّ الْمَشَارِقِ " بِالنَّصْبِ عَلَى النَّعْتِ لِاسْمِ إِنَّ ، بَيَّنَ سُبْحَانَهُ مَعْنَى وَحْدَانِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهُ وَكَمَالِ قُدْرَتِهِ بِأَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=66رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ : خَالِقُهُمَا وَمَالِكُهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ أَيْ : مَالِكُ مَطَالِعِ الشَّمْسِ .
ابْنُ عَبَّاسٍ : لِلشَّمْسِ كُلُّ يَوْمٍ مَشْرِقٌ وَمَغْرِبٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ لِلشَّمْسِ ثَلَاثَمِائَةٍ وَخَمْسَةً وَسِتِّينَ كُوَّةً فِي مَطْلِعِهَا ، وَمِثْلَهَا فِي مَغْرِبِهَا عَلَى عَدَدِ أَيَّامِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ ، تَطْلُعُ فِي كُلِّ يَوْمٍ فِي كُوَّةٍ مِنْهَا ، وَتَغِيبُ فِي كُوَّةٍ ، لَا تَطْلُعُ فِي تِلْكَ الْكُوَّةِ إِلَّا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ . وَلَا تَطْلُعُ إِلَّا وَهِيَ كَارِهَةٌ فَتَقُولُ : رَبِّ لَا تُطْلِعْنِي عَلَى عِبَادِكَ ؛ فَإِنِّي أَرَاهُمْ يَعْصُونَكَ . ذَكَرَهُ
أَبُو عُمَرَ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12590وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَنْ
عِكْرِمَةَ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864785قُلْتُ nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ أَرَأَيْتَ مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ آمَنَ شِعْرُهُ وَكَفَرَ قَلْبُهُ ، قَالَ : هُوَ حَقٌّ ، فَمَا أَنْكَرْتُمْ مِنْ ذَلِكَ ؟ قُلْتُ : أَنْكَرْنَا قَوْلَهُ :
وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ حَمْرَاءَ يُصْبِحُ لَوْنُهَا يَتَوَرَّدُ
لَيْسَتْ بِطَالِعَةٍ لَهُمْ فِي رِسْلِهَا إِلَّا مُعَذَّبَةً وَإِلَّا تُجْلَدُ
مَا بَالُ الشَّمْسِ تُجْلَدُ ؟ فَقَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ قَطُّ حَتَّى يَنْخُسَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ ، فَيَقُولُونَ لَهَا : اطْلُعِي اطْلُعِي ، فَتَقُولُ : لَا أَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ يَعْبُدُونَنِي مِنْ دُونِ اللَّهِ ، فَيَأْتِيهَا مَلَكٌ فَيَسْتَقِلُّ لِضِيَاءِ بَنِي آدَمَ ، فَيَأْتِيهَا شَيْطَانٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّهَا عَنِ الطُّلُوعِ فَتُطِلُّ بَيْنَ قَرْنَيْهِ فَيُحْرِقُهُ اللَّهُ تَعَالَى تَحْتَهَا ، فَذَلِكَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَا طَلَعَتْ إِلَّا بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ ، وَلَا غَرَبَتْ إِلَّا بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ ، وَمَا غَرَبَتْ قَطُّ إِلَّا خَرَّتْ لِلَّهِ سَاجِدَةً ، فَيَأْتِيهَا شَيْطَانٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّهَا عَنِ السُّجُودِ ، فَتَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْهِ فَيُحْرِقُهُ اللَّهُ تَعَالَى تَحْتَهَا لَفْظُ
ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ . وَذُكِرَ عَنْ
عِكْرِمَةَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830980صَدَّقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ فِي هَذَا الشِّعْرِ :
زُحَلٌ وَثَوْرٌ تَحْتَ رِجْلِ يَمِينِهِ وَالنَّسْرُ لِلْأُخْرَى وَلَيْثٌ مُرْصَدُ
وَالشَّمْسُ تَطْلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيْلَةٍ حَمْرَاءَ يُصْبِحُ لَوْنُهَا يَتَوَرَّدُ
لَيْسَتْ بِطَالِعَةٍ لَهُمْ فِي رِسْلِهَا إِلَّا مُعَذَّبَةً وَإِلَّا تُجْلَدُ
قَالَ
عِكْرِمَةُ : فَقُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=11لِابْنِ عَبَّاسٍ : يَا مَوْلَايَ أَتُجْلَدُ الشَّمْسُ ؟ فَقَالَ : إِنَّمَا اضْطَرَّهُ الرَّوِيُّ
[ ص: 60 ] إِلَى الْجَلْدِ لَكِنَّهَا تَخَافُ الْعِقَابَ . وَدَلَّ بِذِكْرِ الْمَطَالِعِ عَلَى الْمَغَارِبِ ، فَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرِ الْمَغَارِبَ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَخَصَّ الْمَشَارِقَ بِالذِّكْرِ ; لِأَنَّ الشُّرُوقَ قَبْلَ الْغُرُوبِ . وَقَالَ فِي سُورَةِ [ الرَّحْمَنِ ] :
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=17رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ أَرَادَ بِالْمَشْرِقَيْنِ أَقْصَى مَطْلَعٍ تَطْلُعُ مِنْهُ الشَّمْسُ فِي الْأَيَّامِ الطِّوَالِ ، وَأَقْصَرَ يَوْمٍ فِي الْأَيَّامِ الْقِصَارِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي [ يس ] وَاللَّهُ أَعْلَمُ .