باب ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=28866جمع القرآن ، وسبب
nindex.php?page=treesubj&link=32391_32392كتب عثمان المصاحف وإحراقه ما سواها ، وذكر من حفظ القرآن من الصحابة رضي الله عنهم في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -
كان القرآن في مدة النبي - صلى الله عليه وسلم - متفرقا في صدور الرجال وقد كتب الناس منه في صحف وفي جريد وفي لخاف وظرر وفي خزف وغير ذلك - قال
الأصمعي : اللخاف : حجارة بيض رقاق ، واحدتها لخفة . والظرر : حجر له حد كحد السكين ، والجمع ظرار ; مثل رطب ورطاب ، وربع ورباع ، وظران أيضا مثل صرد وصردان - فلما استحر القتل بالقراء يوم اليمامة في زمن الصديق رضي الله عنه ، وقتل منهم في ذلك اليوم فيما قيل سبعمائة ، أشار
عمر بن الخطاب على
أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن مخافة أن يموت أشياخ القراء ،
كأبي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وزيد ; فندبا
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت إلى ذلك ، فجمعه غير مرتب السور ، بعد تعب شديد ، رضي الله عنه . روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال : أرسل إلي
أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده
عمر ، فقال
أبو بكر : إن
عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس ، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن ، فيذهب كثير من القرآن إلا أن تجمعوه ، وإني لأرى أن تجمع القرآن ; قال
أبو بكر : فقلت
لعمر كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال : هو والله خير ; فلم يزل يراجعني حتى شرح الله لذلك صدري ، ورأيت الذي رأى
عمر . قال
زيد : وعنده
عمر جالس لا يتكلم ، فقال لي
أبو بكر : إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك ، كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فتتبع القرآن فاجمعه ، فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن ; قلت : كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال
أبو بكر : هو والله خير ; فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر
أبي بكر وعمر ; فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع
[ ص: 58 ] والأكتاف والعسب وصدور الرجال ، حتى وجدت من سورة التوبة آيتين مع
خزيمة الأنصاري لم أجدهما مع غيره :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم [ التوبة : 128 ] إلى آخرها . فكانت الصحف التي جمع فيها القرآن عند
أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند
عمر حتى توفاه الله ثم عند
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة بنت عمر . وقال
الليث حدثني
عبد الرحمن بن غالب عن
ابن شهاب وقال : مع
أبي خزيمة الأنصاري . وقال
أبو ثابت حدثنا
إبراهيم ! وقال : مع
خزيمة أو
أبي خزيمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم [ التوبة : 128 - 129 ] .
وقال
الترمذي في حديثه عنه : فوجدت آخر سورة " براءة " مع
خزيمة بن ثابت nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ( 128 )
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم [ التوبة : 128 - 129 ] قال : حديث حسن صحيح . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال : لما نسخنا الصحف في المصاحف فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها ، لم أجدها مع أحد إلا مع
خزيمة الأنصاري - الذي جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهادته بشهادة رجلين - :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه [ الأحزاب : 23 ] وقال
الترمذي عنه : فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرؤها :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر [ الأحزاب : 23 ] فالتمستها فوجدتها عند
خزيمة بن ثابت أو
أبي خزيمة ، فألحقتها في سورتها .
قلت : فسقطت الآية الأولى من آخر " براءة " في الجمع الأول على ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ، وفي الجمع الثاني فقدت آية من سورة " الأحزاب " . وحكى
الطبري : أن آية " براءة " سقطت في الجمع الأخير ، والأول أصح والله أعلم . فإن قيل : فما
nindex.php?page=treesubj&link=32391وجه جمع عثمان الناس على مصحفه ، وقد سبقه
أبو بكر إلى ذلك وفرغ منه ; قيل له : إن
عثمان رضي الله عنه لم يقصد بما صنع جمع الناس على تأليف المصحف ، ألا ترى كيف أرسل إلى
حفصة : أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك ; على ما يأتي . وإنما فعل ذلك
عثمان لأن الناس اختلفوا في القراءات بسبب تفرق الصحابة في البلدان واشتد الأمر في ذلك وعظم اختلافهم وتشبثهم ; ووقع بين
أهل الشام والعراق ما ذكره
حذيفة رضي الله عنه . وذلك أنهم اجتمعوا في غزوة
أرمينية فقرأت كل طائفة بما روي لها ; فاختلفوا وتنازعوا وأظهر بعضهم إكفار بعض والبراءة منه وتلاعنوا ; فأشفق
حذيفة مما رأى منهم ; فلما قدم
حذيفة المدينة - فيما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي - دخل إلى
عثمان قبل أن يدخل إلى بيته ، فقال : أدرك هذه الأمة قبل أن تهلك ! قال : في ماذا ؟
[ ص: 59 ] قال : في كتاب الله ، إني حضرت هذه الغزوة ، وجمعت ناسا من
العراق والشام والحجاز ، فوصف له ما تقدم وقال : إني أخشى عليهم أن يختلفوا في كتابهم كما اختلف
اليهود والنصارى .
قلت : وهذا أدل دليل على بطلان من قال : إن
nindex.php?page=treesubj&link=28865المراد بالأحرف السبعة قراءات القراء السبعة ، لأن الحق لا يختلف فيه ، وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16072سويد بن غفلة عن
علي بن أبي طالب أن
عثمان قال : ما ترون في المصاحف ؟ فإن الناس قد اختلفوا في القراءة حتى أن الرجل ليقول : قراءتي خير من قراءتك ، وقراءتي أفضل من قراءتك . وهذا شبيه بالكفر ; قلنا : ما الرأي عندك يا أمير المؤمنين ؟ قال : الرأي عندي أن يجتمع الناس على قراءة ، فإنكم إذا اختلفتم اليوم كان من بعدكم أشد اختلافا ، قلنا : الرأي رأيك يا أمير المؤمنين ; فأرسل
عثمان إلى
حفصة : أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك ; فأرسلت بها إليه فأمر
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=14171وعبد الله بن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=74وسعيد بن العاص nindex.php?page=showalam&ids=16334وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف . وقال
عثمان للرهط القرشيين : إذا اختلفتم أنتم
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان
قريش ، فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا . حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد
عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سوى ذلك من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق . وكان هذا من
عثمان رضي الله عنه بعد أن جمع
المهاجرين والأنصار وجلة أهل الإسلام وشاورهم في ذلك ; فاتفقوا على جمعه بما صح وثبت في القراءات المشهورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واطراح ما سواها ، واستصوبوا رأيه وكان رأيا سديدا موفقا ; رحمة الله عليه وعليهم أجمعين . وقال
الطبري فيما روي : أن
عثمان قرن
بزيد nindex.php?page=showalam&ids=11786أبان بن سعيد بن العاص وحده ; وهذا ضعيف . وما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وغيرهما أصح . وقال
الطبري أيضا : إن الصحف التي كانت عند
حفصة جعلت إماما في هذا الجمع الأخير ; وهذا صحيح .
وقال
ابن شهاب : وأخبرني
عبيد الله بن عبد الله أن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود كره
nindex.php?page=showalam&ids=47لزيد بن ثابت نسخ المصاحف ، وقال : يا معشر المسلمين ، أعزل عن نسخ المصاحف ويتولاه رجل ، والله لقد أسلمت وإنه لفي صلب رجل كافر ! . يريد
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت . ولذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : يا
أهل العراق ، اكتموا المصاحف التي عندكم وغلوها ، فإن الله عز وجل يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=161ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة [ آل عمران : 161 ] فالقوا الله بالمصاحف ، خرجه
الترمذي . وسيأتي الكلام في هذا في سورة آل عمران إن شاء الله تعالى .
قال
أبو بكر الأنباري : ولم يكن الاختيار
لزيد من جهة
أبي بكر وعمر وعثمان على
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود في جمع القرآن ،
وعبد الله أفضل من
زيد ، وأقدم في الإسلام ، وأكثر سوابق ، وأعظم فضائل ، إلا لأن
زيدا كان أحفظ للقرآن من
عبد الله ، إذ وعاه كله ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حي ، والذي حفظ منه
عبد الله في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نيفا وسبعين سورة ، ثم تعلم الباقي بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ; فالذي ختم القرآن وحفظه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حي أولى بجمع المصحف وأحق بالإيثار والاختيار . ولا ينبغي أن يظن جاهل أن في هذا طعنا على
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ; لأن
زيدا إذا كان
[ ص: 60 ] أحفظ للقرآن منه فليس ذلك موجبا لتقدمته عليه ، لأن
أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كان
زيد أحفظ منهما للقرآن ، وليس هو خيرا منهما ولا مساويا لهما في الفضائل والمناقب . قال
أبو بكر : وما بدا من
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود من نكير ذلك فشيء نتجه الغضب ، ولا يعمل به ولا يؤخذ به ، ولا يشك في أنه رضي الله عنه قد عرف بعد زوال الغضب عنه حسن اختيار
عثمان ومن معه من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وبقي على موافقتهم وترك الخلاف لهم . فالشائع الذائع المتعالم عند أهل الرواية والنقل : أن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود تعلم بقية القرآن بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وقد قال بعض الأئمة : مات
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قبل أن يختم القرآن . قال
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون : المعوذتان بمنزلة البقرة وآل عمران ، من زعم أنهما ليستا من القرآن فهو كافر بالله العظيم ، فقيل له : فقول
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود فيهما ؟ فقال : لا خلاف بين المسلمين في أن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود مات وهو لا يحفظ القرآن كله .
قلت : هذا فيه نظر ، وسيأتي . وروى
إسماعيل بن إسحاق وغيره قال
حماد : أظنه عن
أنس بن مالك ، قال : كانوا يختلفون في الآية فيقولون أقرأها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلان بن فلان ; فعسى أن يكون من
المدينة على ثلاث ليال فيرسل إليه فيجاء به ، فيقال : كيف أقرأك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آية كذا وكذا ؟ فيكتبون كما قال . قال
ابن شهاب : واختلفوا يومئذ في التابوت ، فقال
زيد : التابوه . وقال
ابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=74وسعيد بن العاص : التابوت ; فرفع اختلافهم إلى
عثمان فقال : اكتبوه بالتاء ; فإنه نزل بلسان
قريش . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي . قال
ابن عطية : قرأه
زيد بالهاء والقرشيون بالتاء ، فأثبتوه بالتاء ; وكتبت المصاحف على ما هو عليه غابر الدهر ، ونسخ منها
عثمان نسخا . قال غيره : قيل سبعة ، وقيل أربعة وهو الأكثر ، ووجه بها إلى الآفاق ، فوجه
للعراق والشام ومصر بأمهات ، فاتخذها قراء الأمصار معتمد اختياراتهم ، ولم يخالف أحد منهم مصحفه على النحو الذي بلغه ، وما وجد بين هؤلاء القراء السبعة من الاختلاف في حروف يزيدها بعضهم وينقصها بعضهم فذلك لأن كلا منهم اعتمد على ما بلغه في مصحفه ورواه ، إذ قد كان
عثمان كتب تلك المواضع في بعض النسخ ولم يكتبها في بعض إشعارا بأن كل ذلك صحيح ، وأن القراءة بكل منها جائزة ، قال
ابن عطية : ثم إن
عثمان أمر بما سواها من المصاحف أن تحرق أو تخرق ، تروى بالحاء غير منقوطة وتروى بالخاء على معنى ثم تدفن ، ورواية الحاء غير منقوطة أحسن .
وذكر
أبو بكر الأنباري في كتاب " الرد " عن
nindex.php?page=showalam&ids=16072سويد بن غفلة قال : سمعت
علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول : يا معشر الناس ، اتقوا الله ! وإياكم والغلو في
عثمان ، وقولكم : حراق المصاحف ; فوالله ما حرقها إلا عن ملأ منا أصحاب
محمد - صلى الله عليه وسلم - . وعن
عمير بن سعيد قال : قال
علي بن أبي طالب رضي الله عنه : لو كنت الوالي وقت
عثمان لفعلت في المصاحف مثل الذي فعل
عثمان . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12997أبو الحسن بن بطال : وفي أمر
عثمان بتحريق الصحف والمصاحف حين جمع القرآن جواز
nindex.php?page=treesubj&link=32392_23304تحريق الكتب التي فيها أسماء الله تعالى ، وأن ذلك إكرام لها وصيانة عن الوطء بالأقدام ، وطرحها في ضياع من الأرض . روى
معمر عن
ابن طاوس عن أبيه : أنه كان يحرق
[ ص: 61 ] الصحف إذا اجتمعت عنده الرسائل فيها بسم الله الرحمن الرحيم . وحرق
عروة بن الزبير كتب فقه كانت عنده يوم الحرة ، وكره
إبراهيم أن تحرق الصحف إذا كان فيها ذكر الله تعالى ; وقول من حرقها أولى بالصواب ، وقد فعله
عثمان . وقد قال
القاضي أبو بكر لسان الأمة : جائز للإمام تحريق الصحف التي فيها القرآن ، إذا أداه الاجتهاد إلى ذلك .
فصل : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : وفي فعل
عثمان رضي الله عنه
nindex.php?page=treesubj&link=28660_29462رد على الحلولية والحشوية القائلين بقدم الحروف والأصوات ، وأن القراءة والتلاوة قديمة ، وأن الإيمان قديم ، والروح قديم ; وقد أجمعت الأمة وكل أمة من
النصارى واليهود والبراهمة بل كل ملحد وموحد أن القديم لا يفعل ولا تتعلق به قدرة قادر بوجه ولا بسبب ، ولا يجوز العدم على القديم وأن القديم لا يصير محدثا ، والمحدث لا يصير قديما ، وأن القديم ما لا أول لوجوده ، وأن المحدث هو ما كان بعد أن لم يكن ، وهذه الطائفة خرقت إجماع العقلاء من أهل الملل وغيرهم ; فقالوا : يجوز أن يصير المحدث قديما ، وأن العبد إذا قرأ كلام الله تعالى فعل كلاما لله قديما ، وكذلك إذا نحت حروفا من الآجر والخشب ، أو صاغ أحرفا من الذهب والفضة ، أو نسج ثوبا فنقش عليه آية من كتاب الله فقد فعل هؤلاء كلام الله قديما ، وصار كلامه منسوجا قديما ومنحوتا قديما ومصوغا قديما ; فيقال لهم : ما تقولون في كلام الله تعالى ، أيجوز أن يذاب ويمحى ويحرق ؟ فإن قالوا : نعم ، فارقوا الدين ، وإن قالوا : لا ، قيل لهم : فما قولكم في حروف مصورة آية من كتاب الله تعالى من شمع ، أو ذهب أو فضة أو خشب أو كاغد فوقعت في النار فذابت واحترقت ، فهل تقولون : إن كلام الله احترق ؟ فإن قالوا : نعم ، تركوا قولهم ; وإن قالوا : لا ، قيل لهم أليس قلتم : إن هذه الكتابة كلام الله وقد احترقت ! وقلتم : إن هذه الأحرف كلامه وقد ذابت ، فإن قالوا : احترقت الحروف وكلامه تعالى باق رجعوا إلى الحق والصواب ودانوا بالجواب ; وهو الذي قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - منبها على ما يقول أهل الحق :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836667ولو كان القرآن في إهاب ثم وقع في النار ما احترق . وقال الله عز وجل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832785أنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان الحديث ، أخرجه
مسلم . فثبت بهذا أن كلامه سبحانه ليس بحرف ولا يشبه الحروف . والكلام في هذه المسألة يطول وتتميمها في كتب الأصول ، وقد بيناها في ( الكتاب الأسنى ، في شرح أسماء الله الحسنى ) .
فصل : وقد طعن
الرافضة - قبحهم الله تعالى - في القرآن ، وقالوا : إن الواحد يكفي في نقل الآية والحرف كما فعلتم ، فإنكم أثبتم بقول رجل واحد وهو
خزيمة بن ثابت وحده آخر سورة " براءة " وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23من المؤمنين رجال [ الأحزاب : 23 ] فالجواب أن
خزيمة رضي الله عنه لما جاء بهما تذكرهما كثير من الصحابة ، وقد كان
زيد يعرفهما ، ولذلك قال : فقدت آيتين من آخر سورة
[ ص: 62 ] " التوبة " . ولو لم يعرفهما لم يدر هل فقد شيئا أو لا ، فالآية إنما ثبتت بالإجماع لا
بخزيمة وحده . جواب ثان : إنما ثبتت بشهادة
خزيمة وحده لقيام الدليل على صحتها في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي قرينة تغني عن طلب شاهد آخر بخلاف آية الأحزاب فإن تلك ثبتت بشهادة
زيد وأبي خزيمة لسماعهما إياها من النبي - صلى الله عليه وسلم - قال معناه
المهلب ، وذكر أن
خزيمة غير
أبي خزيمة ، وأن
أبا خزيمة الذي وجدت معه آية التوبة معروف من
الأنصار ، وقد عرفه
أنس وقال : نحن ورثناه ، والتي في الأحزاب وجدت مع
خزيمة بن ثابت فلا تعارض ; والقصة غير القصة لا إشكال فيها ولا التباس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر :
أبو خزيمة لا يوقف على صحة اسمه وهو مشهور بكنيته ; وهو
أبو خزيمة بن أوس بن زيد بن أصرم بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار ، شهد
بدرا وما بعدها من المشاهد ، وتوفي في خلافة
عثمان بن عفان ، وهو أخو
مسعود بن أوس . قال
ابن شهاب عن
عبيد بن السباق عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت : وجدت آخر التوبة مع
أبي خزيمة الأنصاري وهو هذا ، وليس بينه وبين
الحارث بن خزيمة أبي خزيمة نسب إلا اجتماعهما في
الأنصار ، أحدهما أوسي والآخر خزرجي . وفي
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري عن
أنس بن مالك قال : جمع القرآن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة كلهم من
الأنصار :
أبي بن كعب ،
nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ بن جبل ، nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت ،
وأبو زيد - قلت
لأنس : من
أبو زيد ؟ قال : أحد عمومتي . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا عن
أنس قال : مات النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يجمع القرآن غير أربعة :
أبو الدرداء ،
nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ بن جبل ،
وزيد ،
وأبو زيد ; قال : ونحن ورثناه . وفي أخرى قال : مات
أبو زيد ولم يترك عقبا ، وكان بدريا ، واسم
أبي زيد سعد بن عبيد . قال
ابن الطيب رضي الله عنه : لا تدل هذه الآثار على أن القرآن لم يحفظه في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يجمعه غير أربعة من
الأنصار كما قال
أنس بن مالك ، فقد ثبت بالطرق المتواترة أنه جمع القرآن
عثمان وعلي nindex.php?page=showalam&ids=155وتميم الداري nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة بن الصامت nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو بن العاص فقول
أنس : لم يجمع القرآن غير أربعة ، يحتمل أنه لم يجمع القرآن وأخذه تلقينا من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير تلك الجماعة ; فإن أكثرهم أخذ بعضه عنه وبعضه من غيره ، وقد تظاهرت الروايات بأن الأئمة الأربعة جمعوا القرآن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأجل سبقهم إلى الإسلام ، وإعظام الرسول - صلى الله عليه وسلم - لهم .
قلت : لم يذكر القاضي ،
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=267وسالما مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما فيما رأيت ، وهما ممن جمع القرآن . روى
جرير عن
عبد الله بن يزيد الصهباني عن
كميل قال :
قال عمر بن الخطاب : كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبو بكر ومن شاء الله ، فمررنا بعبد الله بن مسعود وهو يصلي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من هذا الذي يقرأ القرآن . فقيل له : هذا nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن أم عبد ; فقال : إن عبد الله يقرأ القرآن غضا كما أنزل الحديث . قال بعض العلماء : معنى قوله : غضا كما أنزل أي أنه كان يقرأ الحرف الأول الذي أنزل عليه القرآن دون الحروف السبعة التي رخص لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قراءته عليها بعد معارضة
جبريل عليه السلام القرآن إياه في كل رمضان . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع وجماعة معه عن
الأعمش nindex.php?page=hadith&LINKID=836670عن nindex.php?page=showalam&ids=12062أبي ظبيان قال : قال لي nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس : أي القراءتين تقرأ ؟ قلت : القراءة الأولى قراءة ابن أم عبد ; فقال لي : بل هي الآخرة ، إن [ ص: 63 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعرض القرآن على جبريل في كل عام مرة ، فلما كان العام الذي قبض فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرضه عليه مرتين ، فحضر ذلك عبد الله فعلم ما نسخ من ذلك وما بدل . وفي صحيح مسلم عن
عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830047خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد - فبدأ به - nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ بن جبل nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب nindex.php?page=showalam&ids=267وسالم مولى أبي حذيفة .
قلت : هذه الأخبار تدل على أن
عبد الله جمع القرآن في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلاف ما تقدم ، والله أعلم . وقد ذكر
أبو بكر الأنباري في كتاب " الرد " : حدثنا
محمد بن شهريار حدثنا
حسين بن الأسود حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم عن
أبي بكر عن
أبي إسحاق قال :
قال nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : قرأت من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اثنتين وسبعين سورة - أو ثلاثا وسبعين سورة - وقرأت عليه من البقرة إلى قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين [ البقرة : 222 ] . قال
أبو إسحاق : وتعلم
عبد الله بقية القرآن من
مجمع بن جارية الأنصاري .
قلت : فإن صح هذا ، صح الإجماع الذي
ذكره يزيد بن هارون ، فلذلك لم يذكره
القاضي أبو بكر بن الطيب مع من جمع القرآن وحفظه في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والله أعلم .
قال
أبو بكر الأنباري : حدثني
إبراهيم بن موسى الخوزي حدثنا
يوسف بن موسى حدثنا
مالك بن إسماعيل حدثنا
زهير عن
أبي إسحاق قال : سألت
الأسود ما كان
عبد الله يصنع بسورة الأعراف ؟ فقال : ما كان يعلمها حتى قدم
الكوفة ; قال : وقد قال بعض أهل العلم : مات
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رحمة الله عليه قبل أن يتعلم المعوذتين ; فلهذه العلة لم توجدا في مصحفه ، وقيل غير هذا على ما يأتي بيانه آخر الكتاب عند ذكر " المعوذتين " إن شاء الله تعالى .
قال
أبو بكر : والحديث الذي حدثنا
إبراهيم بن موسى حدثنا
يوسف بن موسى حدثنا
عمر بن هارون الخراساني عن
ربيعة بن عثمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي قال : كان ممن ختم القرآن ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - حي
عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود ، حديث ليس بصحيح عند أهل العلم ، إنما هو مقصور على
محمد بن كعب فهو مقطوع لا يؤخذ به ولا يعول عليه .
قلت : قوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830047خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد يدل على صحته ، ومما يبين لك ذلك أن أصحاب القراءات من
أهل الحجاز والشام والعراق كل منهم عزا قراءته التي اختارها إلى رجل من الصحابة قرأها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لم يستثن من جملة القرآن شيئا ; فأسند
عاصم قراءته إلى
علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، وأسند
ابن كثير قراءته إلى
أبي ، وكذلك
أبو عمرو بن العلاء أسند قراءته إلى
أبي ، وأما
عبد الله بن عامر فإنه أسند قراءته إلى
عثمان وهؤلاء كلهم يقولون : قرأنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأسانيد هذه القراءات متصلة ورجالها ثقات . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي .
[ ص: 64 ]
بَابُ ذِكْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=28866جَمْعِ الْقُرْآنِ ، وَسَبَبِ
nindex.php?page=treesubj&link=32391_32392كَتْبِ عُثْمَانَ الْمَصَاحِفَ وَإِحْرَاقِهِ مَا سِوَاهَا ، وَذِكْرِ مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ الْقُرْآنُ فِي مُدَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَفَرِّقًا فِي صُدُورِ الرِّجَالِ وَقَدْ كَتَبَ النَّاسُ مِنْهُ فِي صُحُفٍ وَفِي جَرِيدٍ وَفِي لِخَافٍ وَظُرَرٍ وَفِي خَزَفٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ - قَالَ
الْأَصْمَعِيُّ : اللِّخَافُ : حِجَارَةٌ بِيضٌ رِقَاقٌ ، وَاحِدَتُهَا لَخْفَةٌ . وَالظُّرَرُ : حَجَرٌ لَهُ حَدٌّ كَحَدِّ السِّكِّينِ ، وَالْجَمْعُ ظِرَارٌ ; مِثْلَ رُطَبٍ وَرِطَابٍ ، وَرُبَعٍ وَرِبَاعٍ ، وَظِرَّانَ أَيْضًا مِثْلَ صُرَدٍ وَصِرْدَانٍ - فَلَمَّا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ يَوْمَ الْيَمَامَةِ فِي زَمَنِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِيمَا قِيلَ سَبْعُمِائَةٍ ، أَشَارَ
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى
أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِجَمْعِ الْقُرْآنِ مَخَافَةَ أَنْ يَمُوتَ أَشْيَاخُ الْقُرَّاءِ ،
كَأُبَيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدٍ ; فَنَدَبَا
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ إِلَى ذَلِكَ ، فَجَمَعَهُ غَيْرَ مُرَتَّبِ السُّوَرِ ، بَعْدَ تَعَبٍ شَدِيدٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ : أَرْسَلَ إِلَيَّ
أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ وَعِنْدَهُ
عُمَرُ ، فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ : إِنَّ
عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ فِي الْمَوَاطِنِ ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا أَنْ تَجْمَعُوهُ ، وَإِنِّي لِأَرَى أَنْ تَجْمَعَ الْقُرْآنَ ; قَالَ
أَبُو بَكْرٍ : فَقُلْتُ
لِعُمْرَ كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ فَقَالَ : هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ ; فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعْنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِي ، وَرَأَيْتُ الَّذِي رَأَى
عُمَرُ . قَالَ
زَيْدٌ : وَعِنْدَهُ
عُمَرُ جَالِسٌ لَا يَتَكَلَّمُ ، فَقَالَ لِي
أَبُو بَكْرٍ : إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ وَلَا نَتَّهِمُكَ ، كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ ، فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلِيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ ; قُلْتُ : كَيْفَ تَفْعَلَانِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ؟ فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ : هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ ; فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ; فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ
[ ص: 58 ] وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ ، حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ
خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ غَيْرِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [ التَّوْبَةِ : 128 ] إِلَى آخِرِهَا . فَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِي جَمَعَ فِيهَا الْقُرْآنَ عِنْدَ
أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ
عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ ثُمَّ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=41حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ . وَقَالَ
اللَّيْثُ حَدَّثَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَالِبٍ عَنِ
ابْنِ شِهَابٍ وَقَالَ : مَعَ
أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ . وَقَالَ
أَبُو ثَابِتٍ حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ ! وَقَالَ : مَعَ
خُزَيْمَةَ أَوْ
أَبِي خُزَيْمَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [ التَّوْبَةِ : 128 - 129 ] .
وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ فِي حَدِيثِهِ عَنْهُ : فَوَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ " بَرَاءَةٌ " مَعَ
خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ( 128 )
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=129فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [ التَّوْبَةِ : 128 - 129 ] قَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ : لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَؤُهَا ، لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ إِلَّا مَعَ
خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ - الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ [ الْأَحْزَابِ : 23 ] وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ : فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَؤُهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ [ الْأَحْزَابِ : 23 ] فَالْتَمَسْتُهَا فَوَجَدْتُهَا عِنْدَ
خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ أَوْ
أَبِي خُزَيْمَةَ ، فَأَلْحَقْتُهَا فِي سُورَتِهَا .
قُلْتُ : فَسَقَطَتِ الْآيَةُ الْأُولَى مِنْ آخِرِ " بَرَاءَةٌ " فِي الْجَمْعِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَفِي الْجَمْعِ الثَّانِي فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ " الْأَحْزَابِ " . وَحَكَى
الطَّبَرَيُّ : أَنَّ آيَةَ " بَرَاءَةٌ " سَقَطَتْ فِي الْجَمْعِ الْأَخِيرِ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . فَإِنْ قِيلَ : فَمَا
nindex.php?page=treesubj&link=32391وَجْهُ جَمْعِ عُثْمَانَ النَّاسَ عَلَى مُصْحَفِهِ ، وَقَدْ سَبَقَهُ
أَبُو بَكْرٍ إِلَى ذَلِكَ وَفَرَغَ مِنْهُ ; قِيلَ لَهُ : إِنَّ
عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَقْصِدْ بِمَا صَنَعَ جَمْعَ النَّاسِ عَلَى تَأْلِيفِ الْمُصْحَفِ ، أَلَّا تَرَى كَيْفَ أَرْسَلَ إِلَى
حَفْصَةَ : أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ ; عَلَى مَا يَأْتِي . وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ
عُثْمَانُ لِأَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي الْقِرَاءَاتِ بِسَبَبِ تَفَرُّقِ الصَّحَابَةِ فِي الْبُلْدَانِ وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ وَعَظُمَ اخْتِلَافُهُمْ وَتَشَبُّثُهُمْ ; وَوَقَعَ بَيْنَ
أَهْلِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ مَا ذَكَرَهُ
حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَذَلِكَ أَنَّهُمُ اجْتَمَعُوا فِي غَزْوَةِ
أَرْمِينِيَّةِ فَقَرَأَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ بِمَا رُوِيَ لَهَا ; فَاخْتَلَفُوا وَتَنَازَعُوا وَأَظْهَرَ بَعْضُهُمْ إِكْفَارَ بَعْضٍ وَالْبَرَاءَةَ مِنْهُ وَتَلَاعَنُوا ; فَأَشْفَقَ
حُذَيْفَةُ مِمَّا رَأَى مِنْهُمْ ; فَلَمَّا قَدِمَ
حُذَيْفَةُ الْمَدِينَةَ - فِيمَا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ - دَخَلَ إِلَى
عُثْمَانَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ إِلَى بَيْتِهِ ، فَقَالَ : أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ تَهْلِكَ ! قَالَ : فِي مَاذَا ؟
[ ص: 59 ] قَالَ : فِي كِتَابِ اللَّهِ ، إِنِّي حَضَرْتُ هَذِهِ الْغَزْوَةَ ، وَجَمَعْتُ نَاسًا مِنَ
الْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَالْحِجَازِ ، فَوَصَفَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ : إِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِمْ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي كِتَابِهِمْ كَمَا اخْتَلَفَ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى .
قُلْتُ : وَهَذَا أَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَى بُطْلَانِ مَنْ قَالَ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28865الْمُرَادَ بِالْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ قِرَاءَاتُ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ ، وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16072سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ
عُثْمَانَ قَالَ : مَا تَرَوْنَ فِي الْمَصَاحِفِ ؟ فَإِنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْقِرَاءَةِ حَتَّى أَنَّ الرَّجُلَ لَيَقُولَ : قِرَاءَتِي خَيْرٌ مِنْ قِرَاءَتِكَ ، وَقِرَاءَتِي أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَتِكَ . وَهَذَا شَبِيهٌ بِالْكُفْرِ ; قُلْنَا : مَا الرَّأْيُ عِنْدَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ قَالَ : الرَّأْيُ عِنْدِي أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى قِرَاءَةٍ ، فَإِنَّكُمْ إِذَا اخْتَلَفْتُمُ الْيَوْمَ كَانَ مَنْ بَعْدَكُمْ أَشَدُّ اخْتِلَافًا ، قُلْنَا : الرَّأْيُ رَأْيُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ; فَأَرْسَلَ
عُثْمَانُ إِلَى
حَفْصَةَ : أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكَ ; فَأَرْسَلَتْ بِهَا إِلَيْهِ فَأَمَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ nindex.php?page=showalam&ids=14171وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ nindex.php?page=showalam&ids=74وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ nindex.php?page=showalam&ids=16334وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ . وَقَالَ
عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ : إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=47وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ
قُرَيْشٍ ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ ، فَفَعَلُوا . حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ
عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا ، وَأَمَرَ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ . وَكَانَ هَذَا مِنْ
عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ جَمَعَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ وَجِلَّةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَشَاوَرَهُمْ فِي ذَلِكَ ; فَاتَّفَقُوا عَلَى جَمْعِهِ بِمَا صَحَّ وَثَبَتَ فِي الْقِرَاءَاتِ الْمَشْهُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاطِّرَاحِ مَا سِوَاهَا ، وَاسْتَصْوَبُوا رَأْيَهُ وَكَانَ رَأْيًا سَدِيدًا مُوَفَّقًا ; رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . وَقَالَ
الطَّبَرَيُّ فِيمَا رُوِيَ : أَنَّ
عُثْمَانَ قَرَنَ
بِزَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=11786أَبَانَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَحْدَهُ ; وَهَذَا ضَعِيفٌ . وَمَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَصَحُّ . وَقَالَ
الطَّبَرَيُّ أَيْضًا : إِنَّ الصُّحُفَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَ
حَفْصَةَ جُعِلَتْ إِمَامًا فِي هَذَا الْجَمْعِ الْأَخِيرِ ; وَهَذَا صَحِيحٌ .
وَقَالَ
ابْنُ شِهَابٍ : وَأَخْبَرَنِي
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَرِهَ
nindex.php?page=showalam&ids=47لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ نَسْخَ الْمَصَاحِفِ ، وَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، أُعْزَلُ عَنْ نَسْخِ الْمَصَاحِفِ وَيَتَوَلَّاهُ رَجُلٌ ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَسْلَمْتُ وَإِنَّهُ لَفِي صُلْبِ رَجُلٍ كَافِرٍ ! . يُرِيدُ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ . وَلِذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : يَا
أَهْلَ الْعِرَاقِ ، اكْتُمُوا الْمَصَاحِفَ الَّتِي عِنْدَكُمْ وَغُلُّوهَا ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=161وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [ آلِ عِمْرَانَ : 161 ] فَالْقُوا اللَّهَ بِالْمَصَاحِفِ ، خَرَّجَهُ
التِّرْمِذِيُّ . وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي هَذَا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
قَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ : وَلَمْ يَكُنِ الِاخْتِيَارُ
لِزَيْدٍ مِنْ جِهَةِ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ
زَيْدٍ ، وَأَقْدَمُ فِي الْإِسْلَامِ ، وَأَكْثَرُ سَوَابِقَ ، وَأَعْظَمُ فَضَائِلَ ، إِلَّا لِأَنَّ
زَيْدًا كَانَ أَحْفَظَ لِلْقُرْآنِ مِنْ
عَبْدِ اللَّهِ ، إِذْ وَعَاهُ كُلَّهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ ، وَالَّذِي حَفِظَ مِنْهُ
عَبْدُ اللَّهِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَيِّفًا وَسَبْعِينَ سُورَةً ، ثُمَّ تَعَلَّمَ الْبَاقِيَ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; فَالَّذِي خَتَمَ الْقُرْآنَ وَحَفِظَهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ أَوْلَى بِجَمْعِ الْمُصْحَفِ وَأَحَقُّ بِالْإِيثَارِ وَالِاخْتِيَارِ . وَلَا يَنْبَغِي أَنَّ يَظُنَّ جَاهِلٌ أَنَّ فِي هَذَا طَعْنًا عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ; لِأَنَّ
زَيْدًا إِذَا كَانَ
[ ص: 60 ] أَحْفَظُ لِلْقُرْآنِ مِنْهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِتَقْدِمَتِهِ عَلَيْهِ ، لِأَنَّ
أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ
زَيْدٌ أَحْفَظَ مِنْهُمَا لِلْقُرْآنِ ، وَلَيْسَ هُوَ خَيْرًا مِنْهُمَا وَلَا مُسَاوِيًا لَهُمَا فِي الْفَضَائِلِ وَالْمَنَاقِبِ . قَالَ
أَبُو بَكْرٍ : وَمَا بَدَا مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ نَكِيرِ ذَلِكَ فَشَيْءٌ نَتَجَهُ الْغَضَبُ ، وَلَا يُعْمَلُ بِهِ وَلَا يُؤْخَذُ بِهِ ، وَلَا يُشَكُّ فِي أَنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ عَرَفَ بَعْدَ زَوَالِ الْغَضَبِ عَنْهُ حُسْنَ اخْتِيَارِ
عُثْمَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَبَقِيَ عَلَى مُوَافَقَتِهِمْ وَتَرَكَ الْخِلَافَ لَهُمْ . فَالشَّائِعُ الذَّائِعُ الْمُتَعَالَمُ عِنْدَ أَهْلِ الرِّوَايَةِ وَالنَّقْلِ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ تَعَلَّمَ بَقِيَّةَ الْقُرْآنِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ : مَاتَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَبْلَ أَنْ يَخْتِمَ الْقُرْآنَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17376يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ : الْمُعَوِّذَتَانِ بِمَنْزِلَةِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ ، مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ، فَقِيلَ لَهُ : فَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِيهِمَا ؟ فَقَالَ : لَا خِلَافَ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ مَاتَ وَهُوَ لَا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ .
قُلْتُ : هَذَا فِيهِ نَظَرٌ ، وَسَيَأْتِي . وَرَوَى
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ قَالَ
حَمَّادٌ : أَظُنُّهُ عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي الْآيَةِ فَيَقُولُونَ أَقْرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَانَ بْنَ فُلَانٍ ; فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ
الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثِ لَيَالٍ فَيُرْسَلُ إِلَيْهِ فَيُجَاءُ بِهِ ، فَيُقَالُ : كَيْفَ أَقْرَأَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آيَةَ كَذَا وَكَذَا ؟ فَيَكْتُبُونَ كَمَا قَالَ . قَالَ
ابْنُ شِهَابٍ : وَاخْتَلَفُوا يَوْمَئِذٍ فِي التَّابُوتِ ، فَقَالَ
زَيْدٌ : التَّابُوهُ . وَقَالَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ nindex.php?page=showalam&ids=74وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ : التَّابُوتُ ; فَرُفِعَ اخْتِلَافُهُمْ إِلَى
عُثْمَانَ فَقَالَ : اكْتُبُوهُ بِالتَّاءِ ; فَإِنَّهُ نَزَلَ بِلِسَانِ
قُرَيْشٍ . أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : قَرَأَهُ
زَيْدٌ بِالْهَاءِ وَالْقُرَشِيُّونَ بِالتَّاءِ ، فَأَثْبَتُوهُ بِالتَّاءِ ; وَكُتِبَتِ الْمَصَاحِفُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ غَابِرَ الدَّهْرِ ، وَنَسَخَ مِنْهَا
عُثْمَانُ نُسَخًا . قَالَ غَيْرُهُ : قِيلَ سَبْعَةٌ ، وَقِيلَ أَرْبَعَةٌ وَهُوَ الْأَكْثَرُ ، وَوَجَّهَ بِهَا إِلَى الْآفَاقِ ، فَوَجَّهَ
لِلْعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ بِأُمَّهَاتٍ ، فَاِتَّخَذَهَا قُرَّاءُ الْأَمْصَارِ مُعْتَمَدَ اخْتِيَارَاتِهِمْ ، وَلَمْ يُخَالِفْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مُصْحَفَهُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي بَلَغَهُ ، وَمَا وُجِدَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي حُرُوفٍ يُزِيدُهَا بَعْضُهُمْ وَيُنْقِصُهَا بَعْضُهُمْ فَذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمُ اعْتَمَدَ عَلَى مَا بَلَغَهُ فِي مُصْحَفِهِ وَرَوَاهُ ، إِذْ قَدْ كَانَ
عُثْمَانُ كَتَبَ تِلْكَ الْمَوَاضِعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَمْ يَكْتُبْهَا فِي بَعْضٍ إِشْعَارًا بِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ ، وَأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِكُلٍّ مِنْهَا جَائِزَةٌ ، قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : ثُمَّ إِنَّ
عُثْمَانَ أَمَرَ بِمَا سِوَاهَا مِنَ الْمَصَاحِفِ أَنْ تُحَرَّقَ أَوْ تُخَرَّقَ ، تُرْوَى بِالْحَاءِ غَيْرِ مَنْقُوطَةٍ وَتُرْوَى بِالْخَاءِ عَلَى مَعْنَى ثُمَّ تُدْفَنُ ، وَرِوَايَةُ الْحَاءِ غَيْرِ مَنْقُوطَةٍ أَحْسَنُ .
وَذَكَرَ
أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ فِي كِتَابِ " الرَّدِّ " عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16072سُوِيدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ : سَمِعْتُ
عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ يَقُولُ : يَا مَعْشَرَ النَّاسِ ، اتَّقَوْا اللَّهَ ! وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي
عُثْمَانَ ، وَقَوْلُكُمْ : حَرَّاقُ الْمَصَاحِفِ ; فَوَاللَّهِ مَا حَرَّقَهَا إِلَّا عَنْ مَلَأٍ مِنَّا أَصْحَابَ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَعَنْ
عُمَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ : قَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَوْ كُنْتُ الْوَالِيَ وَقْتَ
عُثْمَانَ لَفَعَلْتُ فِي الْمَصَاحِفِ مِثْلَ الَّذِي فَعَلَ
عُثْمَانُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12997أَبُو الْحَسَنِ بْنُ بَطَّالٍ : وَفِي أَمْرِ
عُثْمَانَ بِتَحْرِيقِ الصُّحُفِ وَالْمَصَاحِفِ حِينَ جَمَعَ الْقُرْآنَ جَوَازُ
nindex.php?page=treesubj&link=32392_23304تَحْرِيقِ الْكُتُبِ الَّتِي فِيهَا أَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنَّ ذَلِكَ إِكْرَامٌ لَهَا وَصِيَانَةٌ عَنِ الْوَطْءِ بِالْأَقْدَامِ ، وَطَرْحِهَا فِي ضَيَاعٍ مِنَ الْأَرْضِ . رَوَى
مُعْمَرٌ عَنِ
ابْنِ طَاوُسَ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ كَانَ يَحْرِقُ
[ ص: 61 ] الصُّحُفَ إِذَا اجْتَمَعَتْ عِنْدَهُ الرَّسَائِلُ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . وَحَرَقَ
عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ كُتُبَ فِقْهٍ كَانَتْ عِنْدَهُ يَوْمَ الْحَرَّةِ ، وَكَرِهَ
إِبْرَاهِيمُ أَنْ تُحْرَقَ الصُّحُفُ إِذَا كَانَ فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ; وَقَوْلُ مَنْ حَرَقَهَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ ، وَقَدْ فَعَلَهُ
عُثْمَانُ . وَقَدْ قَالَ
الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ لِسَانُ الْأُمَّةِ : جَائِزٌ لِلْإِمَامِ تَحْرِيقُ الصُّحُفِ الَّتِي فِيهَا الْقُرْآنُ ، إِذَا أَدَّاهُ الِاجْتِهَادُ إِلَى ذَلِكَ .
فَصْلٌ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : وَفِي فِعْلِ
عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28660_29462رَدٌّ عَلَى الْحُلُولِيَّةِ وَالْحَشْوِيَّةِ الْقَائِلَيْنِ بِقِدَمِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ ، وَأَنَّ الْقِرَاءَةَ وَالتِّلَاوَةَ قَدِيمَةٌ ، وَأَنَّ الْإِيمَانَ قَدِيمٌ ، وَالرُّوحُ قَدِيمٌ ; وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ وَكُلُّ أُمَّةٍ مِنَ
النَّصَارَى وَالْيَهُودِ وَالْبَرَاهِمَةِ بَلْ كُلُّ مُلْحِدٍ وَمُوَحَّدٍ أَنَّ الْقَدِيمَ لَا يُفْعَلُ وَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ قُدْرَةُ قَادِرٍ بِوَجْهٍ وَلَا بِسَبَبِ ، وَلَا يَجُوزُ الْعَدْمُ عَلَى الْقَدِيمِ وَأَنَّ الْقَدِيمَ لَا يَصِيرُ مُحْدَثًا ، وَالْمُحْدَثُ لَا يَصِيرُ قَدِيمًا ، وَأَنَّ الْقَدِيمَ مَا لَا أَوَّلَ لِوُجُودِهِ ، وَأَنَّ الْمُحْدَثَ هُوَ مَا كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ ، وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ خَرَقَتْ إِجْمَاعَ الْعُقَلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ وَغَيْرِهِمْ ; فَقَالُوا : يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ الْمُحْدَثُ قَدِيمًا ، وَأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَرَأَ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى فَعَلَ كَلَامًا لِلَّهِ قَدِيمًا ، وَكَذَلِكَ إِذَا نَحَتَ حُرُوفًا مِنَ الْآجُرِّ وَالْخَشَبِ ، أَوْ صَاغَ أَحْرُفًا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، أَوْ نَسَجَ ثَوْبًا فَنَقَشَ عَلَيْهِ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ فَعَلَ هَؤُلَاءِ كَلَامَ اللَّهِ قَدِيمًا ، وَصَارَ كَلَامُهُ مَنْسُوجًا قَدِيمًا وَمَنْحُوتًا قَدِيمًا وَمَصُوغًا قَدِيمًا ; فَيُقَالُ لَهُمْ : مَا تَقُولُونَ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى ، أَيَجُوزُ أَنْ يُذَابَ وَيُمْحَى وَيُحْرَقَ ؟ فَإِنْ قَالُوا : نَعَمْ ، فَارَقُوا الدِّينَ ، وَإِنْ قَالُوا : لَا ، قِيلَ لَهُمْ : فَمَا قَوْلُكُمْ فِي حُرُوفٍ مُصَوِّرَةٍ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ شَمْعٍ ، أَوْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ كَاغِدٍ فَوَقَعَتْ فِي النَّارِ فَذَابَتْ وَاحْتَرَقَتْ ، فَهَلْ تَقُولُونَ : إِنَّ كَلَامَ اللَّهِ احْتَرَقَ ؟ فَإِنْ قَالُوا : نَعَمْ ، تَرَكُوا قَوْلَهُمْ ; وَإِنْ قَالُوا : لَا ، قِيلَ لَهُمْ أَلَيْسَ قُلْتُمْ : إِنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ كَلَامُ اللَّهِ وَقَدِ احْتَرَقَتْ ! وَقُلْتُمْ : إِنَّ هَذِهِ الْأَحْرُفَ كَلَامُهُ وَقَدْ ذَابَتْ ، فَإِنْ قَالُوا : احْتَرَقَتِ الْحُرُوفُ وَكَلَامُهُ تَعَالَى بَاقٍ رَجَعُوا إِلَى الْحَقِّ وَالصَّوَابِ وَدَانُوا بِالْجَوَابِ ; وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُنَبِّهًا عَلَى مَا يَقُولُ أَهْلُ الْحَقِّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=836667وَلَوْ كَانَ الْقُرْآنُ فِي إِهَابٍ ثُمَّ وَقَعَ فِي النَّارِ مَا احْتَرَقَ . وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=832785أَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تَقْرَؤُهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ الْحَدِيثَ ، أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ . فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ كَلَامَهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلَا يُشْبِهُ الْحُرُوفَ . وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَطُولُ وَتَتْمِيمُهَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ ، وَقَدْ بَيَّنَّاهَا فِي ( الْكِتَابِ الْأَسْنَى ، فِي شَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى ) .
فَصْلٌ : وَقَدْ طَعَنَ
الرَّافِضَةُ - قَبَّحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْقُرْآنِ ، وَقَالُوا : إِنَ الْوَاحِدَ يَكْفِي فِي نَقْلِ الْآيَةِ وَالْحَرْفِ كَمَا فَعَلْتُمْ ، فَإِنَّكُمْ أَثْبَتُّمْ بِقَوْلِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ
خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ وَحْدَهُ آخِرَ سُورَةِ " بَرَاءَةٌ " وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=23مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ [ الْأَحْزَابِ : 23 ] فَالْجَوَابُ أَنَّ
خُزَيْمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا جَاءَ بِهِمَا تَذَكَّرَهُمَا كَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ، وَقَدْ كَانَ
زَيْدٌ يَعْرِفُهُمَا ، وَلِذَلِكَ قَالَ : فَقَدْتُ آيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ
[ ص: 62 ] " التَّوْبَةِ " . وَلَوْ لَمْ يُعْرِفْهُمَا لَمْ يَدْرِ هَلْ فَقَدَ شَيْئًا أَوْ لَا ، فَالْآيَةُ إِنَّمَا ثَبَتَتْ بِالْإِجْمَاعِ لَا
بِخُزَيْمَةَ وَحْدَهُ . جَوَابٌ ثَانٍ : إِنَّمَا ثَبَتَتْ بِشَهَادَةِ
خُزَيْمَةَ وَحْدَهُ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّتِهَا فِي صِفَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهِيَ قَرِينَةٌ تُغْنِي عَنْ طَلَبِ شَاهِدٍ آخَرَ بِخِلَافِ آيَةِ الْأَحْزَابِ فَإِنَّ تِلْكَ ثَبَتَتْ بِشَهَادَةِ
زَيْدٍ وَأَبِي خُزَيْمَةَ لِسَمَاعِهِمَا إِيَّاهَا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَعْنَاهُ
الْمُهَلَّبُ ، وَذَكَرَ أَنَّ
خُزَيْمَةَ غَيْرُ
أَبِي خُزَيْمَةَ ، وَأَنَّ
أَبَا خُزَيْمَةَ الَّذِي وُجِدَتْ مَعَهُ آيَةُ التَّوْبَةِ مَعْرُوفٌ مِنَ
الْأَنْصَارِ ، وَقَدْ عَرَفَهُ
أَنَسٌ وَقَالَ : نَحْنُ وَرِثْنَاهُ ، وَالَّتِي فِي الْأَحْزَابِ وُجِدَتْ مَعَ
خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ فَلَا تَعَارُضَ ; وَالْقِصَّةُ غَيْرُ الْقِصَّةِ لَا إِشْكَالَ فِيهَا وَلَا الْتِبَاسَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ :
أَبُو خُزَيْمَةَ لَا يُوقَفُ عَلَى صِحَّةِ اسْمِهِ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ ; وَهُوَ
أَبُو خُزَيْمَةَ بْنُ أَوْسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَصْرَمَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ ، شَهِدَ
بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا مِنَ الْمَشَاهِدِ ، وَتُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ
عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَهُوَ أَخُو
مَسْعُودِ بْنِ أَوْسٍ . قَالَ
ابْنُ شِهَابٍ عَنْ
عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : وَجَدْتُ آخِرَ التَّوْبَةِ مَعَ
أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ وَهُوَ هَذَا ، وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
الْحَارِثِ بْنِ خُزَيْمَةَ أَبِي خُزَيْمَةَ نَسَبٌ إِلَّا اجْتِمَاعِهِمَا فِي
الْأَنْصَارِ ، أَحَدُهُمَا أَوْسِيٌ وَالْآخَرُ خَزْرَجَيٌّ . وَفِي
مُسْلِمٍ nindex.php?page=showalam&ids=12070وَالْبُخَارِيِّ عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ
الْأَنْصَارِ :
أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=32وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=47وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ،
وَأَبُو زَيْدٍ - قُلْتُ
لِأَنَسٍ : مَنْ
أَبُو زَيْدٍ ؟ قَالَ : أَحَدُ عُمُومَتِي . وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ أَيْضًا عَنْ
أَنَسٍ قَالَ : مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ :
أَبُو الدَّرْدَاءِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=32وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ،
وَزَيْدٌ ،
وَأَبُو زَيْدٍ ; قَالَ : وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ . وَفِي أُخْرَى قَالَ : مَاتَ
أَبُو زَيْدٍ وَلَمْ يَتْرُكْ عَقِبًا ، وَكَانَ بَدْرِيًّا ، وَاسْمُ
أَبِي زَيْدٍ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ . قَالَ
ابْنُ الطَّيِّبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَا تَدُلُّ هَذِهِ الْآثَارُ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَحْفَظْهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَجْمَعْهُ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ مِنَ
الْأَنْصَارِ كَمَا قَالَ
أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، فَقَدْ ثَبَتَ بِالطُّرُقِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَنَّهُ جَمَعَ الْقُرْآنَ
عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=155وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=63وَعُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ nindex.php?page=showalam&ids=13وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنُ الْعَاصِ فَقَوْلُ
أَنَسٍ : لَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ ، يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ وَأَخَذَهُ تَلْقِينًا مِنْ فِيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ تِلْكَ الْجَمَاعَةِ ; فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ أَخَذَ بَعْضُهُ عَنْهُ وَبَعْضُهُ مِنْ غَيْرِهِ ، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الرِّوَايَاتُ بِأَنَّ الْأَئِمَّةَ الْأَرْبَعَةَ جَمَعُوا الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَجْلِ سَبْقِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَإِعْظَامِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُمْ .
قُلْتُ : لَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي ،
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=267وَسَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِيمَا رَأَيْتُ ، وَهُمَا مِمَّنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ . رَوَى
جَرِيرٌ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الصَّهْبَانِيِّ عَنْ
كُمَيْلٍ قَالَ :
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَمَنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَمَرَرْنَا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يُصَلِّي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَنْ هَذَا الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ . فَقِيلَ لَهُ : هَذَا nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَمِّ عَبْدٍ ; فَقَالَ : إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ الْحَدِيثَ . قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : مَعْنَى قَوْلِهِ : غَضَّا كَمَا أُنْزِلَ أَيْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ الْحَرْفَ الْأَوَّلَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ دُونَ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ الَّتِي رُخِّصَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِرَاءَتِهِ عَلَيْهَا بَعْدَ مُعَارَضَةِ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْقُرْآنَ إِيَّاهُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ . وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ عَنِ
الْأَعْمَشِ nindex.php?page=hadith&LINKID=836670عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=12062أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ : قَالَ لِي nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ : أَيُّ الْقِرَاءَتَيْنِ تَقْرَأُ ؟ قُلْتُ : الْقِرَاءَةُ الْأُولَى قِرَاءَةُ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ ; فَقَالَ لِي : بَلْ هِيَ الْآخِرَةُ ، إِنَّ [ ص: 63 ] رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعْرِضُ الْقُرْآنَ عَلَى جِبْرِيلَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَضَهُ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ ، فَحَضَرَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ فَعَلِمَ مَا نُسِخَ مِنْ ذَلِكَ وَمَا بُدِّلَ . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830047خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ - فَبَدَأَ بِهِ - nindex.php?page=showalam&ids=32وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ nindex.php?page=showalam&ids=267وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ .
قُلْتُ : هَذِهِ الْأَخْبَارُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ جَمَعَ الْقُرْآنَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافَ مَا تَقَدَّمَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَدْ ذَكَرَ
أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ فِي كِتَابِ " الرَّدِّ " : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ شَهْرَيَارَ حَدَّثَنَا
حُسَيْنُ بْنُ الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ
أَبِي بَكْرٍ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ :
قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : قَرَأْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سُورَةً - أَوْ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ سُورَةً - وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْبَقَرَةِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [ الْبَقَرَةِ : 222 ] . قَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ : وَتَعَلَّمَ
عَبْدُ اللَّهِ بَقِيَّةَ الْقُرْآنِ مِنْ
مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ الْأَنْصَارِيِّ .
قُلْتُ : فَإِنْ صَحَّ هَذَا ، صَحَّ الْإِجْمَاعُ الَّذِي
ذَكَرَهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ
الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ مَعَ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَحَفِظَهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ : حَدَّثَنِي
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْخُوزِيُّ حَدَّثَنَا
يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا
مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا
زُهَيْرٌ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ : سَأَلْتُ
الْأَسْوَدَ مَا كَانَ
عَبْدُ اللَّهِ يَصْنَعُ بِسُورَةِ الْأَعْرَافِ ؟ فَقَالَ : مَا كَانَ يَعْلَمُهَا حَتَّى قَدِمَ
الْكُوفَةَ ; قَالَ : وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : مَاتَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ ; فَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ لَمْ تُوجِدَا فِي مُصْحَفِهِ ، وَقِيلَ غَيْرُ هَذَا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ آخِرَ الْكِتَابِ عِنْدَ ذِكْرِ " الْمُعَوِّذَتَيْنِ " إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
قَالَ
أَبُو بَكْرٍ : وَالْحَدِيثُ الَّذِي حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا
يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا
عُمَرُ بْنُ هَارُونَ الْخُرَاسَانِيُّ عَنْ
رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ : كَانَ مِمَّنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ، حَدِيثٌ لَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، إِنَّمَا هُوَ مَقْصُورٌ عَلَى
مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ فَهُوَ مَقْطُوعٌ لَا يُؤْخَذُ بِهِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ .
قُلْتُ : قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830047خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنَ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ ذَلِكَ أَنَّ أَصْحَابَ الْقِرَاءَاتِ مَنْ
أَهْلِ الْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ كُلٌّ مِنْهُمْ عَزَا قِرَاءَتَهُ الَّتِي اخْتَارَهَا إِلَى رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَرَأَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، لَمْ يَسْتَثْنِ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرْآنِ شَيْئًا ; فَأَسْنَدَ
عَاصِمٌ قِرَاءَتَهُ إِلَى
عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَأَسْنَدَ
ابْنُ كَثِيرٍ قِرَاءَتَهُ إِلَى
أُبَيٍّ ، وَكَذَلِكَ
أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ أَسْنَدَ قِرَاءَتَهُ إِلَى
أُبَيٍّ ، وَأَمَّا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ فَإِنَّهُ أَسْنَدَ قِرَاءَتَهُ إِلَى
عُثْمَانَ وَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ : قَرَأْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَأَسَانِيدُ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ مُتَّصِلَةً وَرِجَالُهَا ثِقَاتٌ . قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14228الْخَطَّابِيُّ .
[ ص: 64 ]