الآية الموفية عشرين قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=10996ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض } فيها اثنتا عشرة مسألة :
[ ص: 501 ]
المسألة الأولى : في حكمة الآية : انظروا رحمكم الله إلى مراعاة الباري سبحانه لمصالحنا وحسن تقديره في تدبيره لأحكامنا ; وذلك أنه لما ضرب الرق على الخلق عقوبة للجاني وخدمة للمعصوم ، وعلم أن العلاقة قد تنتظم بالرق في باب الشهوة التي رتبها جبلة ، ورتب النكاح عليها في اتحاد القرون وترتيب النظر ، وشرفه لشرف فائدته ومقصوده من وجود الآدمي عليه صان عنه محل المملوكية لثلاثة أوجه : أحدها : أن فيها سبب الحل وطريق التحريم ، والاستمتاع يكفي .
الثاني : وهو المقصود صيانة النطفة عن التصوير بصورة الإرقاق .
الثالث : صيانة لعقد النكاح حين كثر شروطه ، وأعلى درجته ، وكمل صفته ; وقد كان سبق في علمه أن أحوال الخلق ستستقيم بقسمته إلى ضيق وسعة وضرورة أذن في حال الضرورة للحر في تعريض نطفته للإرقاق ، لئلا يكون مراعاة أمر موهوم يؤدي إلى فساد حال متوقعة ، حتى قال بعض العلماء : إن الهوى يجيز نكاح الإماء ، وهذا منتهى نظر المحققين في مطالعة الأحكام من بحر الشرع وساحل العقل ; فاتخذوها مقدمة لكل مسألة تتعلق بها .
المسألة الثانية : في فهم سياق الآية : اعلموا وفقكم الله تعالى أن العلماء اختلفوا في سياق هذه الآية ; فمنهم من قال : إنها سيقت مساق الرخص ، كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فلم تجدوا ماء فتيمموا } ونحوه . فإذا كانت كذلك وجب أن تلحق بالرخص التي تكون مقرونة بأحوال الحاجة وأوقاتها ، ولا يسترسل في الجواز استرسال العزائم ; وإلى هذا مال جماعة من الصحابة ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ; ومنهم من جعلها أصلا ، وجوز
nindex.php?page=treesubj&link=25800نكاح الأمة مطلقا ، ومال إليه
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة .
[ ص: 502 ] وقد جهل مساق الآية من ظن هذا فقد قال الله تعالى ما يدل على أنه لم يبح نكاح الأمة إلا بشرطين : أحدهما عدم الطول ، والثاني خوف العنت ; فجاء به شرطا على شرط ، ثم ذكر الحرائر من المؤمنات والحرائر من
أهل الكتاب ذكرا مطلقا ; فلما ذكر الإماء المؤمنات ذكرها ذكرا مشروطا مؤكدا مربوطا .
فإن قيل : حلقتم على دليل الخطاب بألفاظ هائلة ، وليس في هذه الآية إلا أن الله تعالى ذكر في نكاح الأمة وصفا أو وصفين فأردتم أن يكون الآخر بخلافه ، وهذا دليل الخطاب الذي نازعناكم فيه مذ كنا وكنتم .
فالجواب عنه من وجهين : أحدهما : أنا نقول : دليل الخطاب أصل من أصولنا ، وقد دللنا عليه في أصول الفقه وحققناه تحقيقا لا قبل لكم به ، ومن أراد دراه .
الثاني : أن هذه الآية ليست مسوقة مساق دليل الخطاب كما بينا ; وإنما هي مسوقة مساق الإبدال ، وإنما كانت تكون مسوقة مساق شبه دليل الخطاب لو قلنا : انكحوا المحصنات المؤمنات بطول وعند خوف عنت ، فأما وقد قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ومن لم يستطع منكم } ; فقرنه بالقدرة التي رتب عليها الإبدال في الشريعة وأدخلها في بابها بعبارتها ومعناها لم يقدر أحد أن يخرجها عنها ، فليس لرجل حكمه الله واضع .
ومن غريب دليل الخطاب أن الباري تعالى قد يخص الوصف بالذكر للتنبيه ، وقد يخصه بالعرف ، وقد يخصه باتفاق الحال ، فالأول كقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فلا تقل لهما أف } ، وقد قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=31ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق } فإنه تنبيه على حالة الإثراء ، وخص حالة الإملاق بالنهي ; لأنها هي التي يمكن أن يتعرض الأب لقتل الابن فيها . وكذلك قوله تعالى :
[ ص: 503 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=130لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة } خص حالة الإكثار والإثراء التي تتعلق بها النفوس بالنهي ; فأما إذا وقع شرط بقدرة فهو نص في البدلية والرخصة ، وإن وقع بتنبيه مقرونا بحالة أو عادة كان ظاهرا ، كقوله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35942من باع نخلا قد أبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترطها المبتاع } . وقد مهدنا ذلك في مسائل الخلاف ، وبينا أن خمسة من الأدلة تقتضي في المعنى أن نكاح الأمة رخصة ، فلما انتهى النظر إلى هذا المقام ، ورأى المحققون من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أن نكاح الأمة رخصة ، وأنه مشروط بعد الطول تحكم في الطول ، وهي :
المسألة الثالثة : فقال : إن الطول هو وجود الحرة تحته ، فإذا كانت تحته حرة فهو ذو طول ، فلا يجوز له نكاح الأمة ، هذا تأويل
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف . وتحقيقه عندهم أن الطول في لسان
العرب هو القدرة ، والنكاح هو الوطء حقيقة ، فمعناه من لم يقدر أن يطأ حرة فليتزوج أمة ، وهذا هو حقيقة في الذي تحته حرة فلا ينقل إلى المجاز إلا بدليل . أجاب علماؤنا بأن قالوا : الطول هو الغنى والسعة ، بدليل قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=86استأذنك أولوا الطول منهم } .
والنكاح هو العقد ، فمعناه
nindex.php?page=treesubj&link=25800من لم يكن عنده صداق حرة فليتزوج أمة ، وكذلك فسره جماعة من الصحابة والتابعين ، ويعضده قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ذلك لمن خشي العنت منكم } ، وهذا أقوى ألفاظ الحصر ، كقوله في شروط المتعة في الحج : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام } .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة لا يشترط خوف العنت .
الْآيَةُ الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=10996وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ } فِيهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ مَسْأَلَةً :
[ ص: 501 ]
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي حِكْمَةِ الْآيَةِ : اُنْظُرُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ إلَى مُرَاعَاةِ الْبَارِي سُبْحَانَهُ لِمَصَالِحِنَا وَحُسْنِ تَقْدِيرِهِ فِي تَدْبِيرِهِ لِأَحْكَامِنَا ; وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ضَرَبَ الرِّقَّ عَلَى الْخَلْقِ عُقُوبَةً لِلْجَانِي وَخِدْمَةً لِلْمَعْصُومِ ، وَعَلِمَ أَنَّ الْعَلَّاقَةَ قَدْ تَنْتَظِمُ بِالرِّقِّ فِي بَابِ الشَّهْوَةِ الَّتِي رَتَّبَهَا جِبِلَّةً ، وَرَتَّبَ النِّكَاحَ عَلَيْهَا فِي اتِّحَادِ الْقُرُونِ وَتَرْتِيبِ النَّظَرِ ، وَشَرَّفَهُ لِشَرَفِ فَائِدَتِهِ وَمَقْصُودِهِ مِنْ وُجُودِ الْآدَمِيِّ عَلَيْهِ صَانَ عَنْهُ مَحِلَّ الْمَمْلُوكِيَّةِ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّ فِيهَا سَبَبَ الْحِلِّ وَطَرِيقَ التَّحْرِيمِ ، وَالِاسْتِمْتَاعُ يَكْفِي .
الثَّانِي : وَهُوَ الْمَقْصُودُ صِيَانَةُ النُّطْفَةِ عَنْ التَّصْوِيرِ بِصُورَةِ الْإِرْقَاقِ .
الثَّالِثُ : صِيَانَةٌ لِعَقْدِ النِّكَاحِ حِينَ كَثَّرَ شُرُوطَهُ ، وَأَعْلَى دَرَجَتَهُ ، وَكَمَّلَ صِفَتَهُ ; وَقَدْ كَانَ سَبَقَ فِي عِلْمِهِ أَنَّ أَحْوَالَ الْخَلْقِ سَتَسْتَقِيمُ بِقِسْمَتِهِ إلَى ضِيقٍ وَسَعَةٍ وَضَرُورَةٍ أَذِنَ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ لِلْحُرِّ فِي تَعْرِيضِ نُطْفَتِهِ لِلْإِرْقَاقِ ، لِئَلَّا يَكُونَ مُرَاعَاةَ أَمْرٍ مَوْهُومٍ يُؤَدِّي إلَى فَسَادِ حَالٍ مُتَوَقَّعَةٍ ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : إنَّ الْهَوَى يُجِيزُ نِكَاحَ الْإِمَاءِ ، وَهَذَا مُنْتَهَى نَظَرُ الْمُحَقِّقِينَ فِي مُطَالَعَةِ الْأَحْكَامِ مِنْ بَحْرِ الشَّرْعِ وَسَاحِلِ الْعَقْلِ ; فَاِتَّخَذُوهَا مُقَدِّمَةً لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِهَا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي فَهْمِ سِيَاقِ الْآيَةِ : اعْلَمُوا وَفَّقَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي سِيَاقِ هَذِهِ الْآيَةِ ; فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إنَّهَا سِيقَتْ مَسَاقَ الرُّخَصِ ، كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=4فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } وَنَحْوُهُ . فَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ تُلْحَقَ بِالرُّخَصِ الَّتِي تَكُونُ مَقْرُونَةً بِأَحْوَالِ الْحَاجَةِ وَأَوْقَاتِهَا ، وَلَا يَسْتَرْسِلُ فِي الْجَوَازِ اسْتِرْسَالَ الْعَزَائِمِ ; وَإِلَى هَذَا مَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ ، وَاخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ ; وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا أَصْلًا ، وَجَوَّزَ
nindex.php?page=treesubj&link=25800نِكَاحَ الْأَمَةِ مُطْلَقًا ، وَمَالَ إلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ .
[ ص: 502 ] وَقَدْ جَهِلَ مَسَاقَ الْآيَةِ مَنْ ظَنَّ هَذَا فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُبَحْ نِكَاحُ الْأَمَةِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ : أَحَدُهُمَا عَدَمُ الطَّوْلِ ، وَالثَّانِي خَوْفُ الْعَنَتِ ; فَجَاءَ بِهِ شَرْطًا عَلَى شَرْطٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَرَائِرَ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْحَرَائِرَ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ ذِكْرًا مُطْلَقًا ; فَلَمَّا ذَكَرَ الْإِمَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ ذَكَرَهَا ذِكْرًا مَشْرُوطًا مُؤَكَّدًا مَرْبُوطًا .
فَإِنْ قِيلَ : حَلَّقْتُمْ عَلَى دَلِيلِ الْخِطَابِ بِأَلْفَاظٍ هَائِلَةٍ ، وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ وَصْفًا أَوْ وَصْفَيْنِ فَأَرَدْتُمْ أَنْ يَكُونَ الْآخَرُ بِخِلَافِهِ ، وَهَذَا دَلِيلُ الْخِطَابِ الَّذِي نَازَعْنَاكُمْ فِيهِ مُذْ كُنَّا وَكُنْتُمْ .
فَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّا نَقُولُ : دَلِيلُ الْخِطَابِ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِنَا ، وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَحَقَّقْنَاهُ تَحْقِيقًا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ ، وَمَنْ أَرَادَ دَرَاهُ .
الثَّانِي : أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَيْسَتْ مَسُوقَةً مَسَاقَ دَلِيلِ الْخِطَابِ كَمَا بَيَّنَّا ; وَإِنَّمَا هِيَ مَسُوقَةٌ مَسَاقَ الْإِبْدَالِ ، وَإِنَّمَا كَانَتْ تَكُونُ مَسُوقَةً مَسَاقَ شِبْهِ دَلِيلِ الْخِطَابِ لَوْ قُلْنَا : انْكِحُوا الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ بِطَوْلٍ وَعِنْدَ خَوْفِ عَنَتٍ ، فَأَمَّا وَقَدْ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ } ; فَقَرَنَهُ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي رَتَّبَ عَلَيْهَا الْإِبْدَالَ فِي الشَّرِيعَةِ وَأَدْخَلَهَا فِي بَابِهَا بِعِبَارَتِهَا وَمَعْنَاهَا لَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهَا ، فَلَيْسَ لِرَجُلٍ حَكَمَهُ اللَّهُ وَاضِعٌ .
وَمِنْ غَرِيبِ دَلِيلِ الْخِطَابِ أَنَّ الْبَارِي تَعَالَى قَدْ يَخُصُّ الْوَصْفَ بِالذَّكَرِ لِلتَّنْبِيهِ ، وَقَدْ يَخُصُّهُ بِالْعُرْفِ ، وَقَدْ يَخُصُّهُ بِاتِّفَاقِ الْحَالِ ، فَالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=31وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلَاقٍ } فَإِنَّهُ تَنْبِيهٌ عَلَى حَالَةِ الْإِثْرَاءِ ، وَخَصَّ حَالَةَ الْإِمْلَاقِ بِالنَّهْيِ ; لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَرَّضَ الْأَبُ لَقَتْلِ الِابْنِ فِيهَا . وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى :
[ ص: 503 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=130لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً } خَصَّ حَالَةَ الْإِكْثَارِ وَالْإِثْرَاءِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَا النُّفُوسُ بِالنَّهْيِ ; فَأَمَّا إذَا وَقَعَ شَرْطٌ بِقُدْرَةٍ فَهُوَ نَصٌّ فِي الْبَدَلِيَّةِ وَالرُّخْصَةِ ، وَإِنْ وَقَعَ بِتَنْبِيهٍ مَقْرُونًا بِحَالَةٍ أَوْ عَادَةً كَانَ ظَاهِرًا ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35942مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ } . وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ ، وَبَيَّنَّا أَنَّ خَمْسَةً مِنْ الْأَدِلَّةِ تَقْتَضِي فِي الْمَعْنَى أَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ رُخْصَةٌ ، فَلَمَّا انْتَهَى النَّظَرُ إلَى هَذَا الْمَقَامِ ، وَرَأَى الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ رُخْصَةٌ ، وَأَنَّهُ مَشْرُوطٌ بَعْدَ الطَّوْلِ تَحَكَّمَ فِي الطَّوْلِ ، وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : فَقَالَ : إنَّ الطَّوْلَ هُوَ وُجُودُ الْحُرَّةِ تَحْتَهُ ، فَإِذَا كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ فَهُوَ ذُو طَوْلٍ ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ ، هَذَا تَأْوِيلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ . وَتَحْقِيقُهُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الطَّوْلَ فِي لِسَانِ
الْعَرَبِ هُوَ الْقُدْرَةُ ، وَالنِّكَاحُ هُوَ الْوَطْءُ حَقِيقَةً ، فَمَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَطَأَ حُرَّةً فَلْيَتَزَوَّجْ أَمَةً ، وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةً فِي الَّذِي تَحْتَهُ حُرَّةٌ فَلَا يُنْقَلُ إلَى الْمَجَازِ إلَّا بِدَلِيلٍ . أَجَابَ عُلَمَاؤُنَا بِأَنْ قَالُوا : الطَّوْلُ هُوَ الْغِنَى وَالسَّعَةُ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=86اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ } .
وَالنِّكَاحُ هُوَ الْعَقْدُ ، فَمَعْنَاهُ
nindex.php?page=treesubj&link=25800مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ صَدَاقُ حُرَّةٍ فَلْيَتَزَوَّجْ أَمَةً ، وَكَذَلِكَ فَسَّرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، وَيُعَضِّدُهُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ } ، وَهَذَا أَقْوَى أَلْفَاظِ الْحَصْرِ ، كَقَوْلِهِ فِي شُرُوطِ الْمُتْعَةِ فِي الْحَجِّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَشْتَرِطُ خَوْفَ الْعَنَتِ .