والحج والعمرة لهما شأن يميزهما، فيلزمان بالشروع، كما قال: وأتموا الحج والعمرة لله ، فمن دخل فيهما لم يكن له الخروج، فالواقف بعرفة عليه إتمام الحج وإن كان متطوعا، وليس له أن يقف وينصرف باتفاق المسلمين.
فهذا الذي حملته الجن إلى عرفة ثم منها إلى بلده، قد ترك ما أمر الله به قبل الوقوف وبعد الوقوف وحال الوقوف، حيث وقف بثيابه من غير إحرام. ولو قدر أنه وقف بعرفة ومزدلفة ومنى كان قد ترك ما يجب عليه من الإحرام، وفعل ذلك في ثيابه بغير عذر. وهذا لا يجوز بالنص والإجماع.
ولهذا يذكر عن بعض المحمولين إلى عرفة من بلد بعيد - إما الإسكندرية أو غيره - أنه رأى في منامه وهو هناك ملائكة تنزل تكتب [ ص: 211 ] الحجاج، فقال: ألا تكتبوني؟ فقالوا: لست منهم، الحجاج هؤلاء الذين جاءوا ركبانا ومشاة، وأحرموا ووقفوا وهم يتمون الحج. أو كما قيل له.