[ ص: 106 ] حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما .
[23] حرمت عليكم أمهاتكم أي: نكاحهن; لقوله: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم [النساء: 22] ، وهي جمع أم، فيدخل فيهن الجدات من قبل الأم والأب وإن علون.
وبناتكم جمع بنت، فيدخل فيهن بنات الأولاد وإن سفلن.
وأخواتكم جمع أخت، سواء كانت من قبل الأب والأم، أو من قبل أحدهما.
وعماتكم جمع عمة، فيدخل فيهن أخوات الآباء والأجداد وإن علون.
وخالاتكم جمع خالة، فيدخل فيهن جميع أخوات الأمهات والجدات.
وبنات الأخ وبنات الأخت يدخل فيهن بنات أولاد الأخ والأخت وإن [ ص: 107 ] سفلن، فهؤلاء المذكورات محرمات بالنسب بالاتفاق، وما بقي محرمات بالسبب، وهي: وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وتحريم الرضاع كتحريم النسب; لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ولا تثبت الحرمة بالرضاع عند "يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة" وأحمد إلا أن يرتضع قبل استكمال الحولين; لقوله تعالى: الشافعي والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين [البقرة: 233]، فلو ارتضع بعدهما بلحظة، لم تثبت، وعدد الرضاع المحرم عندهما خمس رضعات متفرقات، وعند مدة الرضاع ثلاثون شهرا; لقوله تعالى: أبي حنيفة وحمله وفصاله ثلاثون شهرا [الأحقاف: 15] ، وعند مالك وما قاربهما، وعندهما كثير الرضاع وقليله محرم. تحريم الرضاع في الحولين
وأمهات نسائكم فكل من عقد النكاح على امرأة حرمت عليه أمهاتها وجداتها من الرضاع والنسب بنفس العقد بالاتفاق.
وربائبكم جمع ربيبة، وهي بنت المرأة; لأن زوج الأم يربيها غالبا.
اللاتي في حجوركم جمع حجر، والمراد: البيوت; لأنها بمثابة الولد في التربية غالبا. [ ص: 108 ]
من نسائكم اللاتي دخلتم بهن أي: جامعتموهن.
فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم في نكاح بناتهن إذا فارقتموهن، أو متن فلا تحرم الربيبة عليه إلا بالدخول بأمها بالاتفاق.
وحلائل أبنائكم جمع حليلة، والذكر حليل; لأن كل واحد حلال لصاحبه، يعني: أزواج أبنائكم.
الذين من أصلابكم أي: ظهوركم، فتحرم زوجة الابن على أبيه بمجرد العقد بالاتفاق، وقوله: من أصلابكم ليعلم أن لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- تزوج امرأة حليلة المتبنى لا تحرم على الذي تبناه بالاتفاق; زيد، وكان قد تبناه، وكل امرأة تحرم بعقد النكاح فتحرم بالوطء في ملك اليمين، والوطء بشبهة النكاح، فيحرم على الواطئ أم الموطوءة وابنتها، وتحرم الموطوءة على أبي الواطئ وابنه بالاتفاق.
واختلف الأئمة في إثبات فقال تحريم المصاهرة بالزنا المحرم، أبو حنيفة يثبت تحريم المصاهرة، فلا يحل للرجل أن يتزوج امرأة زنى بها ابنه، أو أبوه، وقال وأحمد: مالك لا يثبت التحريم. والشافعي:
واختلفوا في إثبات فقال الثلاثة: لا يثبت التحريم، وقال أحمد: يثبته، فمن تلوط بغلام، حرم على كل واحد منهما أم الآخر وابنته. التحريم باللواط،
واختلفوا في المخلوقة من ماء الزنا، هل يجوز لمن خلقت من مائه أن يتزوجها؟ فقال يجوز، وقال الثلاثة: لا يجوز. الشافعي:
وأن تجمعوا أي: وحرم عليكم الجمع. [ ص: 109 ]
بين الأختين فلا يجوز للرجل الجمع بين الأختين من نسب أو رضاع، ولا بين المرأة وعمتها، ولا بينها وبين خالتها بالاتفاق; لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها".
واختلف الأئمة أو هل يجوز للرجل أن يتزوج امرأة والرابعة من نسائه في عدته من طلاق بائن، أو يتزوج بكل واحدة ممن يحرم عليه الجمع بينها وبين الثانية وهي في العدة، فقال يتزوج الأخت وأختها في عدته من طلاق بائن، مالك يجوز، وقال والشافعي: أبو حنيفة لا يجوز. وأحمد:
وأما إذا كان الطلاق رجعيا، فلا يجوز باتفاقهم، وكذلك لو فإذا وطئ إحداهما، لم يحل له وطء الأخرى حتى يحرم الأولى على نفسه بإخراج عن ملكه، أو تزويج، بالاتفاق. ملك أختين لا يجوز له أن يجمع بينهما في الوطء،
إلا ما قد سلف استثناء منقطع; أي: لكن ما مضى في الجاهلية، فإنه معفو عنه; لأنهم كانوا يفعلونه.
إن الله كان غفورا رحيما .